العنوان الأبيض للخير
سميرة بيطام
نشر في 14 فبراير 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أكتب لي في حضن الحاضر دقات من حضارة ، أسعدني في جنبات الذكرى صرحا و نضارة ، أشتاق لأن أكون ذاك الشخص الذي ألفه الناس و لو في بعد عن الأنظار ، نعم ، هنا يزداد الحنين للقاء و يشتاق المحب للود و النقاء ، لست أتسلق غصنا بغير صلابة و لست أبني قصرا بغير ترتيبات للقوة ، كل شيء يبني نفسه بنفسه الا الخير ، فيا صانعي الاحسان من رحم الحرمان ، كنتم و لا زلتم محل اهتمامي و تركيزي ، فكن للخير كل واحد فيكم سيد نفسه في سباق مع الثواب، و اعط كل ذي حق حقه و لو فقدت أنت حقك ..لا يهم ما حصل من تناقض و أنت للتو تريدها عدالة ، فمن قال أن العدالة لا تمنح لمظلوميها صفقة انتصار؟..ألست خيرا في رحلاته و سكناته ..سيدا بلا منازع.
كلمني سيدي عن شفرات الخير في رحلتك ، أنت السيد في الكلام و الحقيقة ، سيدا بغير آدمية تراها عيني ، لكنك الخير حينما أحترمه و أبجله و أعطيه مسمى على القوامة بغير آدمية المنظر ..و لو أن الحاوي انسان و المعطي احسان.
كل شيء هادئ الليلة و أتمنى أن تكون يا قارئي في وقت الظلام الآن و أنت تقرأ ما سافرت معه من تصريحات تتذوق معها فن الكلام ، فكلام الليل يختلف عن كلام النهار في صفاء القلم و الذهن و دمع الارتياح من صخب النهار ، لبيك يا ليلتي و أنت معي تقتسمين الأفكار و المشاعر و الصدف ...فأي صدفة تقحم نفسها في ليلاي يا ترى ؟.
كان يا ما كان في سالف العصر و الأوان بداية كل شاعر ولهان يحب الخير و لا يتوقف عنه ، كانت أقواما لا تعرف لا طيب الكلام و لا اختيار المواقف و الأفعال ، احتار الخير فيمن يتجلى ظاهرا ليلتصق بمحتضنيه تقبلا و عرفانا ، كان يتردد نكرانا و اجحافا كلما اصطدم بأشخاص ليست لهم ذرة تفهم لمسودته البيضاء و هي محملة بعبق الورود و سخاء البياض ،هي شريحة مجتمعية كانت تنفر من صناع الخير ، و أقوام عتيدة كانت تتمرد على الخير باسم حب الخير أخذا و ليس شكرا .
في انسيابي اللحظة تموج مع نوتة الإجابة على تساؤل الخير : فيما أنا ملام و المسودة فيها كل البيان ؟ ، أجبت السيد النقي في حيرته و قلت :
أنت العالم برمته في جماله و نبض القلب في حبه و جمال الروح في تألقها ، أنت السيد لنفسه و نفس السيد لك ، أنت المقاس على رصيد الكرم بغير مقابل ، و المقابل فيك تجلى رقيا ما بعده تفوق ، أنت يا سيدي تنساق روحي مع عظم العطاء منك و فيك تجليات الطهر رسمت ملامحها على ضحكاتي ، البياض لك و أنت له ، الجود منك و هو لك ، الارتياح فيك و هو باسمك ، انس يا سيدي أن ترى نقادا جيدون لمبادئك الكريمة ، أرح نبضك من متاعب السؤال ، ووفر السؤال لجواب أولئك المارة من كوخك الوضيع ، فقد كان مني الفضول لأفهم منهم دقات بابك في ساعة متأخرة من الليل ، و حبي لليلي و سهري بغير سبب يأخذني في محمل الجد لأن أجد إجابة لفضولي ، أخذت منك مسودتك البيضاء فقرأت ديباجة الفعل منك فوجدت عبارة اعجبتني كثيرا كتبت بماء الذهب :
قلما تجتمع المروءة و الخير في رجل واحد ...
هنا فقط أدركت أن المارة من كوخك هم أناس ذو مروءة جاؤوا ليردوا الاحسان بالإحسان فنزلوا مرتبة عظيمة من التواضع و اختاروا الليل حتى لا يراهم الناس ، فكما قدمت الخير يا سيدي خفية جاء من يشكرك خفية ، فهل لتبادل العطاء و رد الشكر زمان واحد و مكان واحد ؟؟..
لم أخطئ حينما قلت لك أنت السيد في سكونه ..و يكفي أن مسودتك البيضاء تحمل عنوان بيتك و قت الزيارة اليك ...فهمت الآن أنك رجل خفي تحط الرحال عند من يضيفك و عند من يرفضك ، فتحز في فيض الكرم مشاعر الحزن ..لكنك مستمر في مسيرتك بمسودة حملت عنوانا للجود حتى لا يظن الناس أنك انقطعت عن الحياة..و أنت السيد في مدده لا يموت و لو مات الكيان...ففي القبر مدد لك بما تركته من بصمات نابضة بالحياة ...ما أجملك في مسحاتك ..ما أروعك في تضحياتك.. أحترمك سيدا و أحبك مبدأ و خلقا ..و أهتم لمظهرك بياض على بياض ضمن مسودة لا تبدي فيها الكثير من أفعالك.. سوى أنك شخص متخفي.. قليلون جدا من يفهمون سيرتك الذاتية الا لمن كان فيه الخير عامرا لقلبه متجملا في عينيه لامعا في نظراته..أبقى مولعة بمظهرك المنتظم و ترتيبات زياراتك الخاطفة وزيرا تدشن الفرح و السرور عند من يحبك و من يكرهك..لكني متأكدة أن لا أحد يكرهك ، فكل ما في الأمر و للتصحيح فقط هناك من يبغضك..لقد اثرت في شجوني و زدتني ابداعا من شدة اهتمامي بمظرهك خاصة ، أما المضمون فتلك حكاية أخرى تحتاج لطول وقت حتى أكتب عنك الكثير..
دمت سيدا في سيادته ..
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية
التعليقات
أحسنت كالعادة أستاذة سميرة.
و شكرا لقلمك الذي عودنا على الابداع