ركوب مع الوهم
ذ / محمد خلوقي
----------------
حين تُسلَّم الديمقراطية ، بآلياتها الانتخابية التي فيها نظر ، الى فئة من السذج و الوصوليين و الجاهلين، فاعلم ان في تكوين الشعب وإعداده خلل ما ، وان درجة صبيب وعيه في تراجع ، وان مسؤليته تجاه الأجيال القادمة لم تعد في أولويات تخطيطاته وتوقعاته .
ذلك ان فئة من الشعب تم استغلال انشغالاتها بلقمة العيش ،وغول المرض، وضائقة اليد ، ..وتدبير مصاريف الغداء والكراء وتعليم الأبناء ..وتأسيسا على هذه الهموم، وباسم التغير والتبديل والعهد الجديد، سوقت لهم وعود واحلام وأنغام راقصت مسامعهم ، واعتقدوا ان الحال سيكون غير الحال ، والفقر والتهميش و( الحكرة ) الى اندحار وزوال ، وقدموا أنفسهم هدية( لقواد) التغيير ، تهافتوا على تجديد الثقة في من سيسوقونهم ،واكثر السائقين مساقون، فبعضهم لا يعرف من السياقة الا ان يتباهى جلوسا بمقعدها، وبعضهم ممن يسوسون الناس بالأوهام والترثرة والاعتقاد المنفوش ..والبعض الاخر اتقن لعبة الاحتيال والحربائية والدجل ..واشهروا خبثهم ، ونفوذهم واستغلوا سكر اليقظة ، وغيبوبة الذاكرة .. فشرعوا في الحرق والإحراق .. استعدادا للحرث الجماعي..املا في الانتفاع والاستغلال المستقبلي .
هكذا كان المشهد وهكذا تكرر، وبينهما تتقهقر الديمقراطية ،بل تراها ترقص كل يوم مذبوحة على أنغام هؤلاء وهؤلاء . كل يريد باسم موقعه ومكانته ان يكون في موقع الصدارة والسياقة لا يهمه حال المركبة ولا ركابها ، المهم ان يًُرى ممسكا بالمقود والنقود ، مبتسما في بلادة ،ومحييا أو راكعا في بلادة لصاحب ( الشكارة ) ، ربما ان من أولوياتهم ترصيع كناش الإنجازات، واستقطاب حديث الأهل والأقرباء والمناصرين ، ولَم لا تتحول الأكف بالدعاء( لقواد) المركبة بالنصر والتمكين?? .
والجرأة الغائبة أو المغيبة في مشهد الحملات الانتخابية ،من اجل الديمقراطية التي تشدق بها كل فريق .. أَوْ من باب الذكاء الاصطناعي .. انه :
-كان على من يتنافس على منصب السياقة ان يخبر الركاب بوضع مركبتهم المنهك محركها ، والمتهالكة عجلاتها،والمهزوزة مقاعدها والمحدود جهدها ..
-كان عليه ان يخبرهم بان الطريق ملغوم ..والحفر كثيرة والمنعرجات لا تعد ولا تحصى ،
-كان عليه ان يخبرهم ان حواجز المرور اكثر من الركاب أنفسهم ، وأن عليها حراسا مطيعين لا يعصون لسيدهم أمرا ، همهم ان يجمعوا الايتاوة من الركاب قبل السائق .
-كان عليه ان يخبرهم بحقيقة المسافات الطويلة التي قُطعت .. ويذكرهم بعدد السائقين المرتكبين للمخالفات .. والمشمولين بعفو يصدر في حق المجرمين ..
-وكان عليه ان يخبرهم بالاموال التي صرفت على بنزين المركبة .. والعداد الذي سجل زورا أرقاما لمسافات وهمية لم تقطع .. ومسافرين أشباحا سجلت اسماؤهم على على متن رحلات مزعومة.
-كان عليه ...وكان عليه .. وكان ...لكن لاشيء مما كان .. كان ...
والاخطر من هذا انهم قد يجدون أنفسم في يوم من الأيام ، يسيرون الى الهاوية وحدهم.. على المركبة المتهاوية .. دون ركاب .. لان الركاب ، بفطرتهم وتجربتهم ،قد يهجرون المركبة ولن يبق لهم لم ما يخسرونه من تطلعات الوصول السريع .. ويستبدلونه بالسير الإمن على أرجل وبرجال هم أحسن بكثير من سائق مهووس ومركبة متهالكة .. وربما بسيرهم ومسيرتهم قد يصلون قبل مركبة الأحلام وسائق الاوهام .