إنتبه من مخافة الوقوع , فهي الوقوع ذاته !!
ليس كل ما نخاف منه يتم , وليس كل خوف حقيقي , بل أحيانا يصبح الخوف مجرد سراب و أحياناً يصبح هو الواقع بكل تفاصيله , وصاحب القرار فيما يود أن يرى الخوف عليه هو : أنت ..
نشر في 24 ماي 2018 .
يقول أحدهم " منذ نعومة أظافري وأنا لا أهوى الدراجات , في مرحلة الطفولة يهواها الكثير من الأطفال كنوع من اللهو واللعب , يتمايلون بها في خفة ومرونة كأنهم فيها محترفين , بل أن المُحترفين في قيادتها أنفسهم لا يستطيعوا قيادتها بتلك الحرفية والتمكن العالي , ولكنه السن السهل فيه كل شئ , فلا صعب عليهم في توجيه تلك التكوين البسيط بل والتلذذ به أيضاً دون أن تراوده لحظة خوف من فقدان التوازن أو السقوط على الأرض الصلبة , فتنكسر الرقاب أو الأرجل ويتحول هذا الحلم الجميل إلى كابوساً في غمضة عين , هذا هو سبب إبتعادي وإتقاء شر تلك التي تُسمى بالدراجة , فإختلال التوازن فيها وارد والوقوع فيها سهل الحدوث وفي الإمكان , فلم أعرض حياتي التي لا زالت قيد التكوين إلى الخطر المُحتم إذاً ؟! , هل ألقي بنفسي إلى التهلكة من أجل عدة دقائق أتنزه فيها بهذا الشئ فقط لإضفاء بعض السعادة على قلبي , وماذا عن جروح يدي أو رأسي حينما أهوى عن الإتزان وأختل ؟ , لا لا إنها فكرة مرفوضة تماماً , أنا هكذا ولن أغير وجهة نظري , استطيع أن أضيف السعادة لقلبي بطرق احرى كثيرة دون أن ألحق بجسدي الضرر " .. وأقول أنا له : عفواً سيدي الإنسان , نظرتك لها تحتاج لقليلاً من الإتزان !! ..
تلك هي نظرة البعض عن بعض تحديات الحياة , تحديات الحياة !! , هل تُعتبر الدراجة البسيطة هذه من تحديات الحياة المُعقدة ؟! , نعم , إنها ورغم بساطتها تُعد من أعقد تحديات الحياة حتى وإن رأيتها سهلة التكسير ويُمكن أن تُلحق بها التدمير في لحظة لأنك الأقوى منها بلا شك , فبإحتكاك بسيط بينها وبين الشجرة القاسية الصلبة في احدى شوارع المدينة يُمكن أن تُحولها إلى قطعة خُردة قديمة لا جدوى منها , ولكنها في الحقيقة تلك القطعة مُلهمة بشكل لا يُمكن تخيُله !! , فالكثير من البشر يخاف فقط من فكرة الإقتراب منها وليس من فكرة قيادتها ! , هل تخيلت كم مُعاناته ؟ , فقط فكرة أن يجد جسده طائراً مُحلقاً في الهواء وقدمه يسبح في الجو فكرة لا يُمكن أن تستقر بعقله ولا يُمكن لعقله أن يتقبلها من الأساس , كيف له أن يجعل جدسه متوازناً بتلك السهولة وكيف له أن يميل بالدراجة ويصعد بها مسارات مرتفعة واخرى منخفضة ويحيد بها ؟! , فكيف له أن يفعل ذلك دون أن يسقط سقوطاً مميتاً ؟ فيبدأ عقله بوضع سيناريوهات عده بخصوص الحوادث التي ستلحق به وستتسبب بها هذا الشئ الغريب الذي يجهل حتى الآن قيمة وجوده في الحياة !! , وبهذا التخيل وتلك السيناريوهات " المؤلفة " أو قل " التي ابتدعها خياله " وستصبح هي التي أن ستُميته حقاً ! ..
فبعض التخيلات " السلبية " قادرة أن تقتل ما نُريد أن نفعله , يمكنها أن تُدمر إرادتنا بعدما كانت أقوى وأشد ما يكون , يُمكنها أن تُبدل تلك المقاومة والإصرار على فعل الشئ حتى وإن كان مُستحيلاً إلى خوف وفزع من مجرد ذكر إسم هذا الشئ أمامنا , فتُصيبنا حالة لا نعلم ماذا يجب أن نطلق عليها من الأسماء , أهل هي فوبيا ؟ , أم هي بقايا أفكار سلبية لم تترك عقلنا في حاله ؟ أم هي مجرد خيالات لا تمت للواقع بصلة ولكننا إستطعنا أن نجعلها الواقع نفسه لنا ؟! , غريب حقاً أمرنا , نرى كل تحديات الحياة أمامنا ونقوى على الخضوع لها بنفس مقدامه شجاعة ولكننا بمجرد " مخاوف " قد تخيلناها في عقولنا من نتائج سلبية هي الأخرى أحسنا تخيُلها إستطاعوا أن يهزمونا ويهزموا إقدامنا وشجاعتنا بمنتهى السلاسة !!
فبتلك : الدراجة البسيطة , وجدنا أبسط مثال لهذه المخاوف القاتلة .. فها هو أحد البشر , إني أراه من مكاني هذا خلف شاشات إلكترونية , يريد أن يقودها ولكن عقله يُساوره بعض الشكوك حيال صلابتها أو حُسن صُنعها , فتتحول تلك الشكوك رويداً رويداً إلى وضع تخيلات لما يمكن أن يُلحقه به ذلك الشئ الذي أصبح بالنسبة له في أقل من دقيقة " شئ لعين " , تخيلات لكمية مهوله من الحوادث والإصابات والإنكسارات وكم ستكون ضريبة ذلك كبيرة وسيدفعها هو وحده , فيذهب للمشفى ويتلقى من العلاج ما يكره ومن الحقن ما يروع ومن العمليات ما يسخط , وتضيع عليه سنة كاملة وهو مُستلقي على سرسره في غرفته يحتسي شوربة خضار أو أياً من مأكولات المرضى التي لطالما هرب من منزله فقط حينما إشتم رائحتها تُطبخ بالمنزل , فكيف له أن يُحرم من الحياة هكذا لمجرد أن يقود ذلك الشئ فتتحول حياته إلى جحيماً على الأرض ؟! , وبعد كل الشكوك والتخيلات تتحول خطواته إلى الإندفاع ولكنها لن تندفع نحو الدراجة الماثلة أمامه , ستندفع خطواته نحو الخلف ومن ثم إلى الهرب والفرار لما تحول داخله الشكوك والتخيلات إلى مخاوف واضحة جلية !!
وذلك هو المقصد , إن تملكتك المخاوف فسترى الحياة حالكة السواد أمامك , ليس أمامك فيها من شئ لفعله , ليس في إمكانك أن تحياها ولو للحظة , هذه هي مهمة المخاوف التي تأتي وفقط لتهد قوة إرادتك وإقدامك , هي وجدت في تدميرك لذتها ومُتعتها الوحيدة , فإما أن تستسلم لها وإما أن تثور عليها بكل ما اوتيت من قوة ..
وبهذه " الدراجة " إستطعنا أن نوضح المثل والمعنى , فقل لي الآن , هل راودتك لحظة خوف حيالها خلال لحظات حياتك ؟ , بالطبع ومن منا لا يخاف على حياته , حتى وإن كانت لن تُلحق بنا من الأذى أقصاه ولكن تلك هي الطبيعة الإنسانية , ولكن السؤال الأهم الآن , هل إستطاع هذا الخوف منعك من اداء مهمة قيادتها ؟ , هل إستطاعت مجرد مخاوف لم تتضح معالم صحتها من عدمه التحكم في روح الطفل الذي بداخلك ورغبتك في إيجاد قليلاً من السعادة حتى بأبسط الأشياء ؟ , دعني اُخبرك أنا عن إجابتك .. نعم إستطاعت !!
فمن الآن وحتى المُنتهى أهزمها ..
اهزم تلك المخاوف بعزم ما فيك , لا تتركها تتحكم في حياتك ولا نظرتك للأمور , وتذكر أن الخوف من فعل الشئ هو الذي سيجعلك تجد منه ما توقعت من نتائج سلبية , وحده الخوف قادر على ذلك ..