رحل عن عالماً خامة نادرة في المشهد الثقافي العربي وصاحب الفضل في ترجمة أعمال فرويد للعربية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رحل عن عالماً خامة نادرة في المشهد الثقافي العربي وصاحب الفضل في ترجمة أعمال فرويد للعربية

  نشر في 17 يونيو 2018 .

رحل عن عالماً خامة نادرة في المشهد الثقافي العربي وصاحب الفضل في ترجمة أعمال فرويد للعربية

بقلم/ محمود سلامه الهايشه

كاتب وباحث مصري

Mahmoud Salama El-Haysha (M.S. E-Haysha)

Egyptian writer and researcher

elhaisha@gmail.com

هو مفكر وفيلسوف وباحث وكاتب سوري؛ زوجته الكاتبة هنريت عبودي، وله بنتان؛ درس الأدب العربي والتربية والتحليل النفسي؛ عمل مديراً لإذاعة دمشق، قبل أن يتم تصنيفه على أنه معارض لحزب البعث ويسجن؛ وجد في الكتابة طريقه الأسمى لتقديم شيء لهذا المجتمع. تكريس وقته ومعظم سنوات عمره لتطوير مشروع «تنويري»؛ يسعى إلى زيادة الوعي ونقد العقل العربي؛ وترجم وألّف أكثر من مئتي (200) كتاب، ومن أبرز مؤلفاته: «معجم الفلاسفة» و «من النهضة إلى الردة» و "هرطقات 1 و2". ترجمة 30 مؤلفاً من أعمال فرويد من الفرنسية إلى العربية، فكان له الفضل في ترجمة أعمال فرويد للعربية. ومن أرائه أن الإسلام دين انفتاح ومفكريه نادوا بتحرير العقل وفهم الكون كـ "طريق لفهم الله". ولد بحلب وعاش في دمشق بسوريا، ثم بيروت بلبنان، ثم باريس بفرنسا. عمل رئيس تحرير مجلة «دراسات عربية» «1972 – 1984» الشهرية الصادرة عن «دار الطليعة» ببيروت، لصاحبها الراحل بشير الداعوق؛ ثم مجلة «الوحدة» «1984 – 1989" بباريس. نادر الظهور الإعلامي، والابتعاد عن الأضواء، كاتب صامت، لا يبحث عن التصفيق.

نتحدث عن "جورج طرابيشي" (1939-2016) الذي تناولته الكاتبة السورية "منى كيوان" في مقال "جورج طرابيشي.. الإرث الصامت" والمنشور بالعدد 474 للمجلة العربية، رجب 1437هـ-أبريل 2016م. رحل "ناقد العقل العربي" جورج طرابيشي، يوم الأربعاء 16 مارس 2016م، في باريس عن 77 عاما تاركا خلفه إرثا كبيرا من الكتب المؤلفة والمترجمة التي أثرى بها المكتبة العربية على مدى نصف قرن.

اشتهر طرابيشي بحواره الفكري مع/عن المفكر المغربي الشهير محمد عابد الجابري، حيث قضى نحو ربع قرن في الرد على الجابري ومشروعه الفكري حول تكوين ونقد العقل العربي. وقص طرابيشي في أحد حواراته الصحفية عام 2013 أن علاقته مع فكر الجابري بدأت أثناء رحيله عن لبنان باتجاه فرنسا، حيث حمل معه كتاب الجابري "تكوين العقل العربي" واعترف أنه أثر فيه كثيرا، وأشاد به في مقالاته الصحفية، وقال عنه إن من قرأه لن يعود كما كان قبل أن يقرأه. لكن العلاقة لم تستمر على هذا النحو، إذ يقول طرابيشي إنه اكتشف في سياق دراسته وأبحاثه، أن الجابري اعتمد في بعض كتبه على شواهد "مغلوطة ومقطوعة من سياقها ومفسرة من غير سياقها"، على حد تعبيره. ينقسم المسار الفكري عند جورج طرابيشي إلى مرحلتين أساسيتين، في المرحلة الأولى تبنى الأيديولوجيات الغربية الحديثة من ماركسية إلى قومية، مع قطيعة تامة مع التراث. وفي الثانية اتجه إلى اكتشاف التراث، عموما، وإلى نقد عمل الجابري "نقد العقل العربي"، خصوصا.

المشروع الفلسفي عند جورج طرابيشي له ثلاثة جوانب. الجانب الأول يعمل على نقل وترجمة عيون الفكر الغربي الحديث والمعاصر إلى العربية. والثاني يختص بنقد الفكر العربي/الإسلامي الحديث والمعاصر. أما الجانب الثالث فمخصص للبحث في التراث معتمدا على تنفيذ عملية نقد واسعة لمشروع الدكتور محمد عابد الجابري المعنون "نقد العقل العربي". وبالنسبة لطرابيشي ليس العمل الذي يقوم بنقده، وهو "نقد العقل العربي"، سوى مناسبة لتأكيد موقفه الفلسفي والتعمق في البحث في التراث. يوضح ذلك في مقدمة كتابه "نقد نقد العقل العربي – العقل المستقيل في الإسلام". ويعتمد طرابيشي في مشروعه الضخم على نوعين أو مستويين للمناهج؛ الأول خاص بمعالجة المشكلات المعاصرة لقضايا النهضة والحداثة، والثاني خاص بقضايا التراث ومشروع "نقد نقد العقل العربي". بالنسبة للقضايا المعاصرة يستخدم طرابيشي منهج التحليل النفسي من أجل نقد الواقع الفكري والثقافي العربي.

استخدم المنهج التفكيكي في التعامل مع التراث من خلال مشروع "نقد نقد العقل العربي" من أجل إعادة النظر في الأسس المعرفية "الإبيستيمولوجية" للنص الجابري، ثم منهجي الحفر الأركيولوجي، والنقد التاريخي من أجل الوصول إلى الأصول التراثية للمفاهيم والمقولات الواردة في هذا النص، ثم ختاما منهج التركيب من أجل إعادة بناء هذه المفاهيم والمقولات في صورتها الصحيحة بناء على نتائج النقد. ولا يكتفي طرابيشي بالدفاع عن الإسلام بالمعنى الحضاري اتكالا على التحليل التاريخي وإنما أيضا من خلال تحليل النصوص المرجعية للإسلام، فهو يخطط للتعامل مباشرة مع النص القرآني. أي للدفاع عن مفهومه للإسلام الحضاري من مركز الفكر الإسلامي ذاته، وهو القرآن الكريم.

يتبنى جورج طرابيشي موقفا ثابتا من قضية العلمانية وهو أن الإسلام دين فقط، وأن العلمانية هي أساس الممارسات الإسلامية في الواقع حتى في العصور الأولى في الإسلام. بل وأكثر من ذلك فهو يعتبر أن مفهوم العلمانية في الإسلام أقوى منه في المسيحية، وأن هذا المفهوم كان موجودا في التراث الإسلامي قبل ظهوره في المسيحية الغربية. وهو يدافع بكل قوة عن مفهومه للعلمانية الإسلامية ومن قلب الفكر الديني الإسلامي ذاته.

ولتحقيق النهضة العربية يرى طرابيشي أنه مرهون بتحرير العقل، عموما، وبإنجاز ثورة لاهوتية، خصوصا، من خلال عملية نقد جذرية للتراث. ويرى أن ذلك ليس متحققا حتى الآن، وربما لن يكون متحققا لفترة ليست قليلة من الزمن. 


  • 1

   نشر في 17 يونيو 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا