السطو على التراث الفلسطيني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

السطو على التراث الفلسطيني

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 14 ديسمبر 2021 .

السطو على التراث الفلسطيني

هيام فؤاد ضمرة

حرب خسيسة تلك التي تعتمدها دولة الاحتلال والتمييز العنصري تتعدى حدود احتلال الأرض غدرا، بل تتجاوز بالاستحواذ على الرؤية والتراث الفلسطيني والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية..

هي ليست العملية الأحدث في عمليات السطو الاسرائيلي الصهيوني على التراث الفلسطيني العميق تاريخيا وجغرافيا، لكنها العملية الأجرأ بالصورة الوقحة المستفزة التي تداولها الاعلام الصهيوني بكثير من الاعتزاز الموهوم عارضا التراث الفلسطيني على أنه تراث اسرائيلي تاريخي، مبددة بذلك إرث الفلسطينيين الحضاري وسرقته ونسبه إليهم كونهم شعب بلا تاريخ ولا هوية ولا لغة ولا إرث حضاري لهم على أرض البسيطة جميعها.

ممارسات الصهاينة أثبتت حتى هذه اللحظة أنها عبارة عن عصابة اجرامية تمتهن السطو لأجل السطو، وقد أصابهم نجاحهم باحتلال فلسطين بعون بريطاني غادر، وطرد شعبها العربي الفلسطيني إلى بلاد الشتات، ووقوف دولة المركز داعما لها لتحقيق مصالح مالية واقتصادية، كل هذا أصابهم بحالة من الشعور بالتعظيم الذاتي وامتلاكهم السحر في السطو على كل ما يستطيعون سرقته لتزييف تاريخ لا وجود له ولا حصة لهم فيه.

تاريخ مزيف مسروق من الإرث الفلسطيني العربي المسلم، لا يمت لهم ولا لأصولهم ولا علاقة لهم به ولم يكن يوما من موروثهم، ليجدوا لأنفسهم شرعية مزيفة تمنحهم حق السيطرة على وطن الفلسطينيين، ونسب تراثه وتاريخه وجغرافية وطنه الفلسطيني إليهم ولو كذبا وبهتانا وسطوا اجراميا.

وهم الأروبيون من الأصول الخزرية المطرودة من وطنها كانوا انتشروا في كل أوروبا والأمريكتين بعد احتلال روسيا لبلاد الخزر وتشتيتهم عنها، فلا يحملون أي إرث ولا تراث ولا عادات شرقية ولا فلسطينية، انما زاولوا تراث الدول التي اقاموا فيها لينخرطوا في بيئتها وتاريخها، حتى أشكالهم صارت تميل إلى هؤلاء لتزاوجهم معهم على مدى ما يزيد عن قرنين من الزمان أحدثت بهم التغييرات.

حاول الفلسطينيون عبر مؤسساتهم الوطنية المد الحصول على الصفة التاريخية والتراثية الدولية عبر اليونسكو لأماكن فلسطينية إلا أن عدم استجابتها للكثير من طلباتهم فيما تقبل تسجيل العشرات من أماكن دينية غير مرتكزة على توثيق للمحتل لعونه على تهويدها.

والسلطة متهمة بالتقاعص بالسعي وراء الحصول من اليونسكو على الصفة الدولية للأماكن التراثية الفلسطينية العريقة في تاريخها الحضاري وفي تراثها التاريخي والاجتماعي والثقافي الغني المنتشر على كامل الوطن الفلسطيني بثراء جميل وضارب بالقدم وبالأحداث التاريخية الموثقة.

وعلى العرب الفلسطينيين السعي النشط للحصول دوليا على ما يحفظ تراثهم وتاريخهم وجغرافيتهم من السطو الوقح من دولة لا تملك قيم المصداقية ولا يقين الأمانة مما يجعلها دولة احتلال لا تملك تاريخا ولا تراثا هي مجرد دولة نشأت من العدم محتلة للأرض الفلسطينية، قائمة على تزييف للتاريخ وللحقائق التاريخية والتراثية لتخلق لنفسها جذور غير حقيقية لأنها مزيفة، وعلى الفلسطينيين أن يواصلوا إعلانهم دوليا بالتزامهم بالاتفاقية الدولية للحفاظ المواقع التاريخية في فلسطين من خلال توثيقها دوليا، فما دام الفلسطينيون أصحاب حق تاريخي عليهم أن يتخذوا كل الوسائل للحفاظ على تراثهم وتاريخهم وجغرافيتهم.

فدولة الاحتلال تحاول تزييف أسماء القرى والمواقع لمنحها صفة يهودية، ولاستحداث أسماء يهودية مزيفة لها لا أساس لها من الصحة ولا توثيق تاريخي لها.. هي دولة مزيفة لحق مزيف، لتاريخ مزيف، لكتاب مزيف، لألاعيب غارقة بالفعل المزيف، فئة مزيفة تمنح لكل من يحمل ارتباطا باليهود هوية اسرائيلية حتى لو قال هذا الانسان في مواقع عبور دولة الاحتلال أن أمه يهودية أو أنه غير ديانته الأصلية لليهودية.

لم ولن تمت قضية حافر الآثار اليهودي الغشاش، الذي زيف قطعة حجرية أثرية كتب عليها نصوص عبرية، ليثبت أن لليهود وجودا بالتاريخ الفلسطيني، فكشفته الجهات الدولية حين عرضت الحجر للفحص الإشعاعي بمادة نترات الكربون الشعاعية التي تكشف عمر الأثر التاريخي بدقة متناهية.. وحتى هذه اللحظة ما زالوا يحاولون استخدام كل تاريخ فلسطيني لتزييفه والسطو عليه وإلحاقه زورا بهم أو بتاريخهم

واليوم يروج اليهود الأكلات الفلسطينية على أنها أكلات من التراث اليهودي والزي الفلسطيني النسائي والرجالي على أنه زي يهودي، وأن الصناعات التراثيى الفلسطينية هي صناعات يهودية علما أنهم ما مارسوها أبدا في دول شتاتهم وهذا أمر مضحك للغاية، بنفس القدر هي لعبة مقززة لم تستخدمها أي دولة مستعمرة لأنها دول ذات إرث خاص وتاريخ واضح وثقافة معروفة واضحة وضوح الشمس.

فالشعب الفلسطيني يقع على عاتقه التمسك بالاتفاقية الدولية للحفاظ على المواقع التاريخية في فلسطين، والمعروف أن فلسطين تملك من التراث المادي ما ينافس مصر من قيمة أثرية وتراثية ورغم ما تحاوله اليونسكو من عرقلة تدويل المواقع الأثرية في فلسطين ألا أن الفلسطينيين نجحوا في تسجيل ثلاثة مواقع فقط في اليونسكو ضمن التراث العالمي

فاسرائيل لا تني تحاول جاهدة محو التراث الفلسطيني وانتهاكهه وسرقته وتسجيله على أنه تراث اسرائيلي ممارسة بذلك انتهاكات صارخة تسكت عنه متقصدة دول الغرب وأمريكا، فهم بهذا الاتجاه يمارسكون قاعدة لا أرى لا أسمع لا أتكلم

ناهيك عن المحاولت الاسرائيلية بتدمير الأبنية الفلسطينية التاريخية داخل القرى بحجة غياب مالكيها خارج البلاد، الحق يثبت بالتقادم ولا حق لحكومة الاحتلال بسرقة المنازل تحت تبرير غياب سكانها.

مها السقا تابعت السرقات التي تزاولها دولة الاحتلال في بلاد الغرب وعملت جاهدة على استرجاع الصفة القانونية لاثبات فلسطينية هذا التراث المسروق على عينك يا تاجر.

اننا نقف أمام صراع تاريخي وحضاري غير مسبوق في سرقة جغرافية وتاريخية وتراث ووطن الفلسطينيين، تجري على مرأى ومسمع من العالم، ويقابل بصمت وحماية تناقض شعاراتهم وادعاءاتهم، أمم تمارس العنف والسطو والقهر بشعوب العرب المسالمين، تظلم ولا تدرك ما لله من امكانات تغيير الأحوال.

لا يوجد بالتاريخ الاستعماري على مدى قرون من عمر الأرض كمثل هذا الاستلاب لتراث الدولة المحتلة كما تفعل دولة الاحتلال الاسرائيلي، وهي تبحث لها عن وجود شرعي لاحتلالها الدولة الفلسطينية، وارتكابها الممارسات الوحشية بالقهر والاستلاب والسطو المادي والعيني والتاريخي، وارتكاب الجرائم الإنسانية، وسرقة منازل السكان وأراضيهم المملوكة، وهدم المنازل على محتويات سكانها الشخصية، وإلقائهم بالعراء، وبناء أسوار ترتفع عدة أمتار بالفضاء وتنغرس عدة أمتار بالأرض تصل لعشرة أمتار، لتبني أكبر سجن جماعي على وجه البسيطة، لتمنع عن القطاع كل أسباب الحياة لأكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة، دون مساءلة من المؤسسات الأممية والإنسانية ودون تدخل من التحالف الغربي غير العادل والمتحيز بصورة مبالغا فيها، والذي يستخدم معياران مختلفان لمواجة قضايا الشرق تنصَّب بحماية دولة الاحتلال غير الشرعية، ومواجهة أهل الرأي والفكر بممارسات التكميم ومنعهم من حرية التعبير.

المعركة ما زالت مستمرة بين حكومة العدو المزيفة لشكلها العام، وبين الفلسطينيين أصحاب الحق التاريخي لمنع المحتل من السطو على التراث الفلسطيني في الطعام واللباس وسرقة الأماكن وهودنتها زيفا وبهتانا.

وكل هذه الممارسات تؤكد أن دولة الاحتلال مجرد مشروع استعماري ملفق من أساسه ويعتمد التزوير والسرقة .. هناك فن عربي فلسطيني مسروق ومعلن عنه أنه مسروق من قبل دولة العدو على المكشوف في معرض مفتوح للزوار، دليل على أن هذا العدو غير الإنساني ليس هناك من شيء يهابه بالرؤية العالمية نحوه.

والحقيقة التي لا لبس فيها أن هذه الحالة لا ينفع معها إلا المقاومة وتعميم ثقافة المقاومة وهما أمران مهمان في مثل هذه الحالة.. ومسألة ترويج خارطة فلسطين كاملة هو واجب عربي أصيل ..

علينا ألا ننسى قضية العرب الأولى لأنها ليست قضية تخص الفلسطينيين فقط.. وعلى الشعب الفلسطيني العودة لكل مظاهر التراث الفلسطيني وممارسته على الدوام في الداخل الفلسطيني وفي الخارج في دول الشتات كممارسة الأغاني القلسطينية التراثية وارتداء الثوب الفلسطيني واعداد أطعمة المطبخ الفلسطيني التقليدي، وتدريس القضية الفلسطينية بإسهاب، والتذكير بالهوية الفلسطينية وتثبيتها في عقلية الأجيال.

اننا نعيش حالة سطو مستمرة من الاحتلال الصهيوني.. ونحتاج قيادة فلسطينية غير متخاذلة ولا متهاونة تمثل قوة الثبات على الحق.. فالقيادات تتلاشى وتذوب مع الزمن هو نظام كون وحياة خلق الله عليه خلقه، لكن تبقى الشعوب والأرض وروح الانتماء.. فالأمل اليوم بات مركون بالإرادة الشعبية لتتخذ من القضية الفلسطينية غايتها الكبرى وأهميتها الأولى، وعلى كل فلسطيني أن يبث بأبنائه فكر المقاومة وأمل التحرير، والتبرؤ من كل الاتفاقيات التي تتغول على الحق الفلسطيني.


  • 3

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 14 ديسمبر 2021 .

التعليقات

Dallash منذ 2 سنة
"حليمة"

ارْتَوَيْنَا

مِنْ نَبَعِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَة

وَالْآنَ نَسْتَقِي

مَكَارِمَ الْأخْلَاقِ مِن نَبَع يَتِيمَة

وارْتَشَفْنَا

الْمَهَانَةَ وَالْذُّلَّ مِنْ كَأْسٍ ذَمِيمَة

وأَصْبَحْنَا

أَطْلَالَاً وَبَعْضُ أَسْمَالٍ قَدِيمَةْ

وأَمْسَيْنَا

مَرْتَعَاً لِعَادَاتٍ سَقِيمَة

وصِرْنَا

نَتَخَبَّطُ فِي قِيعَانٍ وَخَيْمَةٌ

وظَلَلْنَا

نَبْحَتُ لِحَيَاتِنِا عَن تَمِيمَة

كُنَّا

أَحْفَادَ فَاطِمَةٍ وَرَضِيع حَلِيمَة

لكِنَّنَا

الْيَوْم نَتَشَدَّقُ بِالْحِكْمَةِ وَالْشَكِيمَة

وَمَا فَتِئِنَا

نُهَرْوِلُ نَحْوَ حَقِيقَةٍ عَقيِمَة

لَعَلَّنَا

نَلْتَقِي بِعُرُوبَةٍ كَرِيمَةٍ رَحِيمَة

والوَطَنُ

بَاتَ مَسْرَحَاً لِلْفَسَادِ وَلِلْجَرِيمَة

تَاهَتْ

الْأَفْكَارُ منا وَالْعُقُولُ الْحَكِيمَة

وَغزَا

الْجَهْلُ منا الْعُقُولَ السَّلِيمَةِ

فَمَا قَوْلُكِ

فِينَا يَا حَلِيمَةُ ؟ !

ماهر باكير

1
hiyam damra
ما أجمل بوح يمنح الحس والجمال من أعماق صمت الحروف فتصير نداءا يسكن الصدور
Dallash
وما اروع أن نجد من يتذوق الشعر، ويغوص في أعماق الحروف ...حفظك الله ورعاك أستاذتي
Dallash منذ 2 سنة
أن يعيش المرء حبيس الماضي، فهذا يعني أنه وأد حريته بملىء إرادته..و قد باع نفسه لمرفأ تتهالك على شاطئه أمواج حياته، وأصبح حاضره كماضيه بقايا من جدول زمني محذوف!!..لكن الشعب الفلسطيني لم يفعل، بل وعلى مر السنين ومع توالي المؤامرات والأزمات كان يخرج ولا يزال يولد من تحت الرماد.
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا