الغفلة وعجلة التاريخ
هي الغفلة , تأخذنا عن حتمية النهايات , نسرع فوق صفحات العمر أحيانا دون أن نتأمل ما نسحقه تحت أقدامنا , فثمة أشياء إذا كُسرت فإنها لن تُجبر مهما حاولنا , ينقر القدر بأصابعه المهيبة فوق أيقونات حياتنا , حتى إذا ما وصل إلى (رست) لن يستأذن منا , وإذا تلك الصفحات التي بعثرناها بعشوائية ودون تفكير قد حُملت للخادم السمائي حيث لا رجعة ولا مراجعة .
هناك من يملك رحمة من الله لينظر تحت قدمية وحوله ليتقِ أذية روحه قبل أذية أرواح الغير , وهناك من يُحرم تلك النعمة فيغوص في غيه حتى الغرق .
ليتنا نتذكر أننا لن نملك موثقا من الله بالعفو والرحمة , بل هي مشيئته حين يريد .
تلك الغفلة هي التي قد توردنا نارا حامية , وهي أيضا إذا كانت في رعاية الله توردنا جنات عدن .
اليوم اختلط الحابل بالنابل , وصار ما قال عنه معاوية رضي الله عنه " منكر الأمس قد يكون معروف اليوم , ومنكر اليوم سيكون معروف الغد " .
التاريخ عجلة دائرة منذ هبوط أدم وحواء على الأرض , ولن تكون أعوادها ثابتة أبدا مهما حاول البشر وستظل في دورانها حتى تقوم الساعة وتتوقف عن الدوران , فلا المجتمعات ستظل كما تركها الأباء والأجداد , ولن تكون كما نتركها نحن لأبنائنا , ولن يتركها الأبناء لأحفادنا كما هي , فما لم يتقبله الأجداد تقبلناه اليوم , وما لم نتقبله اليوم سيتقبله الأبناء غدا , نحن اليوم كشهداء على هذا العصر رأينا مالم يمكن أن نتصوره من تقلبات الحياة على جميع نواحيها , العلمية والصناعية وأساليب البناء والملبس والمأكل والمشرب والترف واللهو بل وحتى الأخلاق وربما الدين , رأيناه وأخضعنا التاريخ لمتغيراته وقبِلنا بها طائعين أو كارهين , لقد كانت تلك المتغيرات في طفولتنا كما نراها اليوم هي زلازل حضارية وبراكين أخلاقية وخرافات حضارية تركب جنح الخيالات فقط .
واليوم هي أشياء عادية نمر بها دون دهشة وإنكار , بل نتعود عليها كل يوم يمر , ونتعود على كل جديد في كل يوم جديد .
ومن الطبيعي أن نتساءل , ما لذي سيراه أبناؤنا وأحفادنا في ايامهم القادمة من الكثير من الأمور التي لا نتصورها نحن اليوم كما لم نتصورها في الأمس ؟
-
ADELMOLEHhttp://adelansare6.blogspot.com/