فأر على أرصفة الحرية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فأر على أرصفة الحرية

  نشر في 12 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


في غرفة زجاجية خانقة، يتناقض الهواء فيها تدريجيا و تضيق المساحات،

كانت تعيش،

تبدو للناظر اليها مخلوقا بشريا متكاملا و انسانا مفرطا في الانسانية ،إلا أنها تشعر بالنقص الرهيب كانسان 

و في اسوء الاحوال كانت لا تشعر بانسانيتها بالمرة

بل تنظر الى نفسها على انها مجرد فأر تجارب مريض،

و في نوبات يأسها الاشد سوادا، قد تشعر بأنها لا ترقى حتى إلى مستوى أن تكون فأرا، 

اه كم كرهت هذا الرصيف الذي قضت  معظم حياتها عليه، تلتقط الفتات،

كم كرهت أصوات  المارة و عطورهم و ضجيج ارجلهم، 

كم كرهت احساس البرد و الجوع و الحقد الذي يستوطنها و نظرة الحيوانات و البشر اليها كأنها مصدر للوباء،

و كان الخيار بأن تلقي نفسها في اقرب صندوق قمامة،

و الحقيقة أنه لم يكن خيارا بل كان حلما بالخلاص،

هل يعرف فأر الطرقات الحر اي شر ينتظره في صندوق القمامة؟

هل يعرف شيئا عنها سوى أنها مصدر للدفئ و الغذاء،

هل يعرف اي مصير ينتظره بعد أن يشبع،  

وجبة مسمومة ربما، قطعة زجاج حادة، أو ربما شرك منصوب لاصطياده،

هل يعلم أن كان سيخرج منها على قيد الحياة او قد يموت فيها؟

و هي كانت فأرة جميلة و وديعة و جائعة و كانت فوق هذا بلهاء و غبيةً ايضا

صفقة رابحة لا يمكن لاي تاجر فئران ماكر ان يفوتها،

و كانت تلك البداية و النهاية،

نعم انها البدايات التي تصنع الحدث، و القدر و الحياة،

و كل التفاصيل التي تحدث بعدها مجرد تاريخ لا فائدة من تذكره او دراسته او تكراره،

إلا في استنباط العبر ربما،

أو اخذ الحذر او ما شابه،

اما النهايات فهي مجرد حصيلة حتمية،  و كونها خرجت جيدة ام سيئة فهو أمر نسبي و غير مهم 

فمن البديهي انك ستخرج من كل قصة بنتيجة مختلفة،

و نظرتك إلى النتائج و انت تعتبر نفسك انسانا عظيما مثلا او فاشلا او تافها تختلف تماما عن نظرتك اليها و انت تعتبر نفسك فأرا مثلا او حمارا او سلحفاة او ناطحة سحاب،

لنقل مثلا انك تعتبر نفسك فأراً 

فانت قد تفضل حرية الأرصفة الفسيحة التي يمرح فيها الهواء، و تلوثها انفاس المارة الذين لا تعرفهم و لا يعرفونك و لا يستطيعون الإمساك بك

على سجن زجاجي نظيف تقضي في زاوية بعيدة منه بقية حياتك

و  تُْعد عليك الانفاس فيه من قبل سجان ماهر  يعذبك، 

تكرهه بكل غرائزك الفأرية و تخشاه و تخافه و لا تطيق النظر إلى وجهه،

و لكنك تاكل الجبنة التي توضع لك فيه بانتظام و تلعب قليلا في ارجوحة صغيرة حتى تغيب عن الوعي، أو تهرب او تموت .

حياتك في عالم زجاجي صغير بشع ربما يكون جنة بالنسبة لبعض البشر ، 

لكنه لعنة ابدية على فأر يريد أن يركض  على ارصفة الحرية و يمارس حياته الطبيعية كأي فأر اخر.

  

 


  • 1

   نشر في 12 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا