متعة الأفلام الحزينة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

متعة الأفلام الحزينة

كيف تؤثر على مزاجنا و عواطفنا؟

  نشر في 08 أبريل 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

لا تخلوا قائمة أفلامي المفضلة من عدد ليس بقليل من الأفلام الحزينة التي غالبا ما تكون مبنية على قصص حقيقية وقعت في الماضي. سألتني صديقتي يوما، لماذا تحبين هذه الأفلام الكئيبة؟ لا أحد يحب أن يكون حزين. أجبت.."لا أعرف، و لكن لدي أهدافي".

فكرت في سؤالها مرارا، حاولت أن أجد جوابا.. بدأت أحاول ملاحظة مشاعري عند مشاهدة هذه النوعية من الأفلام. لفهم ما يدور في عقلي ومشاعري. لاحظت شيئا غريبا، كنت أشعر بالمتعة. المتعة من متابعة أحداث حزينة كئيبة وصاعقة. نعم كنت أشعر بالمتعة. و إن كنت أهدف غالبا إلى فهم المشاعر الانسانية و كيفية عملها في الأزمات و المواقف المحبطة.

بحسب دراسة أجراها باحثون في جامعة أكسفورد وجدوا إن مشاهدة الأفلام المؤلمة يعزز مشاعر الترابط الاجتماعي، بالإضافة إلى زيادة تحمل الألم من خلال زيادة مستويات المواد الكيميائية المسكنة للألم التي تنتج في الدماغ. وبحسب الباحثين فإنه ربما يؤدي الغضب العاطفي الذي تحصل عليه من المأساة إلى تحفيز نظام الإندورفين (وهو من مجموعة الهرمونات والنواقل العصبية الكيميائية المسؤولة عن شعورنا بالسعادة، السيروتونين، الإندروفين، الدوبامين، والأوكسيتوسين) وهذا ينطبق على أمور أخرى تسهم في افراز الاندروفين كالركض والمشي والغناء والرقص.

إننا كبشر نميل إلى الفضول والاستكشاف ومن أكثر الأمور التي تثير فضولنا هي حياة الآخرين، واعتقد أن السينما توفر مادة خصبة لإرضاء هذا الفضول. فمن خلال السينما نستطيع أن نرى ماذا يحصل داخل العلاقات الغرامية وفي الخلافات العائلية وماذا يتحدث الجيران مع بعضهم. وكيف يتصرف الأخرون عندما يواجهون مشاكل وعندما يشعرون بالألم والكآبة والاحباط.

كما إنني عندما أشاهد هذه الأفلام بالتحديد فإني أحصل على كم هائل من المشاعر الغير متوقعة. مما يجعل الفيلم أكثر متعة وأقرب للواقع. فالنهايات السعيدة لا تعدو أكثر من حكايات ألف ليلة وليلة فالحياة في الحقيقة أقسى من ذلك.

إنك عندما تشاهد فيلما كوميديا فإن مشاعرك تكون موجهة نحو أمر واحد وهو الضحك والمتعة، ظهور مشهد غير متوقع في فيلم كوميدي قد يزعجك بالفعل. أو قد يشتت انتباهك مما يغير من الحالة الفيزيولوجية الخاصة بك. كذلك الأمر في حال الفيلم الحزين، إنه يدخلك في مجموعة من المشاعر التي لا تعيشها في اللحظة الحالية أو ربما تعيشها فتصبح انعكاسا لك فتساعدك على فهم ما تشعر به، بل وإنها تساعدك على فهم مشاعر الآخرين. إنها تنقلك من حال إلى حال دون ان تشعر بأنك قد تشتت أو انزعجت لأنك لا ترغب بمشاعر واحدة كما هو الحال في الأفلام الكوميدية. بعض هذه المشاعر قد تصل بك لحد البكاء.

موقع سايكولوجي توداي نشر دراسة حديثة عن الأشخاص الذين يبكون أثناء مشاهدة الأفلام. حيث أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يميلون إلى البكاء أثناء مشاهدة الأفلام أقوى نفسيا من أولئك الذين لا يبكون وهم أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين. ووفقًا لنتائج تجربة أجراها طالب وعالم في سايكولوجي توداي بول ج. زاك: تؤدي الأفلام الحزينة المؤثرة إلى ارتفاع حاد في إنتاج هرمون الأوكسيتوسين الذي يؤدي بدوره إلى زيادة مستويات الكرم والتعاطف والسعادة، وعدم الأنانية.

يتابع بول ج. زاك بالقول: "نحن نبكي في الأفلام لأن الأوكسيتوسين في دماغ الإنسان مضبوط بشكل غير كامل. فهو لا يفرق بين البشر الفعليين والصور الوامضة للبشر." وبعبارة أخرى، فإن التعاطف سوف يظهر بغض النظر عما إذا كان هناك شيء حقيقي أو خيالي".

إن الأفلام المؤثرة الحزينة تجعلنا نشعر بالأخرين وآلامهم. جرب ما يلي: - تخيل نفسك تعاني من الألم الذي عانى منه شخص تعرفه مؤخرًا. على سبيل المثال، لنفترض أنك تعرف شخصًا فقد أحد الوالدين مؤخرًا؛ حاول أن تتخيل كيف سيكون شعورك إذا تعرضت أنت لفقدان أحدهم. مؤلم أليس كذلك؟ حسنًا، هذا ما يتعامل معه الأشخاص المتعاطفون بشكل أساسي كل يوم لأنهم قادرون على المشاركة في ألم.

ولكن.. لنكن على علم ودراية، أن بعض الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يستمتعون أيضا بالأفلام الحزينة. فالحزن يتغذى على الحزن، والمكتئب يطور أسلوب حياة قائم على تمجيد الحزن وتعزيزه، إنه يشعره بحقيقته. تقول العالمة النفسية بجامعة هيبروو مايا تمير "إن أحد الاحتمالات هو أن الأشخاص المكتئبين يستخدمون هذه الوسائل للتحقق من عواطفهم وتأكيدها. وبعبارة أخرى، فإن الحزن هو أمر مألوف أكثر للأشخاص المكتئبين، لذا فهم متحمسون لتجربة الحزن كوسيلة لإعادة تأكيد من هم. يرتبط الاكتئاب أيضًا ارتباطًا وثيقًا بانخفاض احترام الذات، وقد يعتقد الأشخاص المكتئبون أنهم يستحقون الشعور بالسوء."

غالبا لا يحب الناس أفلام الحزن والعاطفة، فهم يريدون مشاهدة أفلام النهاية السعيدة، أو الأفلام المضحكة أو أفلام الأكشن فقط، فالناس يعانون بالأصل في حياتهم ولا يرغبون في مشاهدة الأفلام الحزينة والبكاء مرة أخرى. لكن الحياة مثل المد والجزر، كل من الحزن والسعادة مستمران ومتبادلان، وإن كان الناس يحبون أن يكونوا سعداء لا حزينين، فإن الحزن يجعلنا أقوياء، ويظهر مدى قوتنا. إضافة إلى أنه لا يمكننا الشعور بالسعادة إذا لم تختبر الشعور بالحزن.

إذا كنت تحب مشاهدة هذه الأفلام فأنت قوي حقًا لمشاهدتها، ولكن حاول مساعدة الآخرين الذين يعانون، بدلاً من البكاء أمام الشاشة بمفردك، ولا تمتعض إذا انتقد الأخرون ذوقك بالأفلام الحزينة..فهذا إن دل على شيء فإنه يدل على كم أنت شخص متعاطف وانساني، لذلك اترك نقد الآخرين وتفقد هذه القائمة من الأفلام الحزينة التي سترفع من مزاجك وتزيد سعادتك، وليس هناك أفضل من نيتفليكس لفعل ذلك. :)


مراجع:

https://www.theguardian.com/science/2016/sep/21/watching-a-sad-films-boosts-endorphin-levels-in-your-brain-psychologists-say

https://whiteriveracademy.com/emotional-awareness/sad-movies-make-us-feel-good/

https://www.psychologicalscience.org/news/were-only-human/choosing-sadness-the-irony-of-depression.html

https://psychcentral.com/blog/why-are-we-drawn-to-sad-movies/


  • 5

  • Zeina Mkahal
    اعمل في مجال الصحة النفسية و مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي - مدونة مستقلة
   نشر في 08 أبريل 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

أنور منذ 4 سنة
زينة انت فعلا تستحقي الاعجاب مقالات مميزة استمري
2
Zeina Mkahal
هذا من ذوقك.. شكرا لك
بارك الله فيك مقال جيد بشواهده
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا