مع كل انتظار يرتسم أمل...و مع كل أمل تختبئ خيبة أمل خلف الستار...
إننا ننسى وجودها، أو بالأحرى نتناسى، و نهمل احتمالية وقوعها...و لكأننا نفترض جدلا أنها بعيدة عنا و أن النتيجة الحتمية لكل ما نتوقعه ستكون وفقا لما نريده و نحلم به..
و لكن خيبة الأمل هنا، حاضرة و موجودة، في كل يوم و كل ساعة و كل دقيقة. إنها تتربص لنا كعدو لدود يهددنا بثمن غال لكل توقع لا يتحقق و لكل حسن ظن يخيب...
قد يخيب ظننا من الأقرباء بما فيهم أهلنا و أصدقاؤنا، أطفالنا و زملاؤنا أو حتى الغرباء أيضا.. لأننا نتوقع منهم أن يتصرفوا وفقا لما نعتقده صحيحا، ننتظر منهم ضمنا ألا يحيدوا عن درب اعتبرناها السراط المستقيم الوحيد لهم الذي يتوجب عليهم المسير عليه.
و قد يخيب ظننا من الحياة أو الظروف عندما لا تقدم لنا ما نفترض مسبقا بتوجب حدوثه أو حسن وقوعه.
فنحن و باختصار نضع في بالنا و اعتقاداتنا ضوابط لما يتوجب أن تكون عليه الحياة و أحداثها أو الأشخاص و تصرفاتهم، و تخيب آمالنا عندما تحيد الحياة بظروفها أو من هم حولنا بردود أفعالهم و أقوالهم عما رسمناه نحن لهم و ما اعتبرناه نظما أو قاعدة أو دستورا منزلا يجب أن يسيروا عليه و لا يتوجب عليهم الحياد عنه أو مخالفته.
و هنا يطرح السؤال: و من قال لنا أن ما نضعه من ضوابط و نظم في بالنا هو الصحيح ؟ و هل من صحيح فعلا ؟
فالأفعال و الأحداث و الظروف و كل ما في هذه الحياة محايد، يمكننا اعتباره ثنائي القطبية إذا أردنا: فما نعتبره نحن صحيحا قد يعتبره غيرنا خاطئا، و ما نراه نحن جميلا قد يراه غيرنا قبيحا و هلم جرا...
إنها معادلة بسيطة: إذا أردنا إلغاء خيبات الأمل من حياتنا فيجب علينا إلغاء التوقعات!
إذا أردنا إلغاء خيبات الأمل من الأشخاص فعلينا إلغاء تعنتنا و التسليم المفرط بصحة آرائنا و معتقداتنا و نظرتنا للأمور.
و إذا أردنا إلغاء خيبات الأمل من الحياة فعلينا أن نثق بها و بما تخبؤه لنا...علينا أن نلغي انتظارنا...أن نلغي الأحكام و المسميات و النعوت و التوصيفات لما حدث و يحدث من قائمتنا...و أن ندرك أخيرا أن للحياة وجهين و أن ما نراه اليوم معتما و حزينا سيكشف لنا غدا عن وجهه الآخر المشرق و السعيد...