هو مرض من الأمراض الكثيرة التي تعاني منه الأمة العربية ، بل ربما يكون هو المرض الأكثر انتشاراً و الأكثر خطراً على الناس ، يُعرّف بأكثر من تعريف ، فيُعرف بإقصاء الآخر ، و بإمتلاك الحقيقة المطلقة ، نحن في الجنة وأنتم في النار ، قوانيننا هي قوانين الطبيعة ، و يصطلح عليه مصطلح الإنغلاق الفكري أو الإنغلاق الثقافي ، و في الحقيقة أعتقد أن أغلبنا نعاني منه بنسب متفاوتة إلا ما رحم ربي .
سأطرح الآن أكثر من مثال واقعي يبين وجود هذا المرض فينا ، و عد كم مرة تجد نفسك فيها لتعرف النسبة التقريبية لوجود هذا المرض فيك ، لتستطيع بعد ذلك إصلاح هذا الأمر ، إعلم إنك إذا قابلت شخصاً يلبس ثياب غير مألوفة لديك و بدأت بالسخرية منه ، و بإنتقاده فقط لأن لباسه مختلفٌ عنك ، أو إذا كنت تأكل على سبيل المثال بالملعقة و تسخر من الذين يأكلون باليد أو العكس فأنت ممن يعانون من هذا المرض الفتاك .
إذا كنت ممن ينتقد كل إنسان يفكر بشكل مختلف و مغاير عن الفكر الجمعي للمجتمع فقط لأنه يتعارض مع الفكر السائد فأنت مصاب بهذا المرض ، و إذا كنت بين أصدقائك و أتى لكم شخص غريب عنكم ، و بدأ يتكلم معكم بلهجة مختلفة عن لهجة منطقتكم أو لهجة بلدك و سخرتم منه فأنت كذلك تعاني من هذا المرض .
إذا كنت تمنع أو تحذر الآخرين من مشاهدة برنامج معين فقط لأن مقدم هذا البرنامج من الطائفة الأخرى أو من الديانة الأخرى فأنت منهم ، إذا كان لديك معتقد أن كل فكرة قادمة من جماعتك التي تنتمي لها هي فكرة صحيحة و كل فكرة قادمة من خارج الجماعة و تعارض أفكار جماعتك هي فكرة خاطئة وغير قابلة للنقاش فأنت منغلق فكرياً .
هناك أمور مستثنية من هذا الكلام ، بل على العكس يجب عليك منعها و لا يعتبر هذا المنع من الأمور الدالة على الإنغلاق الفكري كمنع الأطفال من مشاهدة الأمور الإلحادية ، أو منع الآخرين أو إقناعهم قدر المستطاع من عدم الإستماع لمحرضي الفتن الطائفية و العنصرية و القبلية وغيرها خوفاً من التأثر من كلامهم المسموم ، فهذه الأمور تقع على عاتق كل شخص ، فهي تجنب الكثير من المشاكل والتي من الممكن أن تؤدي إلى القتل في نهاية المطاف .
من الجميل أن تنفتح على الآخرين و تسمع منهم وبالمقابل يسمعون منك ، ليس بالضرورة أن تؤمن بأفكارهم و بمعتقداتهم ولكن يكفي لأن تستمع لهم ، فكلما انفتحت على الآخرين زادت خبرتك في الحياة و سترى الأمور من منظور مختلف لم تعتد عليه من قبل ، و كلما تقربت أكثر من الآخرين ستتعايش معهم بأريحية كبيرة ، وسترى بأنهم يسارعون في الخيرات ولا يحبون الشر لأحد مثل جماعتك بالضبط ، فالكل رابح في هذه المعادلة .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم
التعليقات
من أعطانا الحق بإقصاء الآخرين لأنهم مختلفين وحسب !؟ و هل سيعجبنا الأمر إن تم اقصاؤنا فنحن ايضا مختلفون ..؟