يقول جُبران خليل جُبران "بين منطوقٍ لم يُقصَد، ومقصودٍ لم يُنطَق، تضيع الكثير من المحبة". هناك أشياء لا تُقال بل تُقرأ في العيون، وهناك أناسٌ لا يجيدون التحدث بلغة العيون، فهل هذا انتقاصٌ منهم؟! وهناك من أراد شيئاً تحدث به مباشرةً، ولكن أحياناً تُفَهم مقاصدهم علي نحو خاطيء من الآخرين، فهل هذا خطأهم؟!
جَبَلَ الله الناس علي طبائع شتّي، فكلٌ له تركيبته الخاصة والتي بالمناسبة لا تُقَلل من قدر الآخر. ودائماً ما أري أنّ الشخص ذو الوجهين لا يُشتَرط أن يكون منافق، قد تكون الشخص الهاديء المحبوب صاحب الخُلق الرفيع والكلام المُهَذّب، هذا بالإضافة كونك الشخص الغاضب الذي يُثار بسرعة. هو أنت نفس الشخص لم تتغير ولكن تم وضعك في ظروف وبيئة مختلفة، فالإنسان إبنُ بيئته.
سوء التفاهم بين اثنين قد يجعل الأمر الصغير كبير، فكلٍ منهما يري أنه علي صواب والآخر هو المُخطيء. تبدأ المشكلة فيعترض أحدهما علي الآخر بطريقته، وتكون ردة الفعل غالباً مشابهة لأسلوب المعترض. لأن البذرة التي تسقيها ستُجني ثمارها بعد حين إمّا ورداً وإمّا شوكاً.
أنت تري أنّه مُخطيء فيما قال، فتُقرر الإكتفاء بعدم الحديث وهو لا يعلم. وما الفرق بينك وبينه غير أنّك آَثَرتَ الصمت وفي سكوتك شيءٌ من اللجاجة وهو آثرَ الكلام وفي كلامه شيءٌ من الإفصاح. حدّث سريعاً عمّا يدور في نفسك وذهنك ولا تدع مجالاً له ليفتح باب سوء الظن وظلم الخَلق. فلا يُشترط دائماً قراءة ما بين السطور ووضع افتراضات لفهم ما تحاول قوله.
رجاءاً! حاول أن تضع نفسك مكان الآخر ولتنظر بمنظوره هو لا بمنظورك أنت. ولا تحاول أن تبحث عن الوجه الآخر لأي شخص، حتي لو كُنتَ متأكد بأنه سيء. يكفي أنّه احترمك وأظهر لك الجانب الأفضل منه. لكلٍ منّا جانب سيء يتحاشاه حتي مع نفسه، فلا تحاول أنت إظهاره. واجعل من اكتفائك قناعة.