المهرة.. حضارة الجنوب وبوابته الشرقية الى العا
اعداد/ رائد الجحافي
تقع المهرة في الجزء الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية بين خطي العرض(15-18) وتلامس الحدود الغربية لسلطنة عمان, اما من ناحية الغرب فتحدها محافظة حضرموت ومن الناحية الشمالية الربع الخالي وجنوباً بحر العرب وتعتبر محافظة المهرة من المحافظات التي تحوي اقل عدد سكان رغم كبر مساحتها الكبيرة.
وقد وصلت حدود المهرة في بعض مراحلها التاريخية إلى الشحر غرباً وحاسك شرقاً وكذا إلى قبر النبي هود في الغرب وثمود في الشمال الغربي.
مجتمع المهرة مجتمع مسلم ولغة التخاطب اليومي ـ هي اللهجة المهرية لغالبية من السكان دون أن ينفي هذا وجود من يجيد العربية الفصحى ويحدب عليها، لغة وكتابة وأدباً، بل إنه ليوجد في بعض مدن المهرة، بعض البيوتات ـ إن صح التعبير ـ قد تخصصت بعلوم العربية ـ وأصبحت مقصد الناس ومرجعهم لما يتعلق بالشريعة وعلوم العربية، فمنهم علماء في علوم الشرع والعربية، مثل أبي ثور المهري من مدينة الشحر.
ولعل هذه البيوتات أو العائلات التي تخصصت بعلوم العربية والقرآن الكريم كانت امتدادا لرباطات حضرموت، ليس هذا فحسب، بل إن حماس المهرة وتعصبهم أو غيرتهم على القرآن واللغة العربية لا يقل عن العرب الآخرين، وهم عرب وحماسهم لعروبتهم ودينهم لايفتر.
ولعل من هنا برز بعض الحماس القوي لدى بعض شباب المهرة في السنوات الأخيرة، والذين خرجوا عن المألوف وأصدروا مؤلفات بالفصحى لا تقل جودتها عن مثيلاتها في المكتبة العربية.
اللغة المهرية
يقال إن تلك اللغة هي لغة قوم عاد وهي مشتقّه أساسًا من اللغة الحميرية ،وهي لغةٍ بمعنى الكلمة، أي إنها تحمل جميع أساسيات اللغة من قواعد واستقلال الكلمات والاسماء أيضاً.
تتكون هذه اللغة من الأصوات العربية إضافةً إلى ثلاثة أصوات لا توجد في أي لغة أخرى.
ولكن بإمكان من يعرف تلك اللغة كتابتها وقراءتها بسهوله تامه إلاّ إنه لم يقم أحداً لغاية ألآن بتأليفها وقيدها لتسهيل الكتابة والقراءة,, والسهولة في ذلك الامر أن حروفها حروف عربيه من الألف للياء عدا تلك الحروف الثلاث التي يمكن كتابتهم بأي شكل مناسب وتنتهي مشكلة الكتابة والقراءة ويسهل تعلّمها وتعليمها لمن يشاء, الاعداد والأرقام:-ذكرنا سالفاً بأنه لم يتم قيد أو تأليف اللغة ،, ولذلك إن الأرقام والأعداد في تلك اللغة لم تكتب وإنما تلفظ فقط, وكل عددٍ له تسميته الخاصة به.
توجد في المهرة مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة إلا إنه لا توجد مياه كافية، ويقدر عدد العاملين في القطاع الزراعي 0.03% من إجمالي عدد السكان في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية.
تعد المهرة من الاراضي الغنية بالغاز وقد قامت عدة شركات بترولية بالمسح فيها أولها شركة أبان أمريكا عام 1965 م ثم شركة النمر عام 1992م كل هذه الشركات أكدت وجود النفط والغاز بوادي سعف ومحيفيف والغيضة والفيدمي ووادي شحن لكن بسبب سياسة الاحتلال اليمني جرى اهمال مواصلة التنقيب فيها وهذا يعد اليوم بالنسبة للمهريين نعمة حتى لا تتعرض ثرواتهم للنهب.
يوجد فيها ميناء نشطون الذي يستقبل حمولة (2000) طن، وتوجد فيه خزانات النفط.
تمتاز المهرة بساحل طويل يقدر بـ560كم ويعمل على شريط هذا الساحل الاف الصيادين، اذ يعتبر صيد الأسماك المصدر الأساسي للغذاء هناك.
محمية حوف
تقع محمية حوف الطبيعية في محافظة المهرة على مساحة جبلية تزيد عن 30,000 هكتار يبلغ أعلى ارتفاع فيها حوالي 1,400 متر عن سطح البحر ، و حوف تقع بمحاذاة السواحل الجنوبية على امتداد يقدر بحوالي 60 كم من جبل رأس فرتك .وتحوي غابة حوف على اشجار نادرة وغريبة..
المعالم الأثرية والتاريخية في المهرة :
مدينة الغيضة , مقبرة الغيضة , متحف الغيضة , قرية ضبوت , حيروت , ميناء خلفوت , ميناء نشطون , كدمة يروب, مستوطنة حبروت الأثرية , حصن عمرتن,حصن بيت جيدح , مستوطنة دمقوت , قصر السلطان, جبال حيطوم , جبال مرارة , حصن خيبل و حصن الكافر.
مناطق السياحة البحرية ( الغوص – الرياضات المائية – الاستجمام ): وتشمل الشريط الساحلي للبحر العربي الممتد من شواطئ حوف عند نقطة الحدود اليمنية العمانية شرقاً حتى شواطئ قرية حساي غرباً ( أخر القرى التابعة لمحافظة المهرة ) ويقدر طول شواطئ ساحل هذه المنطقة حوالي ( 400 ) كم (وتأتي أهمية شواطئها كونها أقرب الشواطئ اليمنية إلى سلطنة عمان) ، نشطون , شاطئ بلحاف , شاطئ الفتك , شاطئ السلاحف ( ردغال- شيصور) ,سواحل مديريتي حوف و حصوين ومعظم سواحل المحافظة , ميناء خور الاوزن ,مدينة الغيضة القديمة ,مستوطنة دمقوت في مديرية حوف , قرية محيفيف، قشن.
مهرة اسم قبيلة وارض تقع في اقصى شرق اليمن على طول الارض الممتدة بين عمان وحضرموت وتمتد الى الداخل حتى الربع الخالي اما تاريخيا فتشمل اراضي بعض قبائل الشحاري والقرا والبطاحرة في ظفار اما سكانها فيغلب عليهم طابع الحياة البدوية ويوصفون في الكتب القديمة بالوحوش في الرمال .وذلك لطبيعتهم البدوية الاعرابية.
اللغة المهرية :هي لهجة كانت في قديم الزمان لغة الكثير من الدويلات التي قامت على الشريط الساحلي للجنوب وافريقيا وبقيت مع المهرة الى اليوم وكانت هذه اللهجة لغة العرب القدماء وهذا ما أكدته النقوش. اما سبب احتفاظهم بها الي اليوم فذلك بلا شك كان انعزالهم في ارضهم بعيد عن المراكز الحظرية وخاصة بعد فقدانهم لمملكتهم القديمة حضرموت بعد احتلالها من قبل الريدانيين ايام شمر يهرعش لذلك انعزلوا واحتفظوا بثقافتهم القديمة وعاداتهم البدوية الاصيلة . وهذا قد يكون التفسير لبقاء هذه اللهجة او التي تحمل مفرداتها لغات العرب القدماء والتي لا نجدها الا بلغة النقوش والشعر العربي الفصيح.
ما ذكرها في النقوش القديمة فقد ورد في نقش (4877) منذ القرن الثالث الميلادي اذ ذكر كبير الامهور ( كبر/امهرن) ايضا ذكرت في نقش اخر عثر علية في وادي عبدان مؤرخ في منتصف القرن الرابع الميلادي ويذكر حملة سيرت الى ارض المهرة (ارض-مهرت)ومهرة عند النسابة ينمي الى قضاعة من حمير فهو عند الهمداني في الاكليل مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير ومن قبائل المهرة الغيث والقمر والعقار ومن بطونها الثغرا وبنو خنزريت وبنو ريام سكان الجبل الاخضر في عمان .ومن المهرة الثعين وبنو تبلة بن شماسة والدين والامري ومنهم مهري بن الامري والحسريت والعيدي.
وتشير كتب التاريخ القديم الى:
وهؤلاءِ بنو مَهرةَ بن حيدان بن عمرو بن الحاف
ابن قُضاعة وولد مهرةُ بن حيدان: الآمريَّ، والدين، وأَشموساً، ونعميَّاً، وندغيّاً.
فولد ندغيُّ بن مهرةَ: غفاراً العيديّ، إِليه تُنسبُ الإِبل العيديَّة. والهنسميَّ.(ويقصد الغفار العفار والعيدي عيدون)
فولد العيديُّ بن نَدغيّ: حرسليلاً، ويعللاً، وصُهابة ومكلبيَّاً، ومُريتديَّاً.(حرسيليل هم الحراسيس)
منهم: زُهير بن قرضم بن العُجيل بن قتاب بن قمومي بن يعلل بن العيديّ، الوافد على النبي صلى الله عليه و سلم.
وولد الآمريُّ بن مهرةَ: بلطوميَّاً، ومرضاويَّاً.
فولد البلطوميُّ بن الآمريّ: القمرَ، والقرى.(هولاء في ظفار)الامري منهم المهرة الصغرى)
منهم: المُهلَّبُ بن البعسرني بن صُهبان بن خالد بن عتبان بن سويّ بن ريام بن القمر، كان من قوَّاد أَبي جعفر.
وولد مرضاويُّ بن الأَمريّ: الهداد، ومصليَّاً.
وولد الدينُ بن مهرة: بُغيةَ، وكبدان، والواحدَ.(الدين في حضرموت)
هؤلاءِ بنو مهرة بن حيدان.
وقد اشتهرت المهرة بتربية الجمال المهرية التي اعتبرها الهمداني من كرام الابل وخاصة العيدية وكذلك الابل المهرية المعنبرة ، وتتألف المهرة اليوم ثلاثة افرع رئيسة وهم الشراوح وبيت صار والشحاوح وهم فرع من مهري الاصغر بن الامري
وكل فرع يتألف من عدة عشائر كبيرة يسكنون الجنوب وعمان.
ثّلت المهرة مع ظفار قديما منطقة اقتصادية واسعة .ففي اراضي المهره وظفار وجدت أشجار اللبان التي كانت أهم سلعه تجاريه في ذلك الزمان وقد عمل السكان على إشاعة الاساطير المخيفة عن مناطق زراعة اللبان لإبعاد الغزاة والطامعين عن تلك المناطق. هو ما جاء في كتاب (البريبلوس). ففي احدى فقرات ذلك الكتاب الحديث عن المنطقة المنتجة للّبان ويصفها بأنها جبليه وعره يجللها السحاب.
ويقول الدكتور محمد بافقيه حول هذه الفقرة ما يلي:-(من ذلك الوصف نستنتج إن المقصود هو ظفار وبعض اجزاء المهرة لأنه يذكر فيما يذكر ميناء ومستودع اللبان يحرسها حصن مشيد عند رأس سياجورس فرتك)؟وجزيرة سقطرى خضعت ايضاً لملك بلاد اللبان كما جاء في الكتابات التاريخية القديمة وكانت احد مواقع التبادل التجاري للسفن القادمة إلى الموانئ الجنوبية أو المغادرة منها..
ـ المهرة في النقوش القديمة : ظهرت المهرة في النقوش القديمة كاسم لقبيلة ويأتي في مقدمـة تلك النقوش:
ـ النقش الأول res. 4877) ) : يعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي ، وهو من النقوش التي كان يسجلها ملوك حضرموت في العقلة ، وهو الموقع الذي تتم فيه احتفالات تنصيب الملك على العرش وتعيين الوزراء والموظفين الإداريين في دوائر مملكة حضرموت ، وقد ذكر هذا النقش العبارة (ك ب ر/ أ م ر ن ) ، أي كبير المهريين ، ولفظة كبير تشير إلى مصطلح إداري مُعين يحمل صاحبه الكثير من صلاحيات إدارة وحكم الإقليم الذي عُين فيه والذي يكون هو أصلاً منتمياً قبلياً إليه .
وظهور كبير الأمهور ـ المهريين ـ في نقوش العقلة كان لأجل حضور تتويج ملكهم الحضرمي ، وتعيين الوزراء والموظفين الإداريين الذي يعتبر هو واحداً منهم .
نقش المعسال 4 )
في هذا النقش كانوا من ضمن القبائل الثائرة علي العزيالوت ملك حضروت بقيادة احرار يهبار وقد وصلوا هؤلاء الانقلابيين الى السلطة بعد ذلك وفي احد نقوش اسرة احرار يهبار ذكر شهر بن وايل كبير المهرة.
النقش الثالث)
فيعود إلى عهد التبابعة ـ أي إلى القرن الرابع الميلادي ـ ، وهو نقش عبدان الكبير الذي نشره الدكتور محمد عبد القادر بافقيه ، ويذكر هـذا النقش تـقدم بني ذي يزن ـ وهم ملشان وابنه خوليم وغيرهم ـ إلى أرض المهرة ويبرين (س ب؟ ق ب ل / أو/ا ر ض /م هـ ر ت /ع ل ي / ……. / ووردو / ى ب ر ن / و ب ن / ى ب ر ن ) ويكفينا من هذه العبارة التي وردت في السطر السادس من النقش أنها ذكرت بصحيح العبارة أرض المهرة ، ثم يذكر النقش في السطور من (21) إلى (24) الآتي ( و ب ع د ن / هـ و ت /س ب أ / خ و ل ي م / و أ خ و ت هـ و / ب ن ي / م ل ش ن / ب ش ع ب هـ م و/ا ب ع ل / م ش ر ق ن / و ض ي ف ت ن / ع ل ي / م هـ ر ت / ث ت ي /س ب أ ت ن / ك ث أ ر و/ ب و ال …. ح ب ر ت و …. / و ؟ س / ود م ق ت / و أ ف / ر د .. و ج ب ج ن / و ص ف ر و/ وهـ ر ج و أ ق و ل ن/أ ح د /و ع ش ر/ أ س د م / …. ( / و…. ت / ع ش ر/ و ث ل ث / م أ ت م /أ س د م / ب ض ع م / و أ س و ر م / و ث ل ث ي / و س ن / م أ ت م / س ب ي م / و خ م س ي/ و ث ل ث / م أ ت م / و ث ن ي / ا ل ف م / أ أ ب ل م ………. / أ ل ف م / ذ أ ن م / ) .
تشير هذه الأسطر إلى حملة لتأديب المهرة لأنها ثارت على حكم الريدانيين مرتين متتاليتين ، وهو الأمر الذي يدعو إلى القول أن هذه القبائل كانت قبائل أقرب إلى البداوة منها إلى الحضر ؛ لذلك كانت تقوم بالثورات على حكم الريدانيين ، ثم يذكر لنا سياق النقش بعض الأماكن في المهرة منها (حبرت ) حبروت ، و(دمقت ) دمقوت وهما المعروفتان اليوم بمديريتي الغيضة وحوف .
ويلاحظ من النقش كثرة الغنائم التي تم اغتنامها آنذاك وكان من أهمها الإبل ـ الجمال ـ التي بلغ عددها (2350) جملاً والمهرة مشهورة إلى يومنا بتربية الجمال .
وذكرة المهرة في نقوش الاسرة اليزنية بنو لحيعة يرخم والتي كانت تسيطر على النصف الشرقي من مملكة التبابعة
في حوالي القرن الخامس الميلادي .
اشهر الشخصيات المهرية في الجاهلية:
كرز بن روعان المهري
وهم زعيم المهرة في الجاهاية ايام معدي كرب الكندي والذي عقد معه الحلف بعد حرب طاحنة بين المهرة وكندة الا ان معدي كرب غدر بالمهرة فقتلوه وشقوا بطنة وهذا ما ذكره ابن حبييب في المحبر.
وهو الذي يقول:
تقول بًنَيَّتي لمـا رأتْـنـي أَكُرّ عليهمُ وأذبّ وَحْـدي
لَعَمْرك إِنْ وَنَيْتَ اليومَ عنهم لتنقلبنَّ مصرُوعاً بـخَـدِّ
انظر(العقد الفريد)
مرضاوي بن سعوة المهري
شاعر وفارس ولد في ارض المهرة في حوالي 15 قبل الميلاد النبوي.
سفيان بن صهبانة المهري
صاحب المقداد الكندي في الجاهلية ادرك الاسلام.
ومن النساء:
خويلة المهرية القضاعية هذا اسم هذه السيدة التي عاشت في العصر الجاهلي وجاء في ادوار التاريخ الحضرمي هي سيدة قضاعية اشتهرت في الاوساط العربية بقوة الشخصية والتأثير في النفوس ببلاغتها في النثر والنظم ولها مكانة مرموقة في قومها بني ريام وهم بطن من المهرة0
وقد استطاعت بمفردها ان تثار لعشرات منهم قتلوا في موقعة حربية دارت رحاها بينهم وبين اخوانهم الاخريين من قبيلتي ناعب وداهن من المهرة0
واستطاعت ذلك بتأثيرها في قبيلة مهرة بنظمها وشعرها حتى غزت قضاعة بقيادة سيد المهرة في ذلك الوقت مرضاوي بن سعوة المهري الفارس والشاعر الشهير وهو ابن اختها واخذت بثأر من قتلوا .
أضيف ان هناك الكثير من نساء مهرة لهن ذكر في بطون كتب التاريخ وقد وجدت بعض الاسماء وهن:
_ عاتكة المهرية المضروب فيها المثل في كثرة عدد الابناء من شتى القبائل(كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام)
_ أم علقمه عنده المهرية أم أحد ملوك كنده علقمه بن سلمه بن مالك بن الحارث بن معاوية الاكرمين
وكان يلقب بابن عنده (بكسر العين وسكون النون) من كتاب تاج العروس للزبيدي
_عديه بنت الامري بن مهرة زوجه جلهمه الملقب بطئ (ابو قبيله طئ) وام اولاده فطرة والغوث والحارث والاخير انتسب لأخواله (كتاب نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي)
ومع ظهور الدعوة الإسلامية وتأسيس دولتها بعد هجرة الرسول(ص) إلى المدينة تسارعت الوفود إلى المدينة لتعلن اعتناقها للدين الجديد ودخولها في إطار الدولة الإسلامية الجديدة؟؟ومن ضمن الوفود وفد المهرة برئاسة (مهره بن الابيض) وقد أعلن هذا الوفد اعتناقه الإسلام فكتب لهم الرسول (ص) كتاباً جاء فيه:: بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا الكتاب من محمد رسول الله لمهره بن الابيض على من آمن به من مهره أن لا يوكلوا ويعتركوا وعليهم إقامة شعائر الإسلام ومن بدله فقد حارب ومن آمن بالله فله ذمة الله وذمة الرسول اللقطة مؤداه والسارحة مذاه والتقت السيئة والرفق(الفسوق).وكما وفد إلى الرسول (ص) وفد برئاسة زهير بن قرضم بن العجيل بن قبات بن قموصي وقد كتب له الرسول(ص) بعد إسلامه خطاباً وقال ابن اسعد (زهير بن قرضم من الشحر والشحر من مهره)... وقد قاد عملية التمرد على الدعوة الإسلامية في المهرة كل من شخريت وهو من بني شخاره في مكان من ارض المهرة يقال له جيروت والآخر رجل يدعى المصبّح أحد رجال بني محارب.. وقد ارسلت لهم دولة الخلافة قوه عسكريه لإعادتهم إلى إطار الدعوة والدولة الإسلامية .. وقد قاد تلك القوه العسكرية عكرمة والذي كلف أيضاً بإنهاء هذه التمردات في عمان وبعد نجاح مهمته في عمان توجه عكرمة إلى بلاد المهرة وذلك بقوله (ولما رأى عكرمة قلة من مع شخريت دعاه للرجوع إلى الإسلام فما كان منه إلاّ أن استجاب لدعوته, ثم ارسل إلى المصبح يدعوه إلى الإسلام والرجوع عن الكفر فأغترّ بكثرة من معه وأزداد مباعدة لمكان شخريت فسار إلى عكرمة وسار معه شخريت فالتقوا هم والمصبّح بالنجد واقتتلوا أشدّ القتال, وقتل رئيسهم وركبهم المسلمون فقتلوا منهم وأصابوا منهم فيما اصابوا الفي نجيبه فخمس عكرمة الفي وبعث بخمس مع شخريت إلى ابي بكر وقسم الأربعة إلى أخماس على المسلمين ...
اشتهر الصحابي محصن بن حذيفة الغلفاني المهري في حروب الردة زمن ابو بكر الصديق رضي الله عنة وهو قائد الجيش الاسلامي الذي حارب المرتدين في عمان وجنوب جزيرة العرب0
وينتسب هذا الصحابي الجليل الي المهرة من قبيلة كدة المهرية من بني غلفان والمعروف عن بني غلفان انها كانت تسكن شرق ظفا ر في سلطنة عمان وكانت تحكم سدح وجزر كوريا موريا او جزر الحلانيات من قرون عدة كما تشهد شواهد القبور ومن ثم انتقلت هذه القبيلة الي عمق الاراضي المهرية واسم هذا الصحابي في المصادر محصن بن حذيفة الغلفاني الحميري .
وبعد استتباب الأوضاع السياسية في بلاد المهرة أنخرط أبناؤها في الفتوحات الإسلامية , فقد شاركوا في فتح مصر وتحت قيادة عمرو بن العاص ,, فقد شارك عدد كبير من رجال المهرة مع عدد من القادة البارزين مثل برح بن عسكر بن دثار بن كرع المهري المعروف بالشجاعة وقوة الشخصية وتميم بن قرع. وقد أمتاز سكان المهرة بالبراعة في القتال ألأمر الذي جعل عمرو بن العاص يصفهم بأنهم " قوماً يقتلون ولا يقتلون" . وكانوا يعتزون بأنفسهم لدرجة إن قائدهم وهو تميم بن قرع أصر على ان يساوى الجنود المهرة - الذين كانوا تحت إمرة ابن العاص مساواة كبراء القادة من قرين وتعصبت القبائل الاخرى إلى جانب المهرة. وكادت أن تحدث فتنةٍ شعواء بين القبائل القحطانية والقبائل العدنانية في مصر لولا إن لبّى عمرو بن العاص طلب المهرة. وكان للمهرة خطه في مصر على جبل يشكر كما كان لهم بالفسطاط مسجد ذو قبّة وكانوا يتربعون في منطقة (تاتا وتمنى ).
وذكرت المهرة في حملة عبدالله بن سعد إلى إفريقيا زمن عثمان ابن عفّان في ستمائة مقاتل وعندما سير الجيش العربي لغزو شمال افريقيا سنة27هـ بقيادة عبدالله بن سعد بن أبي سرح العامري القرشي اشتركت فيه المهرة وحدها بسبعمائة رجل.
اشتركت المهرة في فتوحات شمال إفريقيا والمغرب والأندلس ومن مشاهير المهرة من الاندلس في القرن الخامس الهجري ألأديب الشاعر محمد بن عمّار المهري قائل البيتين التاليتين:
مـن يزهــد في أرض أندلــس ××× أســمـاء معتمد فـيها ومعـتضدِ
ألقاب مملكة في غير موضعها ××× كالهرّ يحكي انتفاضا صولة ألأسدِ.
شهد تاريخ الجنوب بين الدولة الرسولية ثم الدولة الطاهري وبعض قبائل المهرة وكذا احتكاكا آخر بين آل كثير وقبائل المهرة وكان موضوع الصراع هي منطقة الشحر (السوق والميناء التجاري).
وفي عهد الدولة الرسولية شهدت ظفار نشؤ الدولة الحبوظيه التي أسسها محمد بن أحمد الحبوظي" في مرباط وهي ظفار القديمة" ثم بنيت ظفار الحديثة في عهد ابن احمد وفي عهد حفيده سالم ابن إدريس الحبوظي فبدأت التوسعات التي شملت بعض أجزاء بلاد المهرة وحضرموت وحاول سالم بن إدريس الحبوظي احتلال الشحر وهو الامر الذي دفع الدولة الرسولية إلى تجهيز قواتها لمحاربة الدولة الحبوظيه وخاصه بعد قيام الحبوظي باعتقال سفارة الملك الرسولي المظفر يوسف بن رسول إلى ملك فارس بعد أن رمت الريح بسفينته في ظفار , وتمكنت القوات من السيطرة على جميع أراضي الدولة الحبوظيه وقتل ألأمير الحبوظي وذلك سنة 678هــ.
ظلت الشحر مركز صراع بين قبائل المهرة وقبائل الحموم وكذا الإمارة الكثيريه, وفي فتره من الزمن استطاعت القبائل المهرية إخضاع المنطقة الساحلية الواقعة شرقي ريدة آل عبدالودود والمشقاص وأقاموا لأنفسهم على الضفة الشرقية لوادي (دفيقه) إلى الجنوب من جبل (ظيظب) المطل على مدينة الشحر من الشمال الشرقي لمنافسة السوق القديمة واجتذاب التجارة الموسمية .وقد أطلق عليه بعض العرب الذين كانوا يرتادون تلك المنطقة التجارية إثم (سوق المهرة) او سوق الشحر تميّزاً له عن السوق القديم. وحين فشلت قبائل المهرة في بث الحياه في سوقها الجديد هاجموا السوق القديم (الشحر ) واحتلوه.. فلم تتمتع المهرة بخيرات سوق الشحر القديم طويلاً بسبب سيطرة قبائل الحموم على جميع مداخل ومخارج الشحر , هذا إلى جانب مهاجمتهم الدائمة للقوافل التجارية وشكّل هذا الامر عبئاً ثقيلاً على قبائل المهرة المسيطرة على ميناء الشحر وكذا عاملاً معطّلاً للحياة التجارية في المدينة.
وفي نهاية الدولة الرسولية ظهرت في بلاد المهرة إمارة ألأمير المهري سعيد بن فارس الكندي في (حيريج) الواقعة على الساحل . وفي عهد ابنه محمد بن سعيد بن فارس الكندي المعروف باسم محمد بن سعيد بادجانه توسعت هذه الإمارة وساعده على ذلك ضعف الدولة الرسولية فأحتل مدينة الشحر سنة 836 هـ وجعلها مركزاً لإمارته بلاً من حيريج.
وبعد سقوط الدولة الرسولية وقيام الدولة الطاهرية واستيلائهم على عدن سنة 858 هـ ساروا على تقليد الامارات السابقة وهو احتلال الشحر واستغلال خيراتها , ولكن اضطراب الدولة الطاهري حال دون قيامهم باحتلال الشحر وهذا ألأمر أغرى الأمير محمد سعيد بادجانه ودفعه للتفكير في احتلال عدن وزادت رغبته في احتلال عدن بعد الفتنه الداخلية التي شهدتها عدن بين القبائل اليافعيه (آل أحمد و آل كلد) ومناصرة الطاهريين لآل أحمد فتوجه الشيخ مبارك الكلدي إلى الشحر داعياً أبا دجانه لاحتلال عدن واعداً إياه بالدعم والمساندة.
ففي سنة 861 هـ تحرك أبا دجانه على راس قوةٍ بحريه مكونه من قبائل المهرة , غير إن الأجواء البحرية ضد طموحات الفارس المهري ,فبسبب العواصف البحرية غرقت بعض السفن وجنحت البقيه على سواحل خور مكسر في عدن وتمكنت القوات الطاهريه من اعتقال ألأمير محمد سعيد بادجانه كما قتل الشيخ الكلدي.
وأثناء مكوث ألأمير أبادجانه في سجون الخساف بعدن أوفدت الدولة الطاهريه قوه عسكريه إلى الشحر بقيادة ألأمير زين الدين السنبلي وتمكنت تلك الحملة من احتلال النصف الشرقي من مدينة الشحر أما النصف الغربي فقد ظل تحت سيطرة والد ألأمير أبادجانه, وبعد مناوشات طويله توسّط بعض رجالات الشحر لحل المشكلة وانتهت تلك المفاوضات على إطلاق سراح ألأمير محمد بن سعيد بادجانه على أن يذهب إلى حيريج وأيضاً تغادر والدته معه الشحر.
وفي سنة 863هـ أطلق سراح ألأمير أبادجانه وغادرت والدته الشحر , فأستولى السنبلي على بقية اجزاء مدينة الشحر .
ولكن ألأمير أبادجانه لم يهدأ, ففي نفس العام الذي أطلق فيه سراحه عاد للاستيلاء على مدينة الشحر.
وفي سنة 866هـ أرسل الملك الظافر عامر بن عبدالوهاب قوةٍ عسكريه إلى الشحر لاستعادة المدينة وفي يوم الجمعة 17 صفر سنة866 هـ تمكنت القوات الطاهريه بقيادة ألأمير عبدالملك بن داؤود الطاهري من دخول المدينة ... ولم تستتب الأوضاع في مدينة الشحر فقد ظل الصراع حولها بين ألأمير أبادجانه والدولة الكثيريه القائمة بشؤون البلاد نيابةً عن الدولة الطاهريه, ففي سنة 901هـ تمكن ألأمير جعفر بن عبدالله الكثيري من إنهاء السيطرة المهرية على الشحر وكذا من عهد ألأمير أبادجانه والذي تقول عنه إحدى الروايات أنه مات متأثراً بالسمّ الذي دسّه له أحد أعوان آل طاهر ملوك عدن وقد أبدت أمه من الثبات ورباطة الجأش مما أدهش الناس.
لقد كان لأبناء المهرة وجود كبير في الشحر وكان منهم التجار والفقهاء والملاّحون والبحريون والحكماء والقضاة والفلكيون ,,,, ومن مشاهير المهرة من الشحر في ذلك العهد الفقيه الشيخ أحمد باعوين الجوهي, وقد سمّي أحد أكبر أحياء مدينة الشحر باسمه(حيّ باعوين), ومنهم أيضاً الفلكي الشهير سليمان المهري الذي عاصر الملاّح أحمد بن مـــاجد.
ومع بدء الزحف البرتغالي على السواحل البحر العربي والافريقي بهدف احتلالها تعرضت المهرة لغزوات وهجمات برتغالية عديده. ولعل أول منطقه أتيهت إليها أنظار الدولة البرتغالية هي جزيرة سقطرى فقد أحتلها البرتغاليون سنة 1507م غير إن ابناء الجزيرة قاوموا الغزاة بقيادة حاكمها المهري السلطان بن طوعري بن عفرار الذي أستشهد في المعركة مع حوالي 217 فرد من رجال المهرة الأبطال, وتمكن رجال المهرة من إجبار الغزاة البرتغاليين على ترك الجزيرة بعد أن دمّروا مؤسساتهم البحرية والكنائس التي أقاموها في قرية السوق السقطريه وتم ذلك في عام 1511م.
وفي سنة937هـ-1530م تعرضت السفن المهرية لأعمال قرصنه ونهب من القوات البرتغالية , مثال لذلك قاموا بإحراق سفن جماعه من قبيلة الزويدي المهرية في ميناء أحور, ولكن أبناء تلك القبيلة كانوا للقراصنة بالمرصاد حينما قاموا بمهاجمة سفينه برتغالية كانت راسيه في ميناء سيحوت وأحرقوها وقتلوا عدداً كبيراً من بحّارتها وأسروا الباقين .
كما تعرضت منطقة قشن وهي مقر إقامة السلطان(بن عفرار) سلطان المهره لعدة هجمات برتغالية ولكن كل تلك الأعمال الشنيعة التي قامت بها القوات البرتغالية لم تمكّنهم من احتلال أي منطقه من بلاد المهره.
وتروى بعض الكتب التاريخية إن الوجود البرتغالي في سواحل المهره جاء بطلب من سلطان المهره واستنجاده بهم في صراعه مع الكثيري . لقد جاء ذكر هذا في مخطوطة(جواهر تاريخ الأحقاف)للعلامة باحنان, حيث قال " في سنة 955 هـ توجّه سعيد بن عفرار (سلطان المهره) إلى الهند مستنجداً بالإفرنج حيث جاء بهم إلى قشن فحاصرهم بها ثم أستولى على الحصن يوم 19صفر ودخلوه عنوه وقتلوا جميع عساكر بدر وبلغ الخبر بدراً وهو في حضرموت وجهّز عليهم بالبحر جيشاً وعندما وصل إلى حيريج جاء سعيد بن عفرار معترفاً ووقّع صلحاً. ويعود ذهاب ألأمير المهري إلى الهند للاستنجاد بالقوات البرتغالية إلى سيطرة ألأمير بدر بن عبدالله الكثيري على مدينة قشن بعد محاولات المهره التجمع في المشقاص للزحف على مدينة الشحر وذلك بالتنسيق مع أخ ألأمير بدر الكثيري المسمّى ألأمير محمد بن عبدالله الكثيري .
وبعد عقد الصلح الذي قام به الشيخ محمد بن كعشم المنهالي حدثت بعض الصراعات المهرية الكثيريه وجدّد الصلح سنة 978 هـ وأستمر حتى 982هـ وعاد الصراع من جديد. ولكن في سنة 984 هـ أبرم الصلح نهائياً.
بئر برهوت في المهرة اسرار واساطير:
هناك مقولات تؤكد أن أحد ملوك الدولة الحميرية القديمة استعان بالجن في حفر هذه البئر من أجل إخفاء كنوزه، وعندما مات الملك استوطن أتباعه من الجن البئر؛ ولهذا السبب أطلق عليها "برهوت"؛ حيث إن اسم برهوت في اللغة الحميرية القديمة معناه "أرض الجن أو مدينة الجن".
ووصفت احد الدراسات ان البئر بأنها عميقة لا قعر لها، وأبطالها من الجان ومردة الشياطين، وقيل: إن امرأة كانت ترعى الأغنام وضعت وليدها على مقربة من البئر، فاختفى فجأة.، بينما أشارت أقاويل أخرى إلى أن "فتحة البئر" سيخرج منها يوم القيامة المعذبون في الآخرة.
ويصل عمقها لأكثر من 250 متراً، ولا تُرى إلا عندما تكون أشعة الشمس متعامدة تماماً عليها، وتسكنها الحيات والأفاعي الكبيرة النادرة.
ويقول أحد الشهود في وصف بئر "برهوت" بمحافظة المهرة: "إن المفاجأة الحقيقية والمذهلة، والتي لم أكن لأصدقها لولا أنني رأيتها بأم عيني أنا وزميلي، هي رؤيتي لقاع هذه البئر، والخضرة تحيط بها من كل جانب، وهدير ماء متدفق، وكأنه نهر جارٍ، يُسمع بوضوح ومن دون تشويش".
وأضاف: "بدأت أتساءل: هل ما أشاهده وأسمعه هو حقيقة واضحة أم أنني في حلم من أحلام اليقظة الوردية؟ إلا أننا سرعان ما تنبهنا أننا أمام ظاهرة حقيقية وطبيعية موجودة في منطقة قاحلة لا ماء فيها ولا خضرة، على الرغم من أننا سمعنا هدير الماء المتدفق، وكأنه شلال في باطن هذه الصحراء".
كما أكد باحثون أن هناك أحاديث نبوية شريفة عن هذا البئر، ومنها قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في "بئر برهوت": "إن فيها أرواح الكفار والمنافقين، وهي بئر عادية قديمة عميقة في فلاة عميقة في فلاة وواد مظلم".
وعن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: "أبغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت بحضرموت؛ فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار".
المهرة وواقع الاهمال والتهميش الذي طالها:
الحقيقة المرة ان المهرة عانت كثيراً من الاهمال سواء بعد استقلال الجنوب او بعد احتلاله من قبل الاحتلال اليمني، لكن الشيء المطمئن اليوم هو اعتراف جميع الجنوبيين بأهمية هذه البقعة الجغرافية بالنسبة للجنوب ويسهم ابناء المهرة وشبابها بدور كبير في النضال ضد الاحتلال اليمني.
-
رائد الجحافيصحفي وحقوقي من جنوب اليمن