من يوقع عن الله ؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من يوقع عن الله ؟

  نشر في 25 مارس 2016 .

الراقصة اللى فى الكبارية طالما كانت نيتها طلب الرزق فان ماتت تبقى شهيدة مادامت نيتها طلب الرزق ..

هكذا قالت الراقصة معبرة عن قناعة دينية يشاركها فيها الكثيرين يجدون فى نظرة الاخرين لأفكارهم وأسلوب حياتهم بأعتبارهم مناقضين لما يدعون من ايمان تعنتاً ورؤية مختلة للدين تهدر ما يقوم عليه من رحمه و تسامح ..

مطلع هذا العام قتل شاب داعشى امه فى أحد ميادين مدينة الرقة السورية بعد أدانة التنظيم لها بالردة لتحريضها أبنها على تركة والهروب ..

لم يكن القرن الهجرى الاول قد أكتمل عندما ظهرت أولي الفرق المنتسبة للأسلام الخوارج الازارقة و المرجئة , فكفر الخوارج و فسقوا كل من خالفهم من المسلمين و أستباحوا دماء وأموال و حتى اطفال كل من لم يخرجوا معهم للقتال , وفى المقابل همش المرجئة كل اوامر الدين و نواهية من عبادات و أخلاقيات و حصروا الأيمان فى مجرد التصديق القلبي و أن ناقضة العمل فلا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعات ! ورغم الحرب الضروس التى قامت ضد الفرقتين وما أريق فى مواجهتهما من مداد ودماء الا انهما ليومنا هذا يرفضا الأنتقال من الواقع الى التاريخ

وبعيداً عن النماذج شديدة التطرف , أنت كم مرة قلت أو قيل لك (من قال أن هذا حرام أنا لا أعتقد بحرمته مطلقاً ) أو ( من قال ان هؤلاء علماء ينبغى أتباعهم انا لا أعتبرهم علماء ولا اعتد بما يقولون ) ؟

وفى الحقيقة أن كل مسالة ذات طبيعة دينية نجد المختلفين فيها فرق يدعى كل منهم انه على الحق المبين وانه من يفهم مراد الله من عباده على حقيقتة بينما الاخر يتبع خطوات الشيطان يمدة فى الغي و فى ضلال مبين.

وبأزاء فرقاء يتنازعون ادعاء التوقيع عن الله و انهم قائمين برسالتة متبعين لاوامرة دون الأخرين تبدوا أمكانية الفصل فى الأمر و ترجيح طرف على الباقين متوهمة أكثر منها صعبة المنال ولكنها ضرورية لازمة فى الوقت ذاته !

والسؤال الاولي والبديهى لمن يبحث مسألة الخلافات الدينية بشكل عام أو فى نطاق جزئية معينة هو ماهية الدين ذاته أصلاً ؟

و أن اردنا تعريف الدين وجدنا له أطلاقات ثلاث :

فهو من وجه أختيار شخصى و من أخر ظاهرة اجتماعية و ثالثاً هو حزمة حقائق تاريخية و علمية .

والوجه الاول للدين باعتبارة أختيار فردي يقتضى كون العقيدة الدينية حقاً لصيقاً بالشخصية فلكل فرد الحرية التامة فى أن يعتنق ما يريد من اراء و معتقدات وان يعتقد فى الله ما يشاء وان كان الانكار والجحود لوجودة او الشرك به ذلك ان الدين فى هذا الوجه مسالة قلبية لا تكون محاولة الأخرين التدخل بها أو تغيرها قصراً الا عبثاً ظاهر الفساد

والوجه الثانى للدين هو كونة ظاهرة اجتماعية فعندما تتوافق جماعة من الناس على حزمة من العقائد والافكار و الاراء الفقهية المكونة لدين أو مذهب يكون الدين بهذه الكيفية ظاهرة اجتماعية وسمة من سمات المجتمع وقيمة جماعية مرتبطة باعرافه والتاريخ المشترك لأفراده الذى يمنحهم لقب الجماعة .

واخيراً فالدين عبارة عن حزمة حقائق علمية و تاريخية تخضع للتدقيق العلمى والتاريخى .

فإن كان من حق الانسان أن يعتقد ما يريد ألا أن أدعائه أن قناعاتة هى صحيح الدين يجابهها من ناحية القناعات الجماعية للمجتمع الذى يعيش فيه والتى قد تصمة بالهرطقة أو الأبتداع ان أخرج مكنون صدرة و الحقائق العلمية و التاريخية من ناحية أخرى كمدى مصداقية النص و صحة نسبتة و الحقائق اللغوية والمنطقية فى تفسيرة

فمثلاً الرؤية و الكشف مصدران للمعرفة الدينية عند بعض الصوفية و الشيعة ولكن لا يمكن بحال أعتبار الأحلام سواء فى النوم أو اليقظة مصدراً لاى معرفة من الوجه العلمى فلا تكون للمعتقدات الدينية الناتجة عن هذا المصدر أى اعتبار سوى أحترام حق أصحابها فى أعتناق ما يشائون وأحترام الأمر الواقع فى حال كونها جزء من عقائد مجتمع ما , وكذلك فالتفسيرات الباطنية للنصوص الدينية شائعة عند بعض المذاهب ولكن تطبيق القواعد العلمية اللغوية و المنطقية يسقطها فلا يمكن تأويل النص عن معناه اللغوي الى معنى أخر لا يحتمله بلا قرينة ولا الجمع بين المتناقضات .

وفى المقابل فإن المعتقدات الدينية قد تجد تسامحاً من المخالفين فى أطار أعتبارها أختياراً شخصياً ليس بأعتبارها تحتمل الصواب كما هو الحال فى المسائل الاجتهادية وانما باعتبار الحرية فى أعتناق الأعتقادات الخاطئة حقاً طبيعياً وتفهم هذا الحق ولكن هذا التسامح المشروط بالتبادلية وأرادة الحفاظ عليه من القوى الفاعلة فى المجتمع لايبدوا يسير المنال فى ظل حقيقة أن تاريخ الجنس البشرى مشحون بالاقصاء و الابادات الثقافية وحقيقة أن الدين أكثر العوامل استغلالاً فى الصراعات السياسية و الأجتماعية .

وأن كانت الغاية هى استنقاذ الدين من تحويله ألى اداه فى الصراعات السلطوية القائمة على إزكاء التعصب من ناحية و أستنقاذه من تمييعه و تحويلة لمسإلة ذوقيه تخضع للأهواء الشخصية من اخرى فلا تبدوا هناك طريقة لذلك الا بأقامة توازن فى رؤيتنا بين الوجوه الثلاث للدين فلا نجحد الفرد ما وهبه الله له من حرية الأختيار ولا نتعامي عن الواقع الأجتماعى و نحكم العقلانية فنضع المعيار للترجيح بين قول و اخر الحقائق العلمية والتاريخية وليس تعصبنا لما نعتقد و ما وجدنا عليه ابائنا. فنتصدى لمحاولات "تأميم" الدين من الدولة او فئة ما تريد فرض رؤية بعينها كحقيقة وتجحد ما سواها و تستغلة للحصول على سطوة أجتماعية أو سياسية , ونحترم المعتقدات الدينية الشعبية دون أن نمنحها قداسة قد لا تكون لها فكثيراً مما فى الوجدان الشعبى لا توجد على نسبتة للدين اى دليل , ونحترم الحق فى الاعتقاد ولكن نحكم على المعتقدات ذاتها بحسب موافقتها أو مخالفتها للأدلة والمنهجية العلمية و الحقائق التاريخية ودون أن نخادع أنفسنا بأدعاء امتلاكنا لمفاتيحها كاملة .

لن تنتهى ادعائات التوقيع عن الله ما بقى فى الناس أثنين ولكن ينبغي علينا دائماً محاولة كشف الزيف و تقليل التزوير.



   نشر في 25 مارس 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا