(تولى الحكم 961- 976م ) مكتبة ضخمة متنوعة المصادر فيها أكثر من 400 ألف مجلد, وكان لديه عملاء في بغداد والقاهرة ودمشق وغيرها من المدن كلفهم شراء الكتب أو نسخها وبأي ثمن, ومن ولعه الكبير بالقراءة أنه علم أن أبو الفرج الأصفهاني يؤلف كتابه الشهير الأغاني فأرسل إليه ألف دينار لشراء الكتاب قبل أن يصدر في المشرق وبما أن الأصفهاني كان من موالي بني أمية السابقين قام بإرسال الكتاب إلى قرطبة قبل أن يُقرأ في الشرق.

بالطبع تتسائل الآن ماعلاقة ولع الحكم المستنصر بكيفية نوم النمل! لا أُخفيك أنني أيضاً كنت إلى وقت قريب من كتابة هذا الأسطر لا أعلم كيف ينام! وقد كان ردي لأحد الأصدقاء عندما وجد عندي بعض الكتب فسألني عن أمور شخصية في حياة النمل مثل كيفية نومها! فأخبرته ربما الحكم المستنصر أيضا لا يعلم ذلك فلا يعني بالضرورة أن القارئ يعلم كيف وكم في كل شيء. ولكنني سأخبركم كيف ينام النمل.

في العصر الذهبي للأندلس كانت المكتبة شيء أساسي في كل بيت مثل الطعام والشراب, خاصة في العاصمة قرطبة, ويتفاجئ الضيف إذا زار احدهم في بيته ولم يجد في مكتبته الكتب المشهورة والرئجة في ذلك العصر بل ويستنكر عليه ذلك.

فما الذي حصل في زماننا حتى صارت المكتبة أو المكيتبة تفاجئ الضيف عند رؤيتها, بل ويضحك لوجودها!

ماالذي جعل الناس تنفر من الكتب وتكره القراءة!

كيف أصبحنا نحن امة إقرأ لا نقرأ ! القضية كبيرة ولكن ليس بالمستحيل استدراكها وعلاجها

تُرى ما الضرر الذي سيلحقه المعلم الفاضل بالمدرسة أو بالمناهج إذا قرأ على الطلاب كتاب من خارج المنهج للتوسع كل معلم في تخصصه, هل يعقل أن المعلمين أنفسهم لا يقرأون! أم يجهلون أهمية القراءة في نشأة الطالب!

ما المانع أيها الأب العزيز من إنشاء مكتبة صغيرة في البيت مكونة من مجموعة كتب تناسب اعمار أطفالك فهناك سنين في عمر طفلك هي سنوات الجمع والتحصيل وسيتبين لك فيما بعد كيف أثمرت تلك الكتب في عقولهم وفي سلوكهم وكيف أصبحت القراءة في حياتهم عادة ضرورية وغذاء لعقولهم مثل حاجة الأكل لأجسادهم, ألا يكفي ان نعرف أن أول كلمة نزلت على سيد الخلق عليه الصلاة والسلام لم تكن حج أو اعتمر أو صل ... بل كانت إقرأ لأهميتها العظيمة في حياتنا, فإذا أردت معرفة قيمة أي أنسان فاسأله ماهو آخر كتاب قرأه.

سُأل المفكر فولتير من سيقود الجنس البشري؟

فقال : الذين يعرفون كيف يقرأون!

لا أريد أن أكتب عن المجد الذي كان يعيشه أسلافنا وعن العلوم وعن الحضارة التي وصلوا إليها ولكن يجب أن تعرف أن القراءة كانت أساس كل ما وصلوا إليه وإن سبب كل ماوصلنا إليه الآن هو تخلينا عن القراءة.

إقرأ بنور الله أول أحرف

في الوحي ضج بذكرهن حراء.

تذكرت لم اخبرك بعد كيف ينام النمل, ينام النمل كالأنسان على جنبه مقربة سيقانها تجاه جسدها النحيل وحين تستيقظ تتثائب أيضاً كالأنسان.