غاية الفيلسوف نثر الكلام يمينا وشمالا في كل مكان وزمان عن كل شيء

أعياه التعب فأخذ كرسيا فجلس وآخر أعياه الجلوس فنهض وانتفض وأخذ يمشي ليريح رجليه

قال الواقف:يلجأ إلي البرد في عزلته فلا دفئ يؤنسه ولو لم يكن كذلك ما أحسست بالبرودة فأتمشى فأدفئه

وقال الجالس:احتجت للجلوس فكان لا بد لي من الذهاب للكرسي،ولا بد لي من الكرسي وإلا جلست على الأرض فلا بد لي من الجلوس ففيه راحتي ورجوع قوتي،فإن أخذت مكاني من الأرض زارني البرد الصاعد منها وأضر بي وبجسدي،فلما الكرسي وليست الأرض موطني ومن ترابها أصلي وفصلي؟

قعد الواقف وانتظمت عظامه في مكانها واعتدلت جلسته ونهض الآخر من مقعده وذهب يتمشى.

بقي كلام الجالس على مقعده وذهب كلام المتمشي أدراج الرياح اتجاه الشمال مع هبوب رياح الجنوب،فحتى الرياح ابتعدت عن السفسطة.

فقال الجالس الواقف توا: لو كان كلامك أيها الواقف الجالس توا صحيحا طبيعيا لعرفته الرياح وما عاكسته،كلامك مصطنع

فرد الواقف الجالس توا كلامي يشق طريقه عبر الرياح إلى حيث يرتاح فما بال كلامك أخذ متكئا على الكرسي؟

كلامي ذر ثمين إذا أراده مريد وجب عليه البحث والتنقيب عنه،ليس برخيص تبعده الرياح وكلامك لا تشتهيه الفنون ولو مر على ذلك السنون، حكمي تربعت عرش الكلام ولا فخر.

قال الجالس للواقف اجلس كي أسمعك ورد الآخر قف لأراك

قال الجالس:لا قال سقراط تكلم لأراك

ورد الواقف: قل: تحدث كي أسمعك

فال الجالس: قال سقراط تحدث كي أعرفك

رد الواقف:ظهر السفسطائي الآن

قال الجالس:نعم هو أنت فقد كنتم وما زلتم ضد سقراط فالآن حرفتكم تحريف كلامه.

ذهب كل واحد منهما إلى حال سبيله بعد يوم كامل من السفسطة

وكلامهما لم يقعد ولم يسافر بل خُط مدادا على هذا الورق

دليل سفسطة الواقف والجالس

لا فلسفة هناك.