العنصرية في المغرب : أنفاس صامتة!
لمحة عن العنصرية في الوسط الإجتماعي المغربي
نشر في 08 يونيو 2020 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
بداية، لا يمكننا الخوض في الحديث عن العنصرية أو التطرق لها دون أن نضع لها تعريفا وتوضيحا.
العنصرية - كما متعارف عليها دوليا - هي المعتقدات أو السلوكات التي تعلي من شأن فئة معينة على حساب أخرى بناء على عناصر مرتبطة باللون أو الجنس أو اللغة والمعتقد الديني، وهي فعل غير إنساني مبني على الإضطهاد والكره!
وصفت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفصل العنصري بأنه "تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين" ، وقد أقرّت الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الميز العنصري سنة 1973 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1976.
إذا أردنا أن نعطي أمثلة عن العنصرية حاليا، فخير مثال نعطيه هو عنصرية البيض تجاه السود ( خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتبر مهداً للميز العنصري ضد العرق الأسود )، وأؤكد على أن هذا المثال هو فقط مظهر واحد من مظاهر العنصرية!
في هذا المقال سأتطرق للعنصرية في المغرب مع لمحة بسيطة على تاريخها، وكيف يتعامل معها المجتمع المغربي؟
إذا عدنا قرون قليلة للوراء، نجد أن الميز العنصري قديم في المغرب، وازدهر في زمن العبودية!
( العبيد، الحرطانيين، إسمغ، تاوايا ...) هي أسماء تختلف في تعابيرها لكنها تتوحد في إشارتها إلى من عاشوا العبودية في المغرب، وخصوصا السود من جنوب إفريقيا.
ازدهرت تجارة العبيد السود واستعبادهم في عهد ( المنصور الذهبي ) الذي ركز على جلب العبيد السود من بلاد السودان ليكون بهم جيشه و يجعلهم خدما في قصره!
من المتعارف عليه أن العبودية انتهت بشكل رسمي في المغرب مع بداية الإستعمار الفرنسي، لكنها لازالت حية في خفاء، حيث في سنة 2018 احتل المغرب المرتبة 121 في تقرير المؤشر العالمي للعبودية، والتي نشرته منظمة "Walk Free Foundation"، وأكدت على أن عدد المستعبدين في المغرب يصل إلى 85 ألف فرد!
هذه العبودية التي عرفها المغرب لقرون هي نتاج للميز العنصري تجاه الأجانب وخصوصا السود منهم - لأن الإستعباد مظهر من مظاهر العنصرية -، فالأعراف القبلية تنظر إلى ذوي البشرة السوداء نظرة دونية، مما يجعل الذين يسمون حاليا " أحفاد العبيد" يقاسون في صمت!
يمكننا القول بكل صراحة أن العنصرية متجدرة في أوساط المجتمع المغربي مند قرون، وكذا أن بعض المغاربة - ولست أعمم - "عنصريون بالفطرة" لأنهم ثوارتوا العنصرية من أجدادهم بطريقة أو بأخرى ( العنصرية ضد السود، الأمازيغ، العرب ...).
يمكن لأي مغربي أن يتبين العنصرية في الشارع المغربي، ويتجلى هذا بوضوح في بعض الألفاظ المتداولة بين عموم المغاربة من قبيل ( أفارقة، عْوَازَّا، مُونغُوليَان، شْلْحْ، صْحرَاوي، عْروبِي ...)، ولا يمكن لأي أحد إنكار وجود هذه الألفاظ التي يُراد بها في غالب الأحيان السخرية والإستهزاء من الآخر بسبب عرقه أو لونه أو لغته ...
وكمثال على ذلك، الشخص الذي يكون أصله من البادية يتم مناداته بـ"العْرُوبِي"، و يقصد بها معايرته بالجبن والبلادة. وقد قام عديد من المغاربة في بعض الصحف بنسب عدد من المشاكل التي يعاني منها المغرب إلى اللاجئين الأفارقة من جنوب الصحراء، أليست هذه عنصرية واضحة؟!
للعنصرية في المغرب مظاهر أخرى، منها اضطهاد الأقليات في المغرب من طرف السلطات وتهميشهم من طرف المجتمع!
يتمثل اضطهاد السلطات في الإتقالات التي تطال الأقليات كالملحدين مثلا وغير المسلمين بدعوى أن المجتمع المغربي لا يقبل مثل هذه الأفعال "اللاأخلاقية" - ومتى كان الإختلاف لاأخلاقيا ؟! - وهذا الإدعاء تستعمله الدولة وبعض التيارات المحافظة واليمين المتطرف لإبقاء الحال كما هو!
المجتمع المغربي أعطى تعريفا مغلوطا عن الأقليات، حيث يعتقد المغاربة أنهم مجرد طبقة غير مهمة في المجتمع، بينما هذه الأقليات هم جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي.
هذه فقط بعض مظاهر العنصرية، حاولت توضيحها والتنويه لها، فالعنصرية في المغرب حية لكنها تتنفس بصمت في المجتمع المغربي.
في ظل غياب تدخل الدولة لحل هذه المعظلة، انتشر بقوة مرض خطير، ألا وهو "داء فقدان الوعي"!
بعض المصادر :
-
رشيد سبابوشاعر، كاتب ومدون مهتم بالقضايا الإجتماعية والأدبية