قبلة في الملجأ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قبلة في الملجأ

ذكريات الحرب... والولدنة

  نشر في 05 ماي 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

في العام 1984، كانت الحرب الأهلية في لبنان، وتحديداً زمن ما يُعرف بـ "انتفاضة 6 شباط"، في أوجها. الصواريخ تتساقط على منطقة "بيروت الغربية" ومنطقة الجبل كحباتِ المطر. يومها، كانت لولو في عامها الخامس عشر، طفلة بدأت مراهقتها وتفتَّح وعيها في الحرب، فعرفت أول ما عرفت، كأبناء جيلها، صوت المدافع ومآسي الحروب. كعادة الكثير من اللبنانيين، خلال الحرب الأهلية، استمر والديّ لولو في التنقل بالعائلة من منطقة إلى أخرى، هربًا من ويلات الحرب، وطلباً للأمان.

في العام 1984، وأثناء هذه الجولة العنيفة من الحرب، كانت لولو مع عائلتها قد استقر بهم الحال في منطقة بيروتية بعيدة عن خطوط التماس التي كانت تفصل بين ما كان يسمى وقتها "الغربية والشرقية"، خال الأهل يومها أنها ستكون أكثر أماناً من خطوط التماس؛ لكن ما حدث عكس المتوقع، اشتعلت بيروت بشقيها بالصواريخ، والقتال على أشدِّه.

لاذ سكان المنطقة إلى ملجأ يقع في بناء كبير في الحي، ولولو مع عائلتها كانت معهم. ملجأ عامر بأناس جمعت بينهم ويلات الحرب، وجمع الخوف قلوبهم على التعاطف والمودة والتكاتف، على أمل أن ينجو الجميع من هذا البلاء.

كانت لولو تجلس في زاوية وحيدة، تقرأ قصصاً خيالية، تلهي عقلها المشوش عن التفكير بالخوف الذي يحاصرها منذ أن وعت الحياة. اقتربت منها فتاة تكبرها بالسن قليلاً، سلمت عليها وتعارفتا، ثم دعتها الفتاة لتشاركهم أصدقاءها لعبة "القنينة"... لعبة يجلس فيها الفتيات والفتية بشكل دائري واضعين في منتصف الدائرة قارورة زجاجية، يفتلها أحدهم، فمن اتجهت شفتها نحوه وجّه أمراً ينفذه من اتجه كعبها ناحيته. كانت لعبة مسلية لهؤلاء المراهقين، أحبتهم لولو رغم أنهم يكبرونها ببضعة سنوات. ضحكوا كثيراً وعلا صخبهم لدرجة استدعت أحياناً تدخل الكبار ليخفضوا أصواتهم.

أشارت الزجاجة هذه المرة إلى فتاة لتأمر فتى- للأسف أن لولو لم تعد تذكر الأسماء- فتلقّى الفتى أمراً من رفيقته بأن يقبِّل فتاة تعجبه يختارها. تفاجأت لولو باقترابه منها طابعاً قبلة رقيقة على خدها، كانت تجربتها الأولى مع القبلة. احمرت وجنتاها وهي تبتسم، بينما الرفاق يضحكون ويصفقون. بينما همس هو لها شيئاً لم تسمعه، ووجنتيه محمرتين، وفي عينيه بريق غرورٍ وخجل... وانتصار، وهو ينظر إلى رفاقه.


أقاصيص مدونة

https://alamwaj.blogspot.com/


  • 2

   نشر في 05 ماي 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

Dallash منذ 3 سنة
قلبت المواجع استاذة ...قتل اثنين من ابناء عمي في بيروت ..شابان اثنان في عمر الزهور ..لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا اكباش فداء للمتصارعين..
عموما المقال رائع أستاذتي الفاضلة..ولكن اليس هناك فرقا بين الخجل والحياء؟!...
1
لينا شباني
هي مواجع لن ننساها أستاذنا الكريم، فأنا ابنة الحرب، وقد فقدتُ الكثير مِن عائلتي أثناءها، لذا فانني ما زلتُ أشعر بمواجعها هنا، في أعماق قلبي.
رحم الله أبناء عمومتك، ورحم الله أمواتنا جميعاً.
الخجل أمرٌ لحظي كما نعرف أما الحياء فهو صفة المؤمن في كل وقت طبعاً.
وهذا ما قصدته هو تحديداً.
شكري وامتناني أخي الكريم
Dallash
حفظك الله أستاذتي الفاضلة الكريمة

لينا شباني
شكري وامتناني لشخص الكريم
Dallash
ولك بالمثل تقبل منا ومنكم الصيام والقيام
لينا شباني
أعاده الله بالخير على الأمة جمعاء

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا