الاديبة الجزائرية أحلام مستغانمي تقول: - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الاديبة الجزائرية أحلام مستغانمي تقول:

عند الركون الى العقل يضطر القلب الى التوجع

  نشر في 03 ديسمبر 2019 .

في مقال للاديبة الجزائرية أحلام مستغانمي تقول:

وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة.

أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد كانت أغنية "دي دي واه" شاغلة الناس ليلاً ونهاراً.

على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.

كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي كتاب "الجسد"، أربعمائة صفحة، قضيت أربع سنوات من عمري في كتابته جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينه نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا.

لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: "آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!"،

هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ، أصبح هو رمز للجزائر

العجيبة أن كل من يقابلني ويعرف أنني من بلد الشاب خالد فوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة "دي دي واه" ؟ ، وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار، لا تفهم اللغة العربية!

وبعد أن أتعبني الجواب عن "فزّورة" (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح.

الحقيقة أنني لم أحزن أن مطرباً بكلمتين، أو بأغنية من حرفين، حقق مجداً ومكاسب، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ.

ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد ...

واليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، إلى الْمُغنِّي الذي يمثله في "ستار أكاديمي".

وقلت لنفسي مازحة، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم أو مروى وروبي وأخواتهن .... فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود.

وليس واللّه في الأمر نكتة. فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من "الجماهير" التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة، بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم "ستار أكاديمي" محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت.

في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان، قرأنا أنّ محمد خلاوي، الطالب السابق في "ستار أكاديمي"، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطاً بخمسة حراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب "الزعيم" الذي أطلقه زملاؤه عليه!

ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات "ستار أكاديمي"، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً!

هنيئا للامة العربية

هنيئا لامة رسول الله

إنا لله وإنا إليه راجعون..".

فهمت الان ياولدي لماذا قلت لاتكبر؟!

فمصرٌ لم تعٌد مصراَ .. وتونس لم تعد خضرا

وبغدادٌ هي الأٌخرى .. تذوق خيانة العسكر.

وإن تسأل عن الاقصى .. فإن جراحهم اقسى

بني صهيون تقتلهم .. ومصرٌ تغلق المعبر..

وحتى الشام ياولدي .. تموت بحسرةٍ اكبر

صغيري انني ارجوك .. نعم أرجوك لاتكبر"


  • 14

  • شاعر النيل
    أودعت قلبى إلى من ليس يحفظه أبصرت خلفى وما طالعت قدامى
   نشر في 03 ديسمبر 2019 .

التعليقات

منذ 4 سنة
اصبحت كل البلدان العربية روادها وممثليها من دي دي واه. وبا ي يالله باي وبوسي الواو . ورقصها يامزيكة والقائمة طويلة ....للاسف الشديد
2
Dallash
لكننا لا زلنا نحفظ من كتاب الله"انا لله وانا اليه راجعون"
اللهم هدينا اجمعين يارب ، فالخير مازال في هذه الامة رغم كل شيء .
وداد منذ 4 سنة
و الله قد صدقت و بنت بلدي فقد اصبحت الاوطان العربية في حالة حرجة لا تحسد عليها بل تستحق الشفقة لحالها
2
Abdou Abdelgawad منذ 4 سنة
أشارككم الرأى فى افتتاحيتك أستاذنا الفاضل ، والكلمات المؤلمة للكاتبة العظيمة - والله فعلا ان القلب ليتألم حتى لنكاد نتجاهل الفكر والعقل من عمق الجراح وحجم السطحية والتفاهة المجتمعية لأوطاننا حسبنا الله ونعم الوكيل لاحول ولا قوة الا بالله .
2
شاعر النيل
دام ودك وجميل خلقك
§§§§ منذ 4 سنة
شيء أخير أستاذ جمال...
"عند الركون الى العقل يضطر القلب الى التوجع "
لست أدرى علاقة هذه الجملة بالمقال لكن أحببت التعليق عليها أيضا...
"هو وجع بدل الوجع... وجع القلب بدل وجع الضمير"
تحياتي و آسف للإطالة
3
شاعر النيل
الركون الى العقل " التفكر فى ما يدور من حولك "
حينها يتوجع القلب حسرة وكمدا على ما نراه من حولنا
اشرت الى فطنة وحكمة بوركت اخى
§§§§
فعلا... أخي.
لله الأمر.
§§§§ منذ 4 سنة
بداية الأمر... الاديبة أحلام مستغانمي... من الادباء الذين أحترمهم بقوة... و التي صراحة أعتبر أن بالرغم من جمالية كتاباتها الادبية إلا أنها فهمت على عكس ما كتبت له... فصنفها العديدون من الرجال "من الكتاب الذين يدعون لقيام المرأة ضد الرجل" و اعتبرتها النساء و الفتيات "من الكتاب الداعين لحرية المرأة المطلقة" و كل من أرادت أن تقول أنها "فيمينست" تعرف نفسها بأنها تتلمذت على كتابات مستغانمي.
لكنني قرأت أعمالا كثيرة لهذه الاديبة... اللغة و البلاغة متقنة... و تعجبني طريقة أخذها للمواضيع لأنها واقعية كثيرا... قد لا تجعلك تنعم بنهاية سعيدة لكنها تحكي واقعا المفروض أن يكون مرفوضا... كما تتحدث في كتاباتها عن حقب تاريخية سواء للجزائر أو لبلدان عربية أخرى.
أظن أن قراءة كتب أحلام يجب أن تكون بعقل أكثر انفتاحا و أقل تعقيدا.
أما فيما يخص المقال الذي كتبتموه عنها... فقد رامت الحق فيما كتبته و قالته...
لكنني أدعو الجميع إلى اعتماد التربية... إن ما نراه اليوم هو مما ربى عليه أجيال من الاباء أبناءهم... لذلك ... التغيير يبدأ منك و مني داخل الاسرة في توجيه الابناء. و لا حل آخر
شكرا لمقالكم الشيق أستاذ جمال.
3
شاعر النيل
احسنت الرد يا صديقى

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا