خيري شلبي الحكاء الشعبي العالمي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

خيري شلبي الحكاء الشعبي العالمي

حسن غريب

  نشر في 15 شتنبر 2020 .

خيرى شلبى ..

الحكاء الشعبى الشامل

يعد الراحل الكبير خيرى شلبى – الذى تحل ذكراه هذه الأيام – واحدا من أهم روائيى جيل الستينيات الذى ضم كوكبة لامعة من الأسماء الكبيرة : بهاء طاهر – إبراهيم أصلان – جمال الغيطانى – محمد البساطى – جميل عطية إبراهيم – يوسف القعيد وغيرهم

ووسط هذه الأسماء شق خيرى شلبى لنفسه طريقا متميزا وأصبحت له بصمته الخاصة التى استمدها من الانتماء للمعتقدات والعادات والتقاليد الشعبية لأنه ظل – كما يقول عن نفسه – " ابن الخيال الشعبى والسير والملاحم والفلكلور " مفضلا طريقة الحكى الشعبى التداولى على أسلوبية الكتابة الروائية المتأثرة بالكتابة الغربية وفى ذلك يقول " ماأنا إلا حكواتى سريح شرير ومجنون ولو كنت عاقل مكنتش هاابقى خيرى شلبى " وعندما سئل نجيب محفوظ عن عدم كتابته لعالم القرية قال " كيف أكتب عن القرية ولدينا خيرى شلبى "

والحقيقة أننا لانستطيع اختصار عالمه فى الكتابة الروائية فحسب رغم أنها تمثل المتن الرئيسى عنده ،فقد بدأ بكتابة الأغنية الشعبية لكنه توقف عن كتابتها عندما أحس بعدم تميزه فيها ،وربما لايعلم الكثيرون أنه قد كتب المسرحية وله فيها نصان هما " صياد اللولى " و" المخربشين " وقصته مع المسرح قصة طويلة ويكفيه أنه اكتشف أكثر من مائتى نص مسرحى فى القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين ،ومن أهم النصوص التى اكتشفها نص " فاتح الأندلس " للزعيم الوطنى مصطفى كامل، ونص للرائد الكبير أمين الخولى .

ولم يكن من قبيل المبالغة وصف خيرى شلبى بالمثقف الموسوعى فبالإضافة إلى الكتابات الروائية والقصصية والمسرحية فإن له مجموعة أخرى من الكتابات الثقافية والاجتماعية مثل " محاكمة طه حسين " وهو يدور حول قضية كتاب العميد " الشعر الجاهلى " و" أعيان مصر" و" غذاء الملكات " و" مسرح الأزمة " بالإضافة إلى إبداعه المتميز فى فن البورتريه الذى أصدر فيه كتاب " عناقيد النور" ولايقل إبداعه القصصى عن الروائى والذى أصدر فيه أربع مجموعات قصصية هى " صاحب السعادة اللص " و" المنحنى الخطر " و" سارق النار" و" أسباب للكى بالنار" ويمتاز شلبى فى كتاباته الروائية بالنفس الطويل ومن آيات ذلك صدور رباعيته الشهيرة : " الوتد " – " المنخل الحرير" – " العتقى " – " أيام الخزنة " وثلاثيته الذائعة : الأمالى لأبى حسن ولد خالى والتى تشمل " أولنا ولد " – " ثانينا الكومى " – " ثالثنا الورق " بالإضافة إلى " السنيورة " و" الأوباش " و" العراوى " و" الشطار" و" لحس العتب " و" بطن البقرة " و" زهرة الخشخاش " و" وكالة عطية " و" صحراء المماليك " و" موال البيات والنوم " و" بغلة العرش " و" صالح هيصة " و" اسطاسية "

وقارىء هذه الروايات سوف يدرك بسهولة اهتمامها بعالم القرية ومهمشى المدينة وأنها تجاوزت الرؤية الرومانسية للقرية وقدمت مايعانيه الفلاحون من فقر وقهر ومايؤمنون به من معتقدات وعادات وتقاليد شعبية ،وقد تجلى هذا بوضوح فى رباعيته التى أشرنا إليها حيث مثلت " تعلبة " – " وتد" الدار – سلطة الأم الحازمة التى تساوى بين أبنائها جميعا وتجمع بينهم ولاتدع أحدا يخرج عن سلطتها ورعايتها أو أن يفكر فى الاستقلال بحياته وقد تجلى المأثور الشعبى فى الملابس والطب الشعبى مثل " طاسة الخضة " ومداواة العيون والآذان وفيما يرددونه من أمثال وحكايات شعبية، ولاشك أن كل هذا يتم تصويره من خلال لغة تداولية تغلب عليها التراكيب العامية على مستوى المفردة وبناء الجملة ،وهى سمة أسلوبية عامة فى كتابة خيرى شلبى ،ويمكن مراعاة لحجم هذا المقال أن نستشهد بالقصة الأولى فى مجموعة " سارق الفرح " والتى تحمل عنوان " سمبو" ففى هذه القصة تظهر عادات أهل القرية فى الاحتفال بعودة الحجاج من أرض الحجاز وإقامة الولائم الفاخرة، وختان الأبناء على حجر العروس ،والتمايز الاجتماعى بين علية القوم والبسطاء فقد " كانت البقعة التى يجلس فيها الحاج محمود عمرو الكبير تضم نخبة خطيرة من علية القوم : مشايخ عربان ،باشوات ،ومأمور المركز، ومهندس الرى ومفتش الرى وشكرى زعلوك أشهر محامى فى البندر وصهر الحاج محمود والحاج سالم المسلمانى شيخ البلد الذى تمت اليوم خطوبة ابنه على بنت محمود عمرو الصغير ابن أخ الحاج محمود عمرو الكبير " فى هذا الشاهد يظهر ذلك التمايز الاجتماعى الذى أشير إليه كما تظهر عادة تكرار الاسم داخل العائلة الواحدة ويكون التمييز بينهم بصفة الكبير والصغير كما تظهر طريقة الحكى العامى فى إسقاط حروف العطف فى قوله " مشايخ عربان باشوات " دلالة على ثراء أصحاب العزومة " العماروية " يقوم السارد بوصف الطعام الذى تتعدد فيه أنواع اللحوم والكميات الكبيرة منها ،والإشارة إلى كل ذلك ليس نوعا من التزيد ،فالمأثور الشعبى يشمل كل هذا وأكثر منه طبقا للتعريف الذى ذكره د.احمد مرسى الذى عرف المأثورات الشعبية بأنها " الفنون والمعتقدات وأنماط السلوك الجمعية التى يعبر بها الشعب عن نفسه سواء استخدم الكلمة أو الحركة أو الإشارة أو الإيقاع أو الخط أو اللون أو تشكيل المادة أو آلة بسيطة "

ومن الروايات البديعة التى ظهر فيها أثر المعتقدات الشعبية رواية " لحس العتب " حيث يلجأ أهل المريض الذى لاشفاء له إلى لحس " عتبة " البيت بغرض استرضاء سكان الأرض .إن حياة خيرى شلبى نفسها تعد رواية مثيرة حيث قضى عشر سنوات فى القاهرة مارس فيها مهنا كثيرة : كمسرى – بائع متجول – قهوجى – مكوجى – ترزى وكان العثور على مكان للنوم أمرا عسيرا عليه، وقد كتب فى هذا روايته التى تعد سيرة ذاتية له وهى " موال البيات والنوم " وبهذه الرواية يكون قد انتقل من عالم القرية إلى قاع المدينة ومهمشيها ،وكانت روايته التى رسخت اسمه ونال عليها العديد من الجوائز هى " وكالة عطية " التى تصور مشردى المدينة الذين لم يكن لهم مأوى غير هذه الوكالة وربما لايعلم الكثيرون أن مؤسسة إمباسادورز الكندية قد رشحته لجائزة نوبل رغم أنه – فى تصورى – لم يحظ بقراءات نقدية عميقة لعالمه الروائى المتميز.



  • حسن غريب
    عضو اتحاد كتاب مصر كاتب.. ناقد.. روائي.. شاعر
   نشر في 15 شتنبر 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا