والله مش هيك ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

والله مش هيك !

لن يشادّ الدين أحد إلا غلبه ..

  نشر في 26 غشت 2015 .

المقال على الفيسبوك = والله مش هيك .. ! :)


هي هكذا .. دائمًا ما يضيع الحق بين الإفراط والتفريط ..

يقول المتشدّد والمتحجّر : الدين شدّة وجدية يا متساهلين ! A ( المنبتّ لا أرضًا قطعَ ولا ظهرًا أبقى )

ويقول الكوتشي كوتشي: عادي عادي الدين يُسر يا شيخ ! A (ما يزال قوم يتأخرون حتى يؤخّرهم الله)

وبينهما يقف الدين متعجّبا قائلا: والله أنا "مش هيك" ! B

( وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا )


رفقًا يا إخوان ، الهوينى الهوينى ، والموازنة الموازنة ..

كان أصحاب رسول الله ينشدون الشعر ويذكرون من جاهليتهم ويضحكون بين يديه فيضحك معَهم رسولنا عليه الصلاة والسلام ، وكانوا يتبادحون بالبطّيخ، فإذا أريد أحدهم على شيءٍ من دينه دارت حماليق عينيه كأنّه مجنون .. فإذا كانت الحرب كانوا هم الرجال !
- رضي الله عنهم -

كثيرًا ما يحول بين شبابنا وفتياتنا وبين الالتزام تصوّرهم الخاطئ عن "الالتزام" ؛ إذ تكون صورته هي ذاتها صورة كثير من الملتزمين المذكورين آنفًا ضمن الطائفتين الأوليين! .. فيصبح عنده ( أن تصبح ملتزمًا بأمر الله ) تحدّيًا خطيرًا يهدّده بالانقراض!

يتصوّر الشاب أو الفتاة أنّ الملتزم أو الملتزمة مضغوطة في حياتها .. وأنه مكبوت .. وأنّها تعاني من كآبة شعورية .. وأنّه يفتقد اللذة .. وهي محرومة من الجمال .. وهو منعزل حزين ... وهي نفسيّة مريضة .. في النهاية هما "ماكلان هوا " !

مهما كانت الصورة الالتزامية التي تراها، أريد منك أن تنظرَ إلى الحقيقة لا إلى سرابٍ ، انظر إلى حياته عليه الصلاة والسلام ..


دعنا نكن مثلَ أنس .. كان أنس -رضي الله عنه- يسلّم على الصبيان ويقول: كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يفعلُه ! [ يقتدون بالقدوة والأسوة الحسنة وهكذا يجب أن نفعل]

لما دعتْهُ ابنتُه وأقسمَتْ عليه ، لما قعقعت روحُ ولده بين يديه، لتغادر الجسدَ مِن بين جنبيه ، لما تدمعُ عيناه - عليه الصلاة والسلام- يُسائله صاحبُه مستغربًا : حتى أنت يا رسول الله ؟ تبكي على وفاة طفل ؟ (غريب)
فقال: "هذه رحمة !" .. نعم نبكي وإنّا على فراقه لمحزونون .. نحن بشرٌ .. طبعنا الله على هذه الرحمة والعاطفة .. ( ليس بغريب)

وهو نفسه عليه السلام الذي لا يبكي على جنبِه إذا أصابه الحصير فأثّر فيه، أو ضربه سيفٌ فآذاه، أو آلمه بطنُه من جوعٍ ، أو تخبّأ في غارٍ من خوف ، يقول لصاحبه : "لا تحزن" ! طيب ليش؟ "إنّ الله معَنا" ! ( لا نبكي على دنيا زائلة )

نفسه الذي تدمع عيناه حزنًا وشفقةً ، وهو الذي ما رآني إلا تبسّم !

وهو الذي يقبّل أولاده وهو الذي يقول لأبي هريرة : (أبا هِرّ) يداعِبُه .. يقول لطفلٍ مات له طائر صغير: (أبا عُمَيْر .. ما فعلَ النُّغير ؟ ) يسجع له .. يضع في فيه ماءً من بئرٍ ثمّ يمجّه [يرشّه] في وجهِ محمود بن الربيع -رضي الله عنه- ذي الست سنوات .. يمازحُه !
فيبقى محمود بن الربيع يذكرها إلى آخر عمره ، (عقلْتُ من رسول الله مجّةً مجها في وجهي من بئر لنا وأنا ابن خمس سنين !! ) الله الله ..

وهو الذي يمازح أصحابَه، فاستعجَبوا، فحدّها فقال : أمزح ولا أقول إلا حقّا !
(نمزح ولا داعي لأن نكذب، نمزح ولا داعي لنؤذي ونضرب)

هو نفسه الذي أطلّ بوجهه قبل وفاته من حجرة عائشة إلى الصحابة وهم في صلاة الفجر، يقول أنس: كأنّ وجهه ورقة مصحف !
كاد الصحابة أن يُفتنوا وهم في الصلاة من تبسّمه عليه الصلاة والسلام في آخر أيام حياته ومرضه فرحًا به وبمرآه .. يقول أحدهم لمّا نظر إلى القمر ليلة البدر وإلى وجهه : فلهو في عيني أحلى من القمر ! صلى الله عليه وسلم ..
( نعم نبتسم، نتّسم بالجمال، نتعطّر ، هذا من الدين ! )

وهو الذي يراعي المُحبّين، كانت "بريرة" زوجةً لـ"مُغيث" وكان عبدًا ، ثم إنّه فُرِّقَ بينهما ، يقول ابن عباس : فلقد رأيتُه [أي مغيث] يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته ! [ يبكي يحبها يريدها أن ترجعَ إليه ] !
يقول النبي صلى الله عليه وسلم للعباس : يا عباس ألا تعجب من شدة حب مغيثٍ بريرةَ ومن شدة بغضِ بريرة مغيثًا!
ثم يقول صلى الله عليه وسلم لبريرة : لو راجعتِه ؟! [ يعني هلا راجعتِه ] !
قالت: يا رسول الله تأمرني ؟ قال: إنما أنا شافع ، قالت: لا حاجة لي به يا رسول الله! اهـ
يريد عليه السلام أن يؤلّف بين المحبين ، هو الذي يقول: لم يُرَ للمتحابّين مثل النكاح !

(يراعي العاطفة ، لكن عند حرمات الله، يحمرّ وجهه ويغضب لها ويقوم )


لما قال عليه السلام لرجلين : أيُّكما أطبّ (أحسن في الطب يعني ) ؟ . عَجِبا فقالا: أفي الطبّ خير ؟؟ [يعني أنت النبي والأمر كله في محضِ دعاءٍ وتنتهي القصة ولا داعي للطب كله ، وتؤمن بالطب ؟ ]
فقال: إن الله ما أنزلَ داءً إلا أنزلَ له دواءً .. تداووا عبادَ الله !

( كما أن الجسم خُلِقَ مستعدّا للغذاء وأنت تأكل ، فإن العلة مستعدّة للدواء وأنت تتطبّب )


لما يحض على لقمة في فِيِّ امرأتك يكون لك فيها أجر ، لما يكون الدينار على أهلك خير من غيره، لما يكون في مهنة أهله عليه السلام ، لما يشرب من حيث تشرب زوجته رضي الله عنها ، لما يقول: وفي "بُضْعِ" أحدِكم صدقة [ يعني في شهوته] ، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ( معقول الشهوة فيها أجر ؟ )
قال: أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه وزر؟ كذلك إن وضعها في الحلال كان له أجر!

( ليس كل شيء جميل حراما ، وإنّما كل حرام ليس شيئًا جميلا )


كان صلى الله عليه وسلّم يريد أن يُبعد الظنون التي قد تشتبه على العقول -حتى عند الصحابة- بأنّ الدين دين رهبانيّة فحسب، بل هو دينٌ شاملٌ كامل، دينٌ يمثّل "كاتالوج" لهذه الحياة لاستخدامها على أتمّ وجه ، يُعمل العقل والنقل معًا دومًا؛ فالله وهبه لنا لنعلم به ونعمل، ونتّبع النقل في كل خطوةٍ نخطوها، ويتّخذ من هذه الدنيا وإعمارَها خِلافتَها واستعمالَها بما يُرضي الله ، وأيّ شيء في هذه الدنيا لا يرضي الله هو ضارّ -أصلا- أبدًا ! ( ألا يعلَمُ مَن خلق وهو اللطيف الخبير؟)

نعم .. ديننا دين رُهبان بالليل، و"عرسانٌ" أيضًا !

دينُ فرسان بالنهار، دينُ "الإنسان" الحقّ !

اقرأوا السيرة والله مليئة بالروائع .. وهذا غيضٌ من غيضٍ من فيض !

صلَى الله على نبينا وآله وصحبه وسلَّم .. ورضي الله عن صحابته .. ورحم الله التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ..

اللهمّ ارزقنا العلم بك والعمل لك يا رب العالمين !


  • 4

   نشر في 26 غشت 2015 .

التعليقات

Heba Nayef منذ 9 سنة
بارك الله فيكم . وصل الله على سيد الخلق محمد بن عبد الله .
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا