مُتربع على عرش الأمراض النفسية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مُتربع على عرش الأمراض النفسية

إن لم يجد ضعيف يتغذى عليه سيموت كِبره قهرًا.

  نشر في 17 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

~مُتربع على عرش الأمراض النفسية~

قد يجول بخاطرك حينما تقرأ عنوان كهذا بعضًا من الأمراض النفسية التي تجلجل أسماعنا من فِصام وأكتئاب، إلى ذهان و وسواس قهري.

ولكن في الحقيقة بطل هذه المقالة هو مرض وحالة نفسية مختلفة تمامًا بل ومنتشرة كالوباء من حولنا ونتعامل معها كشيئ طبيعي ومُعتاد حتى أنه لا تكاد أسرة تخلوا من مريض مصاحب لهذا المرض.

ألا وهو النرجسية..

نعم النرجسي هو بطلنا اليوم، ذاك المريض بالأنا، العالم والجميع جاهلون، المُدرك والجميع مغيبون، القوي وما دونه دون.

يتغذى على ضعفك وتنتعش روحه كلما شعر برجفة عينيك أمامه بعد أن ضرب نفسك في مقتل، ودهس أكبر نقاط ضعفك بحذائه والتي طال بحثه عنها مُنذ أن أصبحت من قائمة معارفة، أو لنقُل ضحاياه.

النرجسي ما هو إلا ثُقب أسود، يسحب بداخله طاقتك وقوتك ثقتك بذاتك وكبريائك شغفك وحُلمك، وكلما وضعه القدر في مكان ذي سلطة أكبر عليك كُلما تمكن من هدمك كحق مُكتسب، كأداة في حياته يبرز بها عظمته وقدرته المهولة.

إن كُنت ذو كبرياء وثقة بذاتك سيفعل كل شيء لهدمك والتقليل من شأنك كلما سنحت له الفرصة وبالنهاية سيتهمك بالغرور والكبر، وإن كُنت ذا علم سيتهمك بالجهل ويقذفك بكل ما يثبت أنك أحمق حتى وإن فعل ذلك عن طريق إخراج نفسك عن سيطرتك، لا يجب التحدث في حضرته فما أنتَ إلا مُستمع يجب عليه أن يستقي من معرفته ويستمع إلى بطولاته، وإذا راودك عقلك على إظهار ما تملك من بطولات على ساحته سيجعلك ضريح يداوي جروح كرامته حينما يأتي بأسوء ما بك ليستعمله ضدك، وهنا تصل إلى مرحلة الصمت التام كلما جمعتك به فرصة أو لقاء.

العلاقة مع شخص نرجسي هي بمثابة سُم سيسري في جسدك ببطئ حتى يودي بك إلى الهلاك.

فمثلًا دعونا ننظرإلى تسلسل أي علاقة عاطفية تدخُلها مع شخص نرجسي، ستجده في بادئ الأمر ساحر يأسر القلوب، يملك من سحر ما يجعلك مُنجذبًا له بشكل مُريب، كلماته معسولة وبه من اللُطف ما يجعلك على يقين بأنه ألطف من قابلته في حياتك.

فقط بعض الوقت حتى تقع في شباكه بشكل كامل حينها سيبدأ في الظهور على مسرح الحقيقة رويدًا رويدًا، يدُس لك سُمه في كلماته، يوضح أسوء صفاته بشكل مُبطن حتى يجعلك تُبرر له كل صفاته السيئة بل المقيتة وفي الوقت المناسب حينما تذهب السكرة وتأتي مرحلة الشكوى من هذه السلبيات ستجده يُخبرك بمنتهى البساطة أنه أخبرك بجميع سلبياته منذ البداية وأنت تقبلتها فلا مجال للومه على قرار أتخذته أنت، ثم القليل من الوقت الإضافي وسترى الوجة الآخر كاملًا وبكل شفافية فقد تمكن من امتلاكك ولا مجال للهرب، حينها ستبدأ ثقتك في نفسك في التداعي والانهيار وذلك بسبب تسليطه الضوء على جميع سلبياتك وحتى وإن كنُت ذو ثقة في ذاتك سيتعمد تكرار سلبياتك على أُذنك حتى يتسلل إلى نفسك ويأتي وقت السؤال المعهود لجميع ضحايا النرجسيون ألا وهو "هل أنا حقًا سيء؟ "

وهُنا هو أول من سيجيب على هذا السؤال مؤكدًا أفكارك تلك أيضًا بطريقة مُبطنه، وحينها سيوصلك إلى تلك المرحلة التي تقتنع بها أن وجودك مع ذاك المريض هو الأفضل لك.

فهو مُديرك الذي يتحمل أهمالك وتقصيرك رغم كل ما تبذله من جهد، وهو زوجك الذي يتقبلكِ رغم عيوبك الكثيرة وأخطائك المُتكررة والذي أعطى لنفسه الحق في معاقبتك إن خالفتِ أوامره، وهو نفسه من سيقرأ هذا المقال ويُنكر أن الحديث عنه.

في العادة عندما نصل إلى أحد الأمراض النفسية نبحث فورًا عن طُرق لمساعدة المريض ومن يتعامل معه أيضًا ولكني لم أجد مرضًا نفسيًا ذو تأثير بقوة تأثير هذا المرض على المريض ومن حوله، وبالرغم من أنني لطالما أقتنعت بأن كل شخص منا مهما بلغ سوءه يستحق شخص واحد فقط ينظر لقلبه لا لأفعاله يساعده ويسانده بلا كلل ولا أستسلام إلا أن النرجسي هو الوحيد الذي لا يُمكن لشخص مساعدته لأن العلاج لا يأتي إلا من مُعترف بالمرض، أما النرجسي فهو من إن رماه العالم بأسره بمرضه سيضعه تاجًا على رأسه ويحوله لشيء يميزه، بالإضافة لكونه لا يؤذي نفسه فقط بل كل من يقترب منه أيضًا ويُحول جميع من حوله إلى مرضى منهزمين.

وهنا يأتي دورنا لوضع طريقة للتعامل مع ذاك النموذج، وفي الحقيقة لم أجد طريقة رغم طول بحثي عن هذا المرض، وخصوصًا إن كان هذا الشخص ذو سلطة عليك ومُجبر على التعامل معه، ولكن بالنهاية دعونا نقول أن هذا النوع لم يوجد إلا لتجنبه أو التعامل معه بضعف قوته فالنرجسي لن يُعالج إلا أذا كُسر ظهره ورأي حقيقته الضعيفة أمام من هو أعتى منه.

وإلى هنا نصل إلى أخر حديثنا لهذا اليوم ولكن أحاديثنا عن ذاك المرض لن تنتهى حتى نُدرك جميعًا من هم هؤلاء الأشخاص ونستطيع تصنيفهم وتوخي الحذر في معاملتهم لذا سنتابع الحديث في مقالات قادمة، وأخيرًا ما أريد قوله هو أبتعدوا عن مريض النرجسية فهو إن لم يجد ضعيف يتغذى عليه سيموت كِبره قهرًا.

وإلى لقاء قريب.. 


  • 6

   نشر في 17 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

مقال رائع
أحسنتِ
2
زهراء منذ 3 سنة
جميلٌ طرحُك أُستاذتي..
أفضل طريقة للتعامل بحسب شهادات الناجين من علاقات نرجسية هي التجاهل.. فإن التجاهل التام يجعله يُجن وينهار من داخله ثم يُعيد مرحلة اللطف الشديد مجددا..
ليس لنا أن نخوض حربا مع نرجسي أبدا، بل نتركه لمن يقدر عليه والذي سيكون نرجسي مثله، أو من يفوقه سُلطة او مادة، أو يندثر إذا ما أصبح وحيدا أمام مجتمع ضده.. أما نحن كأفراد قد نتعرض لحيل نفسية بشعة إذا ما حاولنا أن نكسره.. ببساطة لن يُكسر!
2
أشرقت السعيد
مُتفقة معكِ تمامًا.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا