.... حاول أن ينام
حاول التشبث بثياب الليل ... حتى لا يرحل !
ولكنه رحل !
.
..غادر فراشه ... حاملاً فوق كتفيه عباءة حزنه وارهاقه !
وتعب الماضي ... وألم القادم !
استوطنه الحزن ...
كان حزيناً لدرجه أنه لا يدري لماذا !!!
.
..خرج من غرفته ... يتأمل الطرقات
وجدها فارغة من كل شيء ... إلا زحمة الناس !
.
.لم يجد من يتحدث معه
فكل البشر ... بشر !
وكل الحلول... مشاكل !
.
.عاد الى غرفته ... لعل بها بقايا من ليل !
تذكر نصائح طبيبه ... وان التدخين قد يعجل برحيله !
فأشعل سيجارة .. بنشوة المنتصر !
وأخذ يدور في الغرفة ... يطارد دخان سيجارته ... كمريض .. يطارد الموت !
ولكنه توقف فجأة عن الدوران ... وابتسم في خجل !!!!!!!
لم يكن وحده في الغرفه !!!!
كان هناك من يراقب ... كل جنونه العاقل !!
عاد في هدوء إلى مكانه ...
وحملق في عيني ذلك الزائر ...
هو .. بكل تأكيد لا يعرفه !!
حاول أن يتذكر ... غاص في تفاصيل ملامحه ... لكنه لم يعرفه !
.
..فكر في ان يسأله ..!
ولكنه لم يمتلك قدرة كافيه لتنتزع السؤال ... لتخرجه الى نور ظلام تلك الغرفة !!
تسمر كل منهما أمام الآخر !
قرر كل منهما ألا يرفع نظره عن الآخر ! ...
ومرت الساعات تجر خلفها في تثاقل ... ظلام ليل قد يأتي ... وقد يضيع ... ويتلاشا قبل أن يصل !
..ولازال كل منهما يتأمل الآخر ! ... في صمت أزعج كل زوايا الغرفة !!
.
.من أنت ؟؟
لم يكن سؤالاً ... بقدر ما كان زلزالاً دمر سكون المكان ... وجنون السائل ... ودهشة المتلقي !
..ولكنه ظل سؤالاً .. مشنوقاً .. معلقاً في الفراغ ... بلا إجابة !
.
. ألا تعلم أنك تتعدى حدودك بدخولك غرفتي ... هذه الغرفه لا يدخلها إلا أنا والظلام !!
.
. وسؤال آخر مشنوق كسابقه !!!
لا تقل أنك صديق قديم تذكرتني فجأة ..
الوفاء لا يليق بالبشر ... وأنت ـ فيما يبدو لي ـ إنسان ...
واستمر في توجيه كلامه لزائره الغريب :
... يجب أن تعلم أن الوفاء صفة تليق بالكلاب فقط !!
.
... ولم يكن هذا الاستفزاز كافياً ليسمع رداً ... أو تعليقاً ...
بل انه كان يحن لسماع شتيمة ... ولكنه لم يسمع شيئاً !!
- سواء أأجبت أم لم تجب ... ما يهمني هو أن تعرف أنك لا تمتلك حق انتهاك حريتي !!
.
..وامتلئ سقف الغرفة بكل الاستفسارات ... والاستفزازات ... والاسئلة المشنوقة ...!!!
.
.هل تعلم أن الحرية هي أغلى واثمن شيء في الوجود أيها الابكم التافه !!
ثم أكمل بصوت مخنوق :
- إنها غالية وثمينة لدرجة أنه لا يمتلكها ... إلا الأثرياء ... والأثرياء جداً !!
.
ثم رفع رأسه المهزوم ... ونظر الى وجه هذا الزائر الغريب ...
فرأى دمعة تودع عينيه !
حينها فقط ... أدرك أنه لم يكن في الغرفة أحد سواه !!!!
كان وحده ....
خلفه الشباك ... وأمامه ... المرآة !!!!
وودت مشاركتكم فيها اعزائي
-
ابو البراءان تكون او لا تكون تلك هي المسألة ...!!!