ضمير... يرجُ مياه بركة العهر الديني الآسنة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ضمير... يرجُ مياه بركة العهر الديني الآسنة

مقال

  نشر في 13 يونيو 2015 .

ضمير... يرجُ مياه بركة العهر الديني الآسنة

أمام الجدار الزجاجي لمقهى الوطن... أتأمل المشهد نفسه.. اعتدلت في جلستي، ارتديت نظارتي الطبية، كما أفعل دائما حين أستعد للقراءة.. ازددت ضيقا وأنا أطالع العناوين الكبيرة للجرائد...

لا شيء يلفت الإنتباه... وحده عرس دم العهر الديني يفتك بمهد الحضارات... هناك وعي تام بأن لا مفر من ضريبة الدم من أجل العيش الكريم...

أرشف قهوة مرة برغم قطع السكر التي وضعتها فيها... اللفافة لا تزال في فمي وقد أضحت على شفتي رمادا...

أعود لأتلصص عبر الزجاج... إنها حكاية مطر الدم منذ الصباح... وعلى وثيرة واحدة... أتأمل تلك الحبال المائية الملونة المتدلية من السماء... أرى فيها غضبي... قهري... نزفي السري... عبثي... ضجري...

لكن ما الذي حدث؟ ما الذي أفعله هنا؟... سأظل محترفا لسياحة العزلة... وأمتهن النسيان في شوارع حزينة ماطرة مكفهرة؟ متى كففت عن الرغبة في إيصال صوتي للآخرين... متى كففت عن الكتابة؟

مند أن غادرت حلمي لم أكتب حرفا واحدا، فلا أحاول ترتيب أفكاري واستعادة صوتي. ألم أجزم على عقلي لتصحيح مسار حياتي؟... ثم إنني لم أتقن يوما في تجميل الأشياء وإخفاء أسوأ ما فيها؟...

لماذا لا أعود وأناضل ضد كل ما يخرس صوتي بدلا من البقاء وحيدا كيتيم العصر؟...أليس من حقي أن أناقش وأرفض التدجين؟... أم إنني لست واثقا من رضا ولي الأمر عني؟... أنا الكهل العاطل عن حب كهنوت الدين....

غيام وسحب أمطار الدم تلوح في كبد السماء... وأنا منذ طفولتي أخاف السير تحت المطر... لماذا لا أغير سهو خطواتي وأقتحم البرك... وأترك المطر يغسل كل شيء... كل شيء...؟

الفكرة تنتشلني من عجزي. تدب في عروقي قوة عجيبة. انتفض فجأة... أنطلق هاربا من حلمي... أتجاهل الناس الذين يرمقونني بدهشة... لا أحد يهمني... شعري يتبعثر... نظارتي تسقط... أركض وحيدا بلا معطف أو مظلة... أمطار الدين تنهمر بوحشية... تبلل رأسي، وجهي، جسدي... رماح الحلال والحرام تصيبني... سهام الوصايا تنهال من كل صوب وحدب...

أظل أركض... أحارب... أجري على غير هدى... بصعوبة انتزع خطواتي... قراري... بصعوبة أدبُ على الأرصفة الموحلة... أنط فوق ألغام النصوص...

أنزلق... أتعثر... ألوك بقايا خيبة في فمي... عبثا أحيك خيوط حريتي كأي رجل من القطيع... أخترع لي مصيرا آخر خارج عدادات الموت التي تحصي الأنفاس وتكمم الحناجر...

وابل المطر لا ينقطع... شظايا العهر تتسلل بين جلدي ولحمي... يحتويني شعاع سلام حنون... قبس نور من ضمير يغسل صدري... يلعق خيبتي... جراحاتي تبرد... ندوباتي تلد أشواكا... صرخاتي تطفئ نار الذل... صرخة واحدة تلتصق بحنجرتي: الحرية... الحرية... الحرية...

سعيد تيركيت

الخميسات - المغرب- 30 / 05 / 2015



   نشر في 13 يونيو 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا