كانا على السقالة حين أطلعته بقرارها مساء أحد الأيام و القاضي بضرورة عودتها يوما ما لمسقط الطفولة.. القرار الذي جاء بعد تفكير ممل و تنازلات كثيرة ، و جدت عنده رأيا آخر بخصوصه ،إذ قال:
- الناس تخطط للهجرة نحو الخارج، إلى بلدان تحفظ كرامتهم و تضمن حقوقهم المهضومة في أوطانهم و لو كلفهم الأمر أن يقدموا أنفسهم قربانا للأسماك المفترسة، و الركوب على قوارب مهترئة و خطر الموت يحيط بهم من كل جهة، لا يهم. فالمهم هو الخلاص من أوجاع أصيبوا بعدواها بعدما سلبت أحلامهم و أعدمت طموحاتهم و وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل و الكد من أجل حقوقهم التي ترجمها الواقع إلى أحلام و أنت بكل بساطة تحدثنني عن قرار عودتك إلى مسقط الطفولة. حراااااااااام
- قد يبدو لك قراري تافها، لكني حتما جادة فيما أقول، و كل الذين ذكرتهم ، أنا واحدة منهم.
فحتى الآن دفعت ثمنا باهظا لأجل أن أظل واقفة على قدماي فقط حتى لا أنهار يوما و أفقدني في زحمة الحياة، فأضطر للإنتظار بطوابير مستشفيات الدولة لأجل موعد لن يحين حتى يكون الموت قد داهمني.
إن المشاهد التي ترتسم أمامي حول واقع هذا الوطن ترعبني و لم أعد قادرة على تحمل المزيد.
حتى أنا أرغب بوطن غير هذا لكن ليس بوسعي الفرار من حجم المعاناة التي تغلف قلبي لأجل أن أتحمل غربة أكبر من هاته التي أنا فيها.
أنا بحاجة إلي هنا أكثر من حاجة الآخرين إلي.
- على الأقل استقري بالصويرة، موغادور ، مدينة الحب على حد تعبيرك. من ثم لأجل من تعودين؟ لن تعيشي كما الطفولة وكل رفاقك الآن في أماكن مختلفة، منهم من تزوج و منهم من غادر المنطقة؟
- اعرف ذلك، و أنا عائدة لأجل أطفالهم لأنثر بذور الحب العالقة بجيوب قلبي في أعماقهم.
علي أن أورث أحدا هذا الحب، و لو أني لم أبلغ منتهاه بعد بل و لم أدرك سره أيضا.
- ألا يجدر بك أن تعيشيه قبل أن تفكري في توريثه؟
- يكفيني منه اهتمامك بي
- و لو أني أحب امرأة أخرى؟
- لا يهم...
- و ما المهم في نظرك؟
- انك هنا الآن لتسمع ثرثرتي و تتحملني كما لا يفعل أي شخص آخر..
- أحب ثرثرتك، و مادام قلبك ينبض بالحياة ثرثري فذاك حقك.
شدت على يده بقوة و قالت:
- تايري(حب)
- ؤول إينو غ ؤول نم( قلبي في قلبك)❤
#تايري
-
حفصة الحسنامازيغية الأصل، عربية الحرف، جبرانية الطبع ورومانسية الانتماء♥️