في ذلك المساء زارني الشيخ الكبير الذي يسكن معي في نفس العمارة هو شيخٌ كبير بالسن قديكون على مشارف الثمانين من العمر ..
خلع معطفه الرمادي الانيق الذي ينتمي الى زمان لم اولد فيه بعد وجلس على مقعدي الاصفر مزهواً اعددت له الشاي سالني هل الشاي عراقي لم افهم سبب السؤال اجبته عراقيٌ أعد من مياه دجلة الممزوجة بدماء العراقيين قلتها ممازحه ..
ولكنه نظر الي بنظرة كجبل أطبق على رأسي ..
هل هذا ما يسمونه صراع الاجيال افكارنا تختلف توجهاتنا لا وحتى مداعباتنا تختلف حاولت ان اغير الحديث ..
جلست قبالته ارقب وقاره وتصفيفة شعره كل شيء في ذاك الجيل يختلف
..
تحدث الي اتعلمين اني زرت المعتقلات وهتفت في جميع المظاهرات واني كنت ثورياً راغباً بالتغيير ..
أمنت بماركس واتخذت جيفارا مثالاً وكنت اردد
شعارات ثورة الفقراء والخبز ..
حاربت كل انواع التخلف والظلم والكبت واحببتُ زميلتي الشيوعيه ذات التنورة القصيرة والشعر القصير التي تسهر معنا وتحادثنا وتدافع عن افكارها ..
عشقت روحها وكأنها من غير جنس البشر قد خلقت لم يغيرها معتقلاً او حادثه ..
كل ذالك زادها اصراراً حباً وتفانيناً لم ترضى بالظلم يوماً ..
حملت السلاح دخنت السكائر حملت القضية روحاً وهماً ..
كنت كل يوماً ازداد بها اعجاباً ..
قمنا بالثورة ونجحنا ونجوت انا وهي من مطاحن الثورات ..
وعدنا لمقاعد الدراسة نكمل بفخر ما بدئناه تخرجنا ونحن نرى ثمار ما زرعنا ..
وحان موعد القطاف ..
وفي ذات مساء سألتني والدتي عن ابنة خالي المصون الدر المكنون التي لم تكمل دراستها طوعاً لابيها والتي تسلحت بكل انواع وصفات المطبخ وطرق اسعاد الرجل لحياتها القادمه وكيف انه لها وجهاً قمرياً لم يره احد وجسم لم يكشف عنه خلف حجب قد اصين وتلك الجدائل التي تحنت كل خميس باانتظاري ..
قبلت الزواج بها وتمت الخطبة وعقد القران وفي جو عائلي تم تحديد المهر وقطع الاثاث وانا اسير معهم كالمغيب انتظر صاحبة الصون والعفاف لتنير بيتي ..
وفي يوم الزفاف وجدتها كما وصفتها امي ..
لكني كنت ابحث عن حبيبتي الشيوعية الثائرة ذات الشعر القصير الند المتحدثه لم ارغب بتلك الدمية التي امامي ..
خرجت الى الطريق ابحث عنها ذهبت الى بيتها طرقت الباب وطرقته ..
خرج الي جارهم قال لا تطرق الباب ياصديقي لانهم رحلو ..
سألت عنها فقال اصيبت بمرض عضال من اثار المعتقلات وغادرت ...
هنا علمت اني كنت امثل كل ماحاربته من ظلم وتخلف وعنصريه فاانا لم افكر ان ارتبط بها لانها مختلفه عما الفت ..
هي اشجع مني قدمت في النهاية حياتها لما امنت به وانا عدت الى حيث بدأت أبحث عن ربة الصون والعفاف ..
اطفأ سيكاره وارتدى معطفه توجه الى الباب حاولت الحاق به او ايقافه
لكنِ لم اقوى على ذلك سبب اكبر من قدرتي هو ما الصقني بذلك الكرسي هل كان يرشدني ام اكان يروي قصته
التغيير يبدأ بنا بروحنا بجوهرنا وليس بشكل افعالنا ..