الاتجاه شمالاً.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الاتجاه شمالاً..

  نشر في 16 يناير 2017 .

لطالما أكدت التصريحات العلنية للمسؤولين السعوديين بشأن أهداف وغايات الحرب التي تشنها حكومتهم على اليمن على ثلاثة أهداف، هي: عودة الحكومة الشرعية لليمن، وسحق تحالف الانقلاب، والحد من النفوذ الإيراني في البلاد، هكذا تم جدولة الأهداف وترتيبها حسب الأولوية، حيث يبدو التدخل السعودي لصالح اليمن أولاً، ثم لقطع أذرع إيران ثانياً.

بيد أنه وبالرغم من مرور سنتين تقريباً منذ بدء العمليات العسكرية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وتحالفها العربي في اليمن، إلا أن السؤال مازال مطروحاً ومثيراً للجدل حول حقيقة الأسباب الكامنة وراء هذه العمليات العسكرية وحقيقة أهدافها وغاياتها، فضلاً عن الحاجة دوماً الى تقييم النتائج المترتبة عن استمرار تلك العمليات ومدى موافقتها لما جاء في تصريحات المسؤولين السعوديين والخليجيين طوال الفترة المنصرمة، كأجوبة سؤال واحد مفاده: 

"لماذا تحارب السعودية في اليمن بالضبط؟!"

هذا السؤال، كان عنواناً لمقالة كتبها السعودي "علي الشهابي"، نشرت في ديسمبر 2016، والتي جاء توقيت نشرها متزامناً مع سلسلة طويلة من المقالات التي كتبها العديد من الكتاب السعوديون والخليجيون، وكمُّ كبير من البرامج التلفزيونية والتقارير الإخبارية التي استمرت في إذاعتها مختلف القنوات الفضائية العاملة في نطاق امبراطورية السعودية الإعلامية، والتي كرست أساساً لتبرير التدخل العسكري السعودي في اليمن أولاً، ثم تغطية حقيقة فشله وجرائمه ثانياً.

حول حقيقة أسباب هذه الحرب، قال الشهابي: "إن تحرك المملكة عسكرياً في اليمن جاء رداً على الجهود الهازئة التي تبذلها إيران لاستغلال الصراع الداخلي في اليمن، والتي تهدف الى بناء تحالف عسكري مع المتمردين الحوثيين، وهو التحالف الذي لا يمكننا أن نتصور له هدفا غير المملكة العربية السعودية".

في هذه الصيغة، اختفت تماماً تلك الأسباب والأهداف المتعلقة بالأزمة السياسية اليمنية نفسها، والتي تتمثل بمساندة الحكومة الشرعية في استعادة السلطة، واسقاط الانقلاب الذي قام به التحالف القائم بين الحوثيين وحزب الرئيس السابق صالح، فضلاً عن اختفاء ذلك القول الذي كان يتكرر دائماً من قبل الإعلام السعودية، بأن تدخل المملكة عسكرياً في اليمن جاء كتلبية لطلب من القيــــادة الشرعيــــة في اليـــــمن!!

بنظر السعودية، المسألة برمتها لا تتعلق باليمن ولا باليمنيين وإنما بإيران.

ولكن، لماذا صارت إيران هي محور الإجابة على سؤال الأسباب والأهداف للعمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن؟!

الجواب بكل بساطة، لأن كل الأهداف التي أعلنتها المملكة لحربها في اليمن منذ بدء العمليات وحتى اليوم لم يتحقق منها شيء، بل أن التدخل العسكري السعودي زاد من تعقيد الأزمة السياسية اليمنية، وضاعف من حجم آثارها الكارثية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، فكل ما قامت به الطائرات السعودية هو تدمير إمكانات ومقدرات الجيش اليمني، والتدمير الهائل والمهول للبنى التحتية والمقدرات الاقتصادية للشعب اليمني، فضلاً عن جرائم الحرب التي ارتكبت بحق المدنيين. وهذا ما أكدته تقارير الأمم المتحدة وتقارير العديد من مؤسسات الاعلام الأمريكية، التي لم تتوانى في توجيه انتقادات شديدة للسعودية، حيث وصفتها بأنها تقوم -وبدعم أمريكي- بقصف وحشي في اليمن، تستخدم فيه الطائرات الامريكية والقنابل الموجهة بالليزر، والقنابل العنقودية المحرمة دولياً، وكل ذلك لاستهداف وتدمير المدارس والأسواق ومحطات توليد الطاقة والمستشفيات، ما أدى إلى سقوط الآلاف من القتلى المدنيين، ناهيك عن أعداد المصابين والمتضررين والنازحين.

يعترف الشهابي بهذه الحقيقة، ويسعى جاهداً في نفس الوقت – في تناقض سافر- لتبريرها والدفاع عن المملكة وإسقاط مسؤوليتها عن الجرائم التي ارتكبتها قواتها بحق اليمنيين، فيقول: "لا شيء من هذا يقلل من حجم المأساة المتمثلة في هذه الخسائر في صفوف المدنيين. فهو وضع مروع حقا ويسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى إلحاق الهزيمة بالحوثيين وإنهاء الصراع في اليمن، ولكن من غير المنطقي أن يُلقى اللوم على المملكة العربية السعودية، التي دخلت الصراع ليس لاستعراض القوة بل لتحييد تهديد أمني ـ-بل وربما تهديد وجودي- شديد".

هنا نجد إجابة أخرى على نفس السؤال، تقضي بأن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن هي حرب تخوضها المملكة ضد خطر أصبح يهدد وجودها، وليس أنه مجرد تهديد لأمنها.. وبالطبع فإن الخطر المقصود هنا هو "إيران"، ومن ثم فإن تدمير مقدرات وثروات ومصالح الشعب اليمني وانتهاك حرمة المدنيين بالقتل والتشريد، هو أمر يمكن تبريره بل ولابد من وضعه جانباً أمام هذا الخطر الذي باتت تشكله إيران للمملكة، والذي بلغ حد تهديد وجودها، وبحسب الشهابي فإنه لا يمكن لوم المملكة على كل تلك الجرائم التي ترتكبها في اليمن، بقدر ما يجب دعمها في القضاء على التهديد الإيراني؟!!

لماذا لا تحارب السعودية إيران مباشرة؟!

يأتي السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه وهو: إذا كانت إيران بالفعل تمثل تهديداً وجودياً للمملكة، فلماذا لا تقوم المملكة بمحاربة إيران مباشرة؟!

هذا هو نفس السؤال الذي كان قد عنون به الكاتب المغربي "عبد السلام بنعيسي" مقالته التي نشرها بعد أيام قليلة من بدء الحرب السعودية في اليمن، وبالتحديد في الخامس من ابريل 2015، في موقع صحيفة رأي اليوم المغربية، ومحل اعتراض بنعيسي هو: إذا المملكة تمتلك كل الإمكانيات العسكرية والمالية فضلاً عن الدعم الدولي الذي تحظى به دائماً من القوى الكبرى، فلماذا لا تقوم بمحاربة إيران بنفسها بشكل مباشر، ما دامت تشعر أن الإيرانيين يستهدفونها ويريدون الاستيلاء عليها، من خلال محاصرتها في الدول المجاورة لها؟!

لماذا تحارب السعودية إيران دائما بالوكالة؟ لماذا تقاتل السعودية إيران باستمرار بالدماء السورية والعراقية واليمنية، بدلاً من أن تقاتلها بجيشها وإمكانياتها الذاتية؟!

ربما لأن النظام السعودي لا يعرف حقاً أن تقع إيران على خارطة هذا الكوكب..!!

**

لم يكن خفياً كل ما سبق، ولكن السؤال المحير هو لماذا يتم تجاهل حقيقة ما يجري مع أنها واضحة بشدة؟!- لماذا ينصب الاهتمام الأمريكي والروسي والأوروبي والصيني والمريخي على مجريات الأمور في سوريا والعراق، بينما يظل ما يجري في اليمن حدثاً ثانوياً بل ويكاد يكون هامشياً بالنسبة لأي اهتمام أو أي تعامل مسؤول دولي كان أو اقليمي؟!

كما تذكرني هذه الأسئلة بالألم القاتل الذي شعرت به، أثناء متابعة المناظرات الانتخابية لمرشحي الرئاسة الأمريكية (ترامب وكلينتون)، حيث اختلف المرشحان في كل الملفات الداخلية والخارجية، واتفقا فقط على إبقاء الملف اليمني في يد السعودية.. عدونا التاريخي؟!!

هذا هو ما نحصل عليه نحن اليمنيين من العالم، فهل هذا مؤلم بما يكفي لنشعر معه بما ينبغي علينا أن نفعله تجاه أنفسنا ووطننا وشعبنا وأرضنا وكرامتنا اليمنية؟! ألم يكن واضحاً في قلوب كل اليمنيين قبل هذه الحرب بأن عدوهم وعدو وطنهم واللعنة التي حلت عليه وعليهم وأعاقت تقدمهم ونهوضهم هو النظام السعودي؟ أليس من المفروض أن تعزز الحرب الحالية اندلاع رغبتنا العميقة والدفينة في القضاء على هذا العدو السرطان؟!

متى ستقودنا كل هذه الوقائع والأسئلة سؤال يمني واحد ووحيد، هو: متى سنحارب نحن اليمنيين – كل اليمنيين- هذه السعودية؟ متى سنقضي عليها ونخلص أنفسنا والعالم كله من شرورها؟!

ختاماً، إذا كانت السعودية تحرضنا على قتال بعضنا البعض هنا في اليمن، فيجب أن نحرض أنفسنا للمسارعة في القضاء عليها..


  • 1

   نشر في 16 يناير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا