تقاسيم وجهي ستبدو لأول مرة صامدة ..نقاط حروفي ستندثر لآخر مرة متفرقة..واقفة أنا أمام نافذتي أطل على جمال هدوئي دون أن أمدحه..مرسلة نظراتي مرة على طيور راقصة حالمة مداعبة لأشعة الشمس الراقية ومرة على شموخ الشجر الذي يأبى الانحناء..لا زلت أتأمل حركة الناس والكل منشغل للوصول والنجاح والنهاية والشفاء والتقدم والهدوء والأمان..أقطع بفنجان قهوتي الملازم لي على طرف النافذة برشفة من سواد الإدمان يقظتي في فهم أغوار الحياة ، لا أحد يبالي بفاتورة الماضي حاضرا ، أو بزلة لسان بضريبة النجاح سابقا ، كثيرون مندفعون أمام عيوني لتسجيل مزيد من الخطوات وأنا في مكاني أراقب في تساؤل عميق المعاني وبكلمات هي ليست للبيع بل للفهم والاعتذار...
أعرف وأشعر أن تقدمي في ثباتي هو مشكلة لمن تقدم أكثر مني واقعا ولبنة وتشهيرا..فأضطر لأن أطرق رأسي لأستوعب فكرة أن الله أراد وعلي أن أقبل ما يرفضه قلبي وضميري..وقائع مؤسفة..مداد حبر ينفلت من يدي من حين لآخر وأنا أراقب مستوى القهوة في فنجان آلامي وأتمناه أن لا ينتهي قريبا ، أخشى أن لا أبدع في التفكير ووعي الباطن سيفتقد نكهتها حين تنتهي.....
لا تطمئن لمقدمة كهذه..لأني لازلت قوية كفاية ولو أني لم أخرج بعد لشارع الصخب والتفكير والغرق في حضن الحياة بلا توقف..أريدك أن تطمئن أن كلماتي ليست للبيع في مزاد التسويف أو التجاهل.. كلماتي لها ثمن وتقاسيم مشاعري لها ردود فعل..أنا لا أكتب لأقنع نفسي أن الأمر بسيط ولا لأتركك تستمتع بما أنقشه من ابداع دون أن تستوعب ما أريده..أنا أكتب خلف نافذتي لأن سجن الأيام لم يرخص لي لألتقي بمن هو الآن يسأل عني في حيرة...لما كل هذا الغياب لسنوات...؟...
أنا لم أغب عن أحد بل كنت في نوم آمن كنوم أصحاب الكهف لأنه نفس الموقف تكرر معي ضجرا من قوم وفوضى وتجريح ، لكني أفقت بكلماتي التي لن تكون للبيع ...فقد حان الوقت لأتمشى بالقرب من الناس وأتحسس أحوال الدينار والمأكل والمبدأ ..فعلها أصحاب الكهف وسأفعلها بأمر من الله...
أوصيك أن لا تبيع كلماتي بالمجان..فهي ستخلد مواقفا بثمن الصبر الطويل وأدعوك لفهم عمق هذه الكلمات التي واستني فيما كُتب بين السطور في صمت .... افهم كلماتي واحذر أن تبيعها باستهتار..تعرفني جيدا أني أنهي الموقف الصعب بأمر صارم.
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية