مقبرتي كتب... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مقبرتي كتب...

مقال

  نشر في 27 أبريل 2015 .

مقبرتي كتب...

أثناء أيام طويلة من الملل، وقعت ضحية مرض إدمان الكتب... بعد أن عشت حياة كذب ونفاق وإنفاق وإسراف دون وعي، مما دفعني إلى الإستذانة، بعد أن رهنت جميع أملاكي: حب، أفكار، أحلام وقلمي الجاف... لما وجدت نفسي في النهاية عاجز عن سداد الدين... انتحرت بتجرعي مداد المحبرة... فلم يجدوا إلا أوراقي لكفني، وكلماتي لتأبيني... وتخاصموا على مكان دفني... نزر تقول يجب نثر رماده، بعد حرقه، داخل أروقة المكتبات... وفئة تقول يجب تحنيطه في المعارض السنوية .. لنجعل منه عبرة لكل قارئ يزيغ عن خط القطيع...

كانت ليلة لا تنسى... لم أتحمل عودتي للحياة البئيسة... كنت فاقد الإحساس بوجودهم، منتصرا عليهم بخلوتي... كنت أحلم بأن أتزوج في منتصف الليل على ضوء المشاعل والشموع... لكن كان علي أن أقنع نفسي بزواج بسيط أولا... مع أفكار كتب قرأتها ذات زمن مضى...

فاستبد بي العمر. وأخذ ينهشني الندم، ورحت أسب القدر وأحسد البشر؛ وأعلن أنني قد سئمت الناس أجمعين إلا كتبي وكتاباتي... لذا قررت أن أعيش في هدوء عباءة المتنسكين...

كانت عشيقتي في البداية مدلهة في هواي. أبدت لي من مظاهر الاستكانة والخضوع ما زادني منها نفورا... تحملت أشد الآلام في بادئ الأمر، دون أن تشكو من جري وراء سراب عاهرات العمل وبطلات الروايات... لأعود إليها في المساء وريح ثمالة خمر العياء والقرف تهب مني...

ثارت كبرياؤها. لم تملك سوى أن تكتم الغضب في صدرها، ولاذت بنوع من الصمت الفلسفي لازمها حتى لقائها بزوج افتراضي. يستطيع توفير ظله لها... اللهم ظل رجل ولا ظل حائط... فلسفة تربـّيها وتزرعها الأمهات في بناتها مند الصغر. فأضحت الفتيات كلما رأت رجلا أو من أشباه الرجولة، طوقا لأمانيها وأحلامها... عوض التعليم والقراءة... فعقد الزواج كشهادة التخرج من الجامعة... تعفيها وجع الرأس وسهر الليالي.. فحين يفرحها ألم سرير الوجع ولياليه الملاح...

فتؤدي أعمالها وواجباتها اليومية على نحوها، كما يفعل حمار الطاحونة، إذ يدور في مكانه وهو معصوب العينين لا يعرف شيئا عن نوع الحبوب التي يـُسخّرُ لطحنها...

لذا فكرت ثانية بالانتحار... هذه المرة كالسلطان سليمان أو هارون الرشيد، وليس كمولاى إسماعيل باعتبار ارثه الذي تركه... مقارنة مع سلاطين التاريخ... فيكفي أن أتذكر 500 ولدا ومثلها من الإناث حتى يراودني الحنين إلى قبر الكتب... ومراجعتها من جديد...

جال في خاطري الإنتحار مرة أخرى... فما زلت أتحسس وأتذوق في فمي طعم مداد الزمن ولوعته... سأستبدله بسم الاستهجان...

سعيد تيركيت

الخميسات - المغرب - 27 / 04 / 2015


  • 2

   نشر في 27 أبريل 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا