التعليم الفني وأستدامة الطاقة المتجددة فى مصر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

التعليم الفني وأستدامة الطاقة المتجددة فى مصر

الكاتب: عاطف محمود عبد العال أحمد

  نشر في 10 مارس 2020 .

من المتفق عليه أن استدامة الطاقة المتجددة تعني اتخاذ إجراءات يتم فيها استغلال الموارد الطبيعية كالشمس، والرياح، والماء من أجل منع المخلفات كثنائي أكسيد الكربون(CO2) أو الغازات الضارة التى تعمل على زيادة الاحتباس الحرارى التى يسببها أحتراق الوقود الأحفوري، من أجل الوفاء باحتياجات الإنسان وتطلعاته فى الحاضر و المستقبل.

والجدير بالذكر أن مصر تعتمد على الوقود الأحفوري فى توليد الطاقة بنسبة لا تقل عن 90% كأحد مصادر الطاقة الأولية، وهو ما أدى الى رفع نسب انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الناتجة منها، حيث كانت الانبعاثات الضارة فى مصر 206.2 مليون طن في 2015/2016 لكن الرقم ارتفع ليصبح 210 مليون طن فى عام 2016/2017، بزيادة قدرها 1.8 في المائة، وذلك طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء CAPMAS الصادرة فى عام 2018. وهو ما يعنى أن سياسات الطاقة المتبعة حاليا فى مصر ليست استدامة. و هو ما أدى إلى سعي مصر الى زيادة إنتاج الطاقة المولدة من الموارد الطبيعية مثل الشمس و الرياح لكي تصل الى 20% بنهاية عام 2020.

المثير فى الأمر أن 30% من تلك الانبعاثات الكربونية الضارة توجد فقط فى العاصمة القاهرة، و هي ناتجة عن عوادم السيارات التى تعمل بوقود الديزل، اي اننا نتحدث عن حوالي 62 مليون طن ناتجة من الانبعاثات الضارة فى هواء القاهرة والتى يقطنها حوالي 10 مليون نسمة طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء 2019. وهو ما جعل مصر فى العام الماضي تفكر جديا فى سياسات جديدة لاستدامة الطاقة المتجددة، من أجل تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة التى بلغت مستويات غير مسبوقة فى بلد يقطنه أكثر من 100 مليون نسمة و تتزايد معدلات السكان فيه بأكثر من 2 مليون نسمة فى العام، وهو ما يعنى زيادة نسبة الاحتياجات السنوية من الطاقة الكهربائية.

مدارس تكنولوجيا الطاقة المتجددة فى مصر:

مدرسة تكنولوجيا الطاقة الشمسية بمحافظة أسوان

تبنت مصر سياسات جديدة لأستغلال الموارد الطبيعية المتواجدة لديها، من الشمس والرياح، من أجل توليد الطاقة والمتجددة فى العديد من المحافظات المصرية، وهو ما اسفر عن إعداد قاعدة بيانات علمية لجميع أماكن ومصادر الطاقة المتجددة فى مصر، وعن صياغة رؤية لشكل ومضمون للتعليم الفنى والمهنى فى المستقبل، لكى يتوافق مع أحتياجات سوق العمل المصري فى مجال الطاقة المتجددة، لذا كانت السياسة المقترحة فى هذا الصدد هو إنشاء العدديد من المدارس الثانوية الفنية و الفصول الدراسية المتخصصة فى تكنولوجيا الطاقة الشمسية، مثل محافظة أسوان الغنية باالموارد الشمسية، وطول فترات سطوع الشمس بها. وايضا توفير الكوادر الفنية اللازمة لعمل محطة بنبان للطاقة الشمسية، ومحطات الطاقة الشمسية المزمع أنشاؤها فى بعض المحافظات الأخرى مثل محافظة البحر الأحمر ومحافظة جنوب سيناء، و فى إطار تنفيذ تلك السياسات تم افتتاح مدرسة الطاقة الشمسية ببنبان، محافظة أسوان فى عام 2018، والمدرسة الجديدة بها 6 فصول دراسية، ويدرس بها 180 طالب طالبة، منهم 96 طالبة و 84 طالب، و هو ما يظهر أقبال الفتيات على العمل فى هذا المجال الفنى الواعد، و من المتوقع أن يتم التوسع في مدارس تكنولوجيا الطاقة الشمسية فى السنوات القادمة فى بعض المحافظات الأخري مثل محافظة البحر الأحمر ، لكى تستوعب أعداد أكثر والإقبال المتزايد على الدراسة بها. و تتميز الدراسة بمدارس تكنولوجيا الطاقة الشمسية أن المناهج النظرية فيها تشغل 20% فقط بينما تخصص 80% للجانب العملي والتدريب على تصنيع الدوائر الكهربائية، وتركيب الخلايا والألواح الشمسية، والسخانات الشمسية.

مدارس تكنولوجيا صناعة المركبات الكهربائية:

أتوبيس و سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية فى مصر

فى العام الماضي قام الرئيس السيسي بزيارة الى دولة الصين ، حيث تم توقيع اتفاقية بين وزارة الانتاج الحربي، وشركة فوتون الصينية لتوطين تكنولوجيا صناعة الأتوبيسات الكهربائية في مصر، بهدف تصنيع الاتوبيسات و المركبات الكهربائية، بالمصانع، وبنسبة تصنيع محلي تبلغ 45% .و فى إطار توطين صناعة المركبات الكهربائية فى مصر، تم استحداث سياسة جديدة لتطوير المدارس الفنية وأقسام تصنيع وصيانة السيارات التقليدية والتى تعمل بالسولار، و الغاوز الطبيعي، والبنزين لكى تعمل بالطاقة الكهربائية، و تتلائم مع متطلبات خطوط الأنتاج الجديدة لتصنيع 2000 من المركبات الكهربائية الجديدة على مدار أربع سنوات مع الجانب الصيني. وتهدف سياسة توطين تكنولوجيا تصنيع المركبات الكهربائية فى مصر الى تخفيض الانبعاثات الكربونية من عملية احتراق الوقود الأحفوري التى تؤثر سلبا على حياة البشر والبيئة بالاضافة الى تقليص فاتورة استيراد المحروقات، وتقليل استهلاك الوقود فى مصر.

وعلى الرغم من أن سياسات التعليم الفنى فى مصر تحاول التوائم مع الموارد الطبيعية و احتياجات السوق، و هو ما يتم من خلال إنشاء مدارس وأقسام فنية متخصصة فى تكنولوجيا الطاقة الشمسية وتوطين صناعة المركبات الكهربائية، لكن تلك السياسات فى التعليم الفنى تواجه العديد من التحديات والعقبات ربما يصعب تحقيقها، لو لم يتم بلورتها فى إطار متكامل و شامل مع السياسات الاخري والمتعلقة  استدامة الطاقة وتغير المناخ، ومن تلك التحديات و العقبات:

- اقتصاد المعرفة فى مجال الطاقة المتجددة:

لا أحد ينكر أن أنشاء المدارس الفنية، و الجامعات التكنولوجية التى تختص بدراسة تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وصناعة المركبات الكهربائية، لن تؤتى ثمارها فى غياب أقتصاد المعرفة، فهى المحرك الأول للاقتصاد الحديث، و هنا يجب أن نتذكر الكثير من تلك المشكلات التى تعوق تنفيذ تلك السياسات و منها قدرتنا على إيجاد اليات لتبادل المعرفة فى مجال الطاقة، و غياب البيانات، و أيضا انتهاك حقوق الملكية الفكرية. أذا ليس من المهم ان نقوم با انشاء المدراس الفنية المتخصصة فى تكنولوجيا الطاقة و الجامعات التكنولوجية لكن الأهم هو خلق اقتصاد معرفي قوي حول أفضل الطرق فى استدامة، وكفاءة، و تطوير أستخدام الموارد الطبيعية كالشمس و الرياح فى مصر، و زيادة الاستثمار المعرفي في مجال الطاقة المتجددة.

- القروض والمنح الأجنبية فى مجال الطاقة المتجددة:

لا أحد ينكر أن من أهم عوامل أستدامة الطاقة المتجددة فى مصر، هو توافر الموارد المالية فى خاصة فى بدايات تطوير التعليم الفنى، لكن أجد تمويل معظم المدارس، والأقسام المتخصصة فى مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ومدارس صناعة السيارات الكهربائية تاتي من خلال قروض ومنح تأتي من هيئات أجنبية متنوعة، و هو مجال تمويلي ربما يكون خصب للفساد فى كثير من جوانبه المتعددة، ناهيك أن النسبة الأكبر من هذا التمويل لا يستفاد منه فعليا، و يذهب الى الجهة المانحة، وتوطين صناعتها اكثر من توطين الصناعة الوطنية.

- التخطيط والتكامل والتعاون بين أصحاب المصلحة:

من أخطر المعوقات فى مجال استدامة الطاقة المتججدة هو انعدام التخطيط، والتعاون والتكامل بين الوزارات والهيئات الأخرى، وهو ما يفرض علينا حل التشابكات و العمل فى جزر منعزلة بين وزارة التربية و التعليم الفني، وزراة البيئة، وزارة البترول، وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، وزارة النقل، وزارة الإنتاج الحربي فلا يجب أن تكون مدارس تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ومدارس تصنيع المركبات الكهربائية تعمل منفردة و بمعزل عن تلك الوزارات الأخري، بل لابد من التخطيط الشامل، والتعاون والتكامل بينهم من أجل تحقيق سياسات استدامة الطاقة، ومكافحة التغير المناخي فى مصر.

فى النهاية أود أن أذكر أن التخطيط الجيد فى مجال التعليم الفنى فى مصر ، والاستثمار في الموارد البشرية ،والموارد الطبيعية المستدامة للطاقة، والتركيز على الجانب التخصصي فى تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتصنيع المركبات الكهربائية و أن يكون الكيف هو الأهم , لا الكم فقط فى مجال الطاقة المستدامة، حتى لا نفشل، ونحقق المأمول، فالعالم يسير بسرعة كبيرة فى مجال أستخدام الطاقة المتجددة، ومن لا يملك رؤية شاملة ويخطط جيدا فى مجال أستدامة الطاقة المتجددة و مكافحة تغير المناخ بطرق مبتكرة، و لديه القدرة على أتخاذ القرار في الوقت المناسب لن يستطيع أن يكون على قدم المساواة مع الدول المتقدمة التى تدرك أهمية أن يكون كوكب الأرض نظيف، وجميل، ومتطور.



   نشر في 10 مارس 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم











عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا