هل الأرض كروية أم مفلطحة؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل الأرض كروية أم مفلطحة؟

المُسطّح لا يعني المُفلطح

  نشر في 06 غشت 2019 .

قال الكروي (المسلم طبعا) للمستوي (للمسطح): إن الأرض كروية و ليست مسطحة و إنها تدور وليست مستقرّة (ليست قرارا) و أنا مقتنع بهذا مائة بالمائة.

أجابه المستوي (المسطاحي): لقد خالفت القرآن في مواضع متعددة و في أمرين: قلتَ أن الأرض ليست مسطحة و ليست مستقرة. و الله يقول:

1-((وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ))، الغاشية .20

2-((أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا....)) النمل 61.

فأخذت الكروي الحيرة، إن صدّق علمه اليقين وعقله السليم فإن الأرض كروية و تدور أشكالا من الدوران و ليس شكلا واحدا، و إن اتبع ايمانه بالقرآن فإنه بلا شك أصدق الحديث و هو كلام رب العالمين خالق السماوات و الأرض و ما بينهما و لكن لا بد إذن أن يتخلى عن عقله و علمه و يتعامى عن قناعته التي تشبه عنده كون 1+1=2 و كلام الله أولى بالتصديق من كل غيره و لو كان غيره هذا شديد العقلانية و الظهور. ثم واصل تفكيره قائلا: ولكن كيف ناقض العلم المؤكد كتاب الله المنزّل بالحق؟ أليس هذا شيء عجيب؟ لابد أن هناك خلل ما هنا أوهناك وحاشا لكتاب الله أن يحتوي خللا أليس الله بقائل: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا))؟ الكهف-01 هذا من جهة، و من جهةٍ أخرى: أيعقل أن أنكر كروية كوكبنا الأرض و حركاته الفضائية و كل الدلائل القاطعة التي تؤكد هذا رغم ترّهات و غباءات "المسطاحيون" و دلائلهم و براهينهم المزعومة الواهية و الخاطئة و الغبية أحيانا ما عدا النصوص القرآنية التي لا يمكن و لا يجوز و لا ينبغي الطعن فيها مِن قريب و لا مِن بعيد خشية الوقوع في الكفر و خطر عقاب الله الشديد.

يقال أنه إذا عُرف السببُ بطل العجبُ (بطلت الحيرة) و من الناس من كذّب بآيات الله لجهله بها ولأنها حيّرت فهمه و خالفت خياله و تصوره و نعوذ بالله أن نكون منهم ((بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ...)) يونس 39 إذن الخلل الذي سبب لي هذه الحيرة لا ينبغي أن يكون في الذكر الحكيم و لا يعقل أن يكون في المعطيات العلمية المُسلّم بها عندي بكروية الأرض و حركاتها الفلكية فالخلل لا يتعدى أن يكون في التأويل و التفسير لمعاني آيات الله في كتابه و هو خلل يتعلق بالإنسان الذي يخطئ و ينسى و يؤوّل بالخطأ كما يؤوّل بالصواب.

لقد أخطأ الكرويّ و زلّ لسانه حين قال لصاحبه أن الأرض "ليست مسطحة، و ليست قرارا"، و كان عليه أن يقول "ليست مستوية، و ليست ساكنة"، لأن الحقيقة أن هذا ليس ذاك و الخلط في فهم المصطلحات و الكلمات و استعمالاتها هو الذي سبب لنا كثيرا من المشاكل و التضليل و سوء الفهم و التفاهم معا و سبحان الله العلي القدير!!! إنه لمن المدهش حقا أن يسمّيَ مثلا أكثر الدعاة و الأئمة و المثقفون و الكُتّاب، إلخ... حياة البرزخ (التي تشمل النعيم أو العذاب معًا) بعبارة: "عذاب القبر"!!! أليس هذا خلط و عدم دقة في القول و تقليد شنيع و عدوى مضلّلة؟ إن الحياة في القبر بعد الموت و قبل القيامة تسمى "حياة البرزخ" أو حياة القبر" و ليس "عذاب القبر" لأنها قد تكون نعيما أيضا. أَوَلَا يوجد شيء آخر في القبور إلا العذاب؟ هذا لا يخرج على أن يكون أحد هذه: إما جهل أو تجاهل أو غباء أو تقليد أعمى أو عدم اكتراث. وكلها من علامات السلبيّة و التخلّف و المرض الفكري. و الغريب أيضا في مسألة (الأرض مفلطحة أم كروية) ضخامة المسألة و تشعّبها عقلا و علما و دينا مع تفاهة الأسباب و سهولة الانتباه لها لتتوضح الأمور و تنفرز.

ينقسم الناس نحو هذه المسألة (الأرض) أساسا إلى 4 أقسام:

1. -قسم لا يؤمن بكتاب الله مبدئيا سواء كُوّرت أو فُلطِحت نخرجهم من الاهتمام لأنهم لا يعنوننا في موضوعنا هذا، و شأنهم شأن آخر.

2. -قسم لا يصدّقون بكروية الأرض و حركاتها و يرون أن ذلك مخالف لما جاء في كتاب الله لكنهم من جهة أخرى لا يخوضون في التبريرات و الدلائل العلمية و الجدلية و المنطقية و التجريبية ليثبتوا أن الأرض ليست كروية و لا تتحرك و دلائلهم تتوقف فقط على القرآن و ما جاء فيه حسب علمهم به و تفاسيره. هؤلاء أعذر من غيرهم الذين يأتي و صفهم في القسم التالي.

3. -قسم يرون أن الأرض مفلطحة (مسطحة بتعبيرهم خطأً) مثل القرص أو الصحن أو الطبق وما يتبع ذلك من الثبوت و السكون (قرارا أو مستقرة حسب تعبيرهم خطأً أيضا) و قبة السماء التي لا يمكن اختراقها، إلخ... ليس فقط لأن كتاب الله يوافق اعتقادهم هذا (حسب رؤيتهم) بل و يخوضون بإثبات كل ذلك (حسب ظنهم) بدلائل و براهين و تجارب علمية، عقلية، منطقية، "ذكية" و قاطعة، و دامغة، و ساطعة، و....و يعلم من له أدنى ثقافة عامة في العلم و الدين و اللغة و مبادئ الرياضيات و قليل من التاريخ و الجغرافيا مع ما يكفي من الذكاء العادي أن براهينهم المزعومة كلها واهية أو خاطئة أو جاهلة أو غبية أو أحيانا متعمدة من أجل الغلبة و الغلبة فقط وهذا الصنف و إن كانوا إخواننا المسلمين (وعند الله سرائرهم و سرائرنا) فهم ملامون فقط في خوضهم في الحماقات العلمية و الفكرية المنحطة التي هي عكس العلم و الذكاء تماما و يصعب نحو أكثر هؤلاء تخليصهم من العناد و الإصرار على ما هم عليه من ضلال "فكري علمي و ليس ديني" و لا يستبعد أن يكون بعض الأذكياء الذين يتعمدون كل ذلك من أجل الإشاعة و التضليل و هؤلاء قسم آخر لا يدخلون ضمنهم.

4. -قسم يؤمن بكتاب الله و أنه أصدق الحديث و على قدر من الذكاء و الثقافة العامة و العلمية و يعلمون أن كروية الأرض و حركاتها حق و لا تخالف النصوص إلا في الأذهان القاصرة أو القليلة الدراية و الفهم، الكثيرة الخلط و الجهل و ما يعلمه الله من نوايا و نقائص و ما أبرئ نفسي من الضعف و النقص و لله كمال الصفات و كمال القوّة و العلم. و أنا إن شاء الله من هؤلاء و أحاول توضيح المسألة على قدر ما علّمني الله و آتاني من فهم و له الفضل و المنّة.

إن بعض الترجمات من اللغات الأجنبية إلى العربية خاطئة و ظاهرة الخطأ و الأدهى أنه قلّ من ينتبه لذلك و يتعامى عن الأمر ممّا يدل على عدم الجديّة وعدم الاكتراث و الرّضى بالجهل و اعوجاج الأمور فكلمة «flat earth» الانجليزية و «terre plate» الفرنسية تترجمان عادة و شبه رسميا "الأرض المسطحة" وهو خطأ مقصودا كان أو غير مقصودٍ. الترجمة الصحيحة للكلمة هو "الأرض المفلطحة" بمعنى مستوية و مستقيمة السطح مثل الصحن و الطبق تقريبا. و السطوح أشكال و أنواع فالبطيخة لها سطح و الطاولة لها سطح و البيضة لها سطح و جلد الإنسان سطحه و حتى الكروي يقول "نزلت المركبة على سطح القمر" مع أن القمر مكوّر عنده.

إن العلم الحق المؤكد لا يناقض أبدا كلام الله الحق المؤوّل بالحق إلا في الأذهان الجاهلة و القاصرة و المتحجّرة و ما أبرئ نفسي.

القرار هو stabilité و لا يعني السكون immobilité و لا الثبات fixité. يقال عن الطائرة عندما تتوقف عن الاضطراب في الجو بعد الإقلاع "استقرّت" "s’est stabilisé" مع أنها تطير بسرعة أضعاف السرعة القصوى للسيارة على الأرض مما يفهم أن الاستقرار إنما هو عكس الاضطراب و الاهتزاز و ليس عكس التحرك و الانتقال و الخلط و عدم الدقة في الفهم و التعبير و التأويل هو الذي ولّد مثل هذه التناقضات بين من يسمون "المسطاحيون" و "الكرويون" عند المسلمين و غيرهم و لا أستبعد مع هذا نظرية المؤامرة لتوجيه انشغالنا إلى مثل هذه التفاهات و الجدال عليها و الخصومة فيها و محاولة تجهيل المتدينين و تصريف الأنظار عن الانشغال الحقيقي و الأهم كوحدة الأمة و الإصلاحات السياسية و الاجتماعية و عوامل القوة و التقدم الحضاري إلى آخر ذلك من أغراضهم التي يعلمها الله.

• جدول بعض الترجمات من العربية إلى الفرنسية لأهم المصطلحات المستخدمة في الموضوع مع توضيحات بسيطة:

سطَح Terrasser, paver هو أن يجعل للشيء سطحا مهما كان شكله بيضاوي أو كروي أو مستوي أو منحني...

مدّ (مددناها) Etendre توسعة للشيء المركوم (عادة أفقية مستوية أو منحنية في مختلف الاتجاهات)

دحى، يدحو Niveler, aplanir تسوية الشيء بإزالة الحفر و التموّجات و النتوءات و الانخفاضات و التراكمات البارزة إلى حدّ ما.

فرش، يفرش Raidir, déployer, dresser, étaler هو بسط الشيء القابل للف مثل الزرابي و الأقمشة و الأفرشة على حامل صلب مثل الأرض (أرضية صلدة، أو رخوة مثل الرمل)

بسط، يبسط Tendre, exemple : tendre la main, tendre le linge. هو ضد القبض، كبسط اليد بدل قبضها و بسط الشيء المقبوض لعرضه على الأنظار و الاستغلال أو الانتفاع من بعد طيٍّ و منعٍ بالقبض...(قريب كذلك من معنى ينشر، كنشر الغسيل لغرض تجفيفه)

كوّر، يكوّر Peloter (enrouler sous forme sphérique, non cylindrique ni conique ni autre forme) هو اللفّ على شكل كروي و ليس مثل كبة الخيط الملفوفة بشكل اسطواني أو مخروطي مثلا. (الله كما ذكر في القرآن: يكوّر كلّا من اللّيل و النّهار أحدهما على الآخر حول الكرة الأرضية بانتظام و استمرار وتخالف).

• هذه المعاني هي المعاني المادية الحقيقية و البسيطة للكلمات غير المعاني المجازية مثل: يبسط الله الرّزق...فذاك مجال آخر.

ثم إن كلمة "الأرض" لها عدة مدلولات (معاني) حسب السياقات المختلفة القصيرة و الطويلة و إدراك المستمع أو القارئ و قدرته على استيعاب المعاني الظاهرة و الخفية ذكاءً و فطنةً و تجربةً مثلها ككلمات كثيرة في اللغات الراقية منها اللغة العربية. فالذي يقول لك: "أكلتُ قلبًا" غير القلب المعني عند من يقول: "أسعدتُ قلبًا" و إليك بعض المعاني و المفاهيم لكلمة "أرض" معرّفة أو نكرة:

اشترى زيد أرضا: أي اشترى قطعة أرضية و هي جزء صغير جدا مقارنة بالأرض الواسعة. كما أنه كذلك من الصحيح لغويا أن يُسأل: "ما ثمن الأرض التي اشتريتها؟"

يقول مضيف الطائرة لأحد الركاب مثلا على شيء في يده "ضعه على الأرض" رغم أن الطائرة في الجو بعيدة عن سطح الأرض بآلاف الأمتار، فالأرض هنا يقصد بها أرضية الطائرة.

الأرض القاحلة و الأرض الخصبة: يقصد أماكن محدودة من الأرض ذات الأوصاف المذكورة.

فلان نفوه من الأرض: لا تعني بداهة أنه نفي من كل الأرض بل من حدود الأرض التي يعيش فيها ضمن مجتمعه أو قبيلته أو بلاده، إلخ...

تسوية الأرض قبل الشروع في البناء عليها يقصد بها بداهة المساحة المعدة للبناء فقط.

بين القمر و الأرض مسافة كذا: هنا المقصود بلا شك الأرض بجملتها و كلّها ببحارها و محيطاتها و بَرّها و جبالها و أدغالها...إجمالا لا تفصيلا.

سقط الشيء من يدي على الأرض، أخذت حفنة من الأرض: كلها مدلولات و معاني مختلفة للكلمة.

و لست هنا أحرّض كل أحد أن يحصي و يدرس مثل هذه الخصائص اللغوية الكثيرة و الواسعة و أنا شخصيا لا أعلم منها إلا مقتطفات لا تسمن و لا تغني، إنما غرضي من القول هو التنبيه إلى أخذ ذلك بعين الاعتبار و تمرين (مرونة) المعاني في الأذهان بدل تحجّرها على معنى واحد للكلمة الواحدة مثلا.

قارن بين معاني الأرض في هذه الآيات:

1- "... وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" الحج 05

2- "...فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" يوسف 80

3- "...أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا..." النساء 97

4- "...أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ..." المائدة 33

5- "اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا..." يوسف 05

و من أغرب الغرائب التي سمعتها عند البعض أن الله عندما يذكر الأرض يقصدها كلها لأنه ليس مثلنا حيث نحن لا نرى إلا جزءا منها و هو سبحانه يراها كلها جملة و تفصيلا. لا يقول هذا إلا من قلّت معرفته بالله لأن الله يستوي عنده علم كل شيء: الكبير و الصغير، القريب و البعيد، الظاهر و الخفي، الكلي و الجزئي. فعلمه شامل كامل يستوي عنده علم كل شيء نملة كانت أو مجرّة ولا ينبغي البتة مقارنة الخالق بالمخلوقين في العلم (و في غير العلم). ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟)) الملك 14.

باختصار يجب العلم أن هناك فروق بين الأرض و الأرض و الأرض....

الاستدلال بمقولة إبراهيم عليه السلام للنمروذ: "قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ..." البقرة 258، لإثبات أن الشمس هي التي تتحرك بالنسبة إلى الأرض و أن هذه ثابتة ساكنة استدلال خاطئ و في غير محله و يمكن القول هنا (صدق الله العظيم و أخطأ المستدلّون) و سياق القصة أن ذلك كان حوار و تحاجّ بين عبد مؤمن صالح و بين متجبر مدّعي الألوهية فحاجه بالمنظور المعروف وما لا يستطيع الادّعاء أنه قادر على فعله ليبرهن له أنه ليس إلها و لا يدل ذلك على ما ذهب إليه المستدلّون بها. ثم إن ذلك كان حادثة قصها الله علينا على لسان بشرين في زمن غابر و القائل: "فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ" هو إبراهيم عليه السلام من أجل الحجة على الملك وليس الله، و إتيان الله بالشمس من المشرق حسب ما نراه و تدركه أبصارنا هو حق بلا شك غير أن الظواهر المرئية المعتادة منا ليست دائما حقائق جازمة في ذاتها، فزرقة السماء مثلا وجمالها الباهر (التي تبدو لنا كذلك، لله الحمد و المنة) هي في الحقيقة اللون الوحيد الذي تسمح بمروره طبقة من طبقات الغلاف الجوي من بين الألوان الأخرى (ألوان الطيف) التي تشكل لون ضوء الشمس المتراوحة بين البنفسجي و الأحمر فيما يتعلق بالأشعة المرئية و إلا فهي أكثر من هذا (فوق البنفسجي ودون الأحمر) و لولا الغلاف الجوي تعميما وافتراضا لكان لون السماء المرئي من الأرض أسودا كالحا في النهار، دون ذكر السلبيات الأخرى التي يفترض أن تنجرّ من ذلك مما يجعل حياتنا مستحيلة على ظهر الأرض.

إذا عُرِف ما سبق يُعلم أن الاستدلال بآيات القرآن (و تفاسيرها البشرية المختلفة) على عدم كروية الأرض و سكونها استدلال لا يصحّ و لا يقوم على قطعيّة الدّليل بل أحيانا ذلك مما يؤيّد الحركة مثل قوله عز و جل: ((اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا...)) غافر-.64، أي من نعمته و بنعمته و قدرته و رحمته و لطفه و فضله جعل لنا الأرض مستقرّة من الاضطراب و الاهتزاز رغم أنها تدور و تتحرّك مثل الطائرة التي لا نشعر بسرعتها . هذا من جهة، و من وجه آخر استقرار القشرة الأرضية المفروشة زلزاليا بأسباب أودعها الله فيها كالسلاسل الجبلية و الصفائح التكتونية و ما أسماه الله بالرواسي و الأوتاد التي تمنع الأرض أن تميد بنا من هذا الوجه. و الهزّات الأرضية الزلزالية التي تحدث هنا و هناك من حين لحين هي بمثابة تنبيهات و إشعار لنا بقدرة الله على عدم القرار مع كونها أيضا حسب الدراسات العلمية الحديثة مفيدة و نافعة لمجمل الأرض و مَنْ و ما عليها. كمثل النار التي نوقدها للانتفاع بها (التي قد تضرّ أيضاّ) وتذكّرنا بنار الآخرة لنتضرّع و نخشى و نتّقي أكثر: يقول الله عن نار الدنيا: ((نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ)) الواقعة 73.

إن الأرض خلقها الله كروية و هي كذلك كما قال في كتابه المنزل بالحقّ و لا اختلاف و لا تناقض و إن كنا جاهلين فالله يعلم و نحن لا نعلم و ما أوتينا من العلم إلا قليلا و لا أحد يحيط بعلم الله إلا بما شاء.

إنني لأعجب حينما أقرأ أو أسمع أحيانا بعض الجهال الأغبياء مثل بعض (المسطاحيون) يتهمون الأذكياء بالغباء!!! لمجرد أنهم يعلمون (لا أقول يظنون) أن الأرض كروية (تقريبا) و بلا شك و لكن هذا فيما يبدو شيء مراد و مؤامرة هادفة و ذات غرض مشبوه يعكسه بعضهم على أذكياء البشر من المتدينين وغيرهم من الكرويين حتى أن هناك من يصفهم (مع غباء مضحك و مؤسف) بعملاء وكالة ناسا!!!

إذا كان كما يقول المثل "الجنونُ فنونٌ" فإن الغباءَ و الجهلَ روائعٌ.

فوق كلِّ ذي علمٍ عليمٌ. و الله أعلمُ. و هو بكل شيءٍ عليمٌ.



   نشر في 06 غشت 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا