الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي لا يمكن معرفتها إلا من خلال القرآن والسنة

والسنة مصطلح يشمل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال أو أعمال أو تقريرات.

لكن القرآن محفوظ بحفظ الله تعالى له، فهو نص قطعي الثبوت.

وأما السنة فلم يتكفل الله بحفظها، ففيها الصحيح والحسن والضعيف والضعيف جدا والشاذ والمنكر والموضوع، لذلك فهي ظنية الثبوت، ولا ترتقي إلى قطعية الثبوت حتى يتوفر فيها شرطان وهما:

1- صحة السند وهو أن يكون سائر رجال سنده ما بين ثقة ثبت وثقة.

2- صحة المتن وهو أن لا يتعارض متنه مع القرآن معارضة لا يمكننا معه الجمع بينهما أو أن لا يتعارض مع أحاديث أصح منه سندا او متواترة سندا او معنا.

ومع ذلك فإن الأحاديث الصحاح ليست هي وحدها ما يحتج به أئمة السنة بل قد يحتجون بالأحاديث الحسنة أو الضعيفة ضعفا يسيرا عند الضرورة، لذلك قسموا الأحاديث إلى قسمين: المقبول وغير المقبول.

فالمقبول على قسمين:

الأول: ما صح سنده ومتنه

والثاني: ما صح متنه فقط وصحيح المتن هو أن يكون سنده حسنا او ضعيفا ضعفا يسيرا، إلا أن متنه ليس له معارض من كتاب الله أو من الأحاديث الأخرى، وليس في المسألة التي يحتج به فيها آية أو حديث أصح منه، فيؤخذ به ويحتج به.

وأما الغير مقبول، ويقال له أيضا: المعلول، فهو كل حديث سواء كان سنده صحيحا أو حسنا أو ضعيفا أو ضعيفا جداً أو موضوعا أو شاذا أو منكرا، له علة منعت من الاحتجاج به.

فأما الأحاديث الصحيحة أو الحسنة أو الضعيفة الغير مقبولة فهي غير مقبولة إما لأنها تخالف القرآن مخالفة لا يمكننا معه الجمع بينهما أو تخالف أحاديث أصح منها سنداً أو متناً

وأما الأحاديث الضعيفة جداً والموضوعة فلأن أسانيدها لا تقوم بها حجة لعدم الثقة برواتها.

وأما الأحاديث الشاذة فلأن الأحاديث الأخرى اتفقت على غير ما ورد في هذا الحديث الشاذ سواء شذ في سنده أو متنه.

وأما الأحاديث المنكرة، فلأن سنده أو متنه لم يروه إلا راو واحد وقد يكون متأخرا فكيف جهله جميع من سبقه من المحدثين وعرفه هو!

لذلك فالأحاديث نصوص ظنيّة الثبوت ولا ترتقي إلى قطعية الثبوت إلا بعد توفر شرطين:

صحة السند

وصحة المتن

وقد نستغني عن صحة السند ونقبل الحسن والضعيف ضعفا يسيرا لسببين:

الأول: أن متنه لا يتعارض مع القرآن أو مع أحاديث أصح منه

والثاني: أن لا نجد في المسألة التي نريد الاحتجاج به فيها إلا هذا الحديث الحسن أو الضعيف سنداً، فإن وجد أحاديث أصح منها لم يجز الاحتجاج بها أو روايته.

عندئذ يكون حجة، ويفيد العلم والعمل معا، وإن كان خبر آحاد، فلا فرق، لأن المتكلمين إنما طعنوا في خبر الأحاد لإسقاطه، لأنه يتعارض مع فلسفة ملاحدة اليونان في تصورهم للذات الإلهية، فلما لم يجدوا مطعنا في الأحاديث الصحاح إلا أنها خبر آحاد، جعلو ذلك سبباً في الطعن في تلك الأحاديث، مكراً منهم وتحايلا على الشريعة.

وأما ما روي عن الصحابة فيطالب فيه الشروط السابقة ويضاف إليها أيضاً شرطان:

الأول: أن لا يتعارض مع أقوال صحابة أخرين، فإن تعارض أخذ بالقول الأقوى.

والثاني: أن لا يظن أنها مأخوذة عن من أسلم من أهل الكتاب كعبدالله بن سلّام أو كعب الأحبار أو وهب بن منبه ..

تنبيه الخبر الموقوف على صحابي - من خلال تجربة - لا يجوز أن يعطى حكم المرفوع، لأنه قد يكون اجتهاد من الصحابي أو من رأيه أو أخذه عن من أسلم من أهل الكتاب، فالأصل عدم إعطائه حكم المرفوع

أما قول التابعين فيجب أن تتوفر فيها شروط قبول الأحاديث النبوية وشروط قبول أحاديث الصحابة أيضاً، وشرط زائد وهو: أن لا يتعارض أقوال التابعين مع بعضهم البعض، فإن تعارضت نظر لأقواهم حجة وأخذ بقوله.

وأما من جاء بعد التابعين فأقوالهم فتاوى كغيرها من فتاوى أئمة المسلمين ينظر فيها ولا يؤخذ منها إلا ما وافق الدليل الشرعي مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين وكما أن قول الصحابي يجب أن لا يعطى حكم المرفوع، فمن باب أولى أن لا يعطى قول التابعي حكم الموقوف أو المرفوع، لأنه قد يكون من اختياره واجتهاده ورأيه.

فمما سبق يتبين أن عملية نخل الأحاديث وتصفيتها لمعرفة الصحيح منها مما ورد في بدء الخلق وسير الأنبياء والأحكام الشرعية يعتبر عملاً مظنياً ومرهقاً لا يستهان به أبداً.

والله أعلم وأحكم