متعديا بالهمزة أشكل على العامة فجعلوا المزيد بالهمزة متعديا والمجرد لازما ثم أمعنوا ففتحوا جيم يرجَع حتى لا يشتبه بـ "يُرجِع".
ومثل هذا الخطأ تغني نجاة من ألحان عبد الوهاب في "أسألك الرحيلا" "انزع حبيبي معطف السفر" بفتح الزاي، والصواب كسرها، لأن "نزع ينزع" من باب "ضرَب يضرِب"، ومع فتح الزاي وعدم وضوح العين يظن المستمع أنها تقول "انسى".
وكذلك يخطئ الثلاثي عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة في "لا تكذبي" إذ يغني ثلاثتهم "فرأيت أنك كنت لي قيدا حرصت العمر ألا أكسَره .. فكسرته"، بفتح السين في "أكسره"، والصواب كسرها لأنها من باب "ضرَب يضرِب".
ولنجاة الصغيرة خطأ آخر يعد من اللحن الخفي حين تغني في "ماذا أقول" من شعر نزار قباني "وفي الزوايا بقايا من بقاياه" بتقصير الحركة في بقايا لتخرج وكأنها بقاي من بقاياه.
ولا أقصد بهذا المقال أن أحمل على مطربينا الكبار أو أقوم بدور "grammar police"، ولا أن أغضب محبي فنهم، فـأنا منهم، ولكنني أردت أن ألقي الضوء على أحد مداخل الخطأ الشائع في الفصحى المعاصرة مع تأكيد التأثير الجيد لهؤلاء المبدعين في جماهير الأغنية العربية.
ومهما يكن من شيء فإن غناء المطربين الكبار للقصائد خفف رهاب الفصحى عند الجماهير وأشاعها بينهم، كما أن عبد الوهاب وأم كلثوم خاصة كانت لهم معرفة جيدة بصفات الحروف وقدرة على توظيفها في تصوير المعنى على نحو ما بينت في نطق أم كلثوم للهاء في "فوهة" والحاء في "جراح"، وكذلك نسمع من عبد الوهاب تنغيما معبرا في قصيدة "أخي جاوز الظالمون المدى" لعلي محمود طه وذلك في البيت القائل:
أخي قم إلى قبلة المشرقين .. لنحمي الكنيسة والمسجدا
إذ يطرب في "الكنيسة" على هيئة الترانيم الكنسية، ويطيل المد في "المسجدا" بمقامات الأذان.
-
حسن غريبعضو اتحاد كتاب مصر عضو نادي القصة بالقاهرة عضو أتيليه القاهرة للفنانين والكتاب عضو نادي القلم الدولي