المجتمع المدني بين عقبات الحكومات و تحقيق التنمية المنشودة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المجتمع المدني بين عقبات الحكومات و تحقيق التنمية المنشودة

  نشر في 12 أكتوبر 2018 .

تحتاج الدول إلى قادة حقيقيين في جميع المجالات السياسية منها و الاقتصادية و الثقافية و غيرها من القطاعات الحكومية من اجل تسيير جيد يتوخى إشراك جميع المتدخلين في صناعة التنمية بالبلاد. و المجتمع المدني باعتباره القطاع الثالث مطالب أيضا بتكوين قادة يستطيعون رفع التحدي و تبليغ الرسالة النبيلة من اجل خدمة أفضل للمجتمع ككل ، قادة قادرين على إلهام الأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة و توجيههم للتحرك في الاتجاه السليم ، والحصول على التزامهم وتحفيزهم لتحقيق أهدافهم .

لكن مع التضييق المتكرر للحكومات حول المجتمع المدني سواء ما يتعلق بطبيعة أنشطته خاصة المتعلقة بالحقوق المدنية و حق الحصول على التمويلات المحلية منها و الخارجية حيث نجد أن مجموعة من الدول تسعى إلى قطع التمويل الخارجي عن المنظمات كليا أو جزئيا عبر مجموعة من القوانين التي تتنافى و الحقوق الدولية لحماية المجتمع المدني ، فان هذا الأخير مطالب بتحصين نفسه و تقوية قدراته البشرية في مجال التشريعات الدولية و تامين موارده المالية قصد ديمومة أنشطته الخيرية و التنموية . فما هي صفات القائد و ما هي أهم اكراهات المجتمع المدني و ما هي الحلول الممكنة لتحقيق دوره في التنمية.

صفات القيادة :

من بين الصفات التي يجب أن تتوفر في القائد ليتمكن من حشد الناس و توجيههم و تحفيزهم ليصبحوا فاعلين في المجتمع نذكر :

المتحدي : الذي يتحدى الإجراءات العملية و يسعى لتغيير الأنماط التقليدية و تغيير القوانين و التشريعات المجحفة في حق المجتمع المدني .

المشجع : تطوير روح الفخر لدى الأفراد بسبب إنجازاتهم و إعطاء كل ذي حق حقه

الممكن : و هو الذي يعرف مدى الطاقة المختزنة لدى كل أفراد الفريق و يعمل على بناء الثقة بينهم و يتيح مشاركة الجميع في التنفيذ و البرمجة و في اتحاد القرارات كل من موقعه و مؤهلاته .

المقدم : و هي صفة الأشخاص الذي يصنعون الأحداث ولا ينتظرونها تحدث فيأخذون المبادرات و يتقدمون في الصفوف الأولى ليكونوا مثالا يقتدى به من طرف بقية الفريق و منهم يستلهم الشباب القوة و الرغبة و الإصرار .

المتبصر: و هو الذي يعمل على إقناع وإلهام ودفع الآخرين للأداء حسب الخطة والأهداف حيث يمتلك رؤية ثاقبة و مستقبلية تمكنه من وضوح الرؤية ويعمل للوصول إلى الأهداف دون خوف متحديا كل العراقيل و الحواجز التي تعترضه ، محاولات التكيف مع الأوضاع الجديدة و المتغيرة باستمرار .

اكراهات المجتمع المدني :

باعتباره قطاعا ثالثا إلى جانب القطاع العام و القطاع الخاص فان المجتمع المدني في العديد من الدول يعاني من العديد من الاكراهات المتعلقة بأنشطته و حق تأسيس الجمعيات و النظرة السلبية للحكومات التي تحاول التضييق عليه عبر مجموعة من القوانين و التشريعات التي تضعها للحيلولة دون اشتغاله و منها:

الحصول على التمويل : حيث نجد دولا مثل روسيا و فنزويلا و إثيوبيا و حتى بعض الدول العربية تقوم بوضع قوانين تعجيزية أمام منظمات المجتمع المدني من اجل الحصول على التمويلات الخارجية و المحلية بتبريرات واهية و غير منطقية مثل زعزعة استقرار البلاد و خدمة أجندات خارجية و هذه المبررات تتنافى مع المبادئ الدولية لحماية المجتمع المدني (المبدأ 6 : الحق في التماس الموارد وتأمينها) ، متجاهلة التنمية التي تساهم بها المنظمات خاصة في القطاعات الاجتماعية التي تكون هشة في ضل السياسات الفاشلة لهذه الحكومات .

ممارسة الأنشطة دون رقابة : هناك مجموعة من الحكومات تحاول فرض رقابة على أنشطة منظمات المجتمع المدني بتبريرات مثل محاربة الإرهاب و الحفاظ على الأمن العام و قامت بسن تشريعات غير واضحة و قابلة للتأويل من اجل التدخل في أي نشاط تراه يهدد مصالحها و في بعض الأحيان منع تأسيس الجمعيات و إغلاق مقرات منظمات ضاربة عرض الحائط المبادئ التي تحمي المجتمع المدني و منها : الحق في تكوين الجمعيات ، الحق في العمل بمنأى عن التدخل غير المبرر للدولة ، الحق في حرية التعبير، الحق في الاتصال والتعاون ، الحق في حرية التجمع السلمي، واجب الدولة في الحماية.

المجتمع المدني و التنمية

تهتم الدول المتقدمة بالمجتمع المدني نظرا لأهميته الكبيرة في التنمية و خلق الثروة المادية و البشرية و مساعدة القطاع العام في معالجة مجموعة من المشاكل بعيدا عن النظرة السلبية التي نجدها في الدول العربية مثلا و بعض الدول الأقل تحررا.

حيث يوفر المجتمع المدني فرص عمل كثيرة تفوق في بعض الأحيان ما يوفره القطاع العام و الخاص مما يجعله قطاعا حيويا من اجل امتصاص البطالة التي تتخبط فيها مجموعة من البلدان حيث يشغل فئة عريضة من المتطوعين و المأجورين و يحقق رقم تعاملات يفوق بكثير تعاملات بعض الشركات الكبرى عالميا.

كما يعمل المجتمع المدني على تنفيذ العديد من المشاريع التنموية ذات الأثر المباشر على الساكنة خاصة الفئات الهشة من المجتمع بعيدا عن التعقيدات و المساطر الإدارية المعقدة التي تسود في القطاع العام بالإضافة إلى الفساد الإداري و المالي الذي يغلب على اغلب تعاملاتها. هذه الأمور تجعل المجتمع المدني منتجا للثروة و المال و حلا للمشاكل الاجتماعية و لاعبا أساسيا في تنمية البلدان و ليس منافسا و مهددا لاستقرارها كما تراه مجموعة من الحكومات.

و في ظل الوضعية الراهنة فان المجتمع المدني مطالب بتغيير النظرة السلبية للحكومات حول أدواره و تعزيز الثقة بينه و بين المساهمين و المانحين المحليين و الدوليين عبر مجموعة من الإجراءات الداخلية و عبر التشبيك الذي يتوخى تقاسم الأفكار و المعرفة بين منظمات البلد الواحد و بين البلدان في إطار تحالفات و شبكات.

يعتبر الوقف الخيري في الدول الإسلامية مصدر تمويل غالبا ما تحصل عليه الوزارات المكلفة بالشؤون الدينية نظرا للنظرة التقليدية للوقف في حين يجب العمل على استقطاب الوقف و الهبات من قبل المنظمات و توسيع نطاقه إلى مشاريع تربوية تعليمية و استشفائية و غيرها من الأنشطة الاجتماعية مما يعزز ثقة الشعب اتجاه المجتمع المدني .

و لكونها غطاء لتبرير فشلها في معالجة الأوضاع المعيشية للسكان و إخفاق سياساتها الاجتماعية فان الحكومات تحاول منع المجتمع المدني بذريعة نظرية المؤامرة متهمة إياه باستهدافها ، فان المنظمات مطالبة بتقوية هياكلها الداخلية عبر تطبيق حوكمة جيدة تتوخى الوضوح و الشفافية في التعاملات و وضع استراتيجيات لتنفيذ مشاريعها مع تطبيق صارم للمراقبة و المحاسبة كمبدأ أساسي من اجل تحصين البيت الداخلي و المطالبة بتطبيق مبدأ الشفافية من قبل القطاع العام لتخليق الحياة العامة في الدول كغاية كبرى.

كما يتوجب على منظمات المجتمع المدني العمل على نشر المعرفة بين أعضائها و في المجتمع الواحد و ما بين الدول ، فاغلب المنظمات تعاني جهلا في القوانين المحلية التي تؤطر عملها و حقوقها الدستورية و كذلك ما يتعلق بالمبادئ الدولية لحماية المجتمع المدني و هو ما يجعلها عرضة لتدخل الحكومات في أنشطتها و في حقها في الحصول على التمويلات المحلية و الخارجية و ممارسة أنشطتها دون رقابة. و هنا وجب على المنظمات العمل في إطار تحالفات و شبكات إقليمية و وطنية و ما بين البلدان من اجل توسيع نطاق المعرفة القانونية و التشريعية بينها و تقوية قدراتها التنظيمية و كذلك الترافع و الضغط على الحكومات التي لا تحترم المواثيق و المعاهدات الدولية لحماية منظمات المجتمع المدني .


  • 1

   نشر في 12 أكتوبر 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا