مالي أرى من كان يطلب الموت حثيثا يرتعش خوفا..؟
هل الوباء جعلك تدرك قيمة البقاء حقا..؟!!
نشر في 13 مارس 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
"الوباء العالمي حاصدُ أرواح البشر بما يقارب خمسة آلاف فقيد للآن.."
لكن مهلا ليس هذا ما جرّني للكتابة هنا..وليس الذُعر والهلع الذي يتلبس العالم أيضا..بل شيء آخر، أمرٌ جعلني أقف بحِيرة من أمري ..
ثلةٌ من الذين اعتنقوا السواد ممّن ترنموا بعبارات الرحيل مرار و تكرارا و عجزت ألسنتنا عن هز عريشة الإيمان بداخل صدورهم..ثلة عظيمة أقسمت على أن الحياة ضاقت عليهم بما رحبت و لم تعد تتسع إلا للوجع ..إلا لمزيد من الإنكسارات والخيبات..
تلك الثلة التي كانت تطلب الموت حثيثا ..من ركلت الحياة بقدمها و هشمت أنف كل نصيحة تبث بهم ولو القليل من الأمل..من أسدلت ستار العتمة المطلقة و تجهزت لرحلتها...
أين هي الآن؟؟
ألم يسمعوا بأن الموت أصبح يتسكع بين الشوارع بدون طلب أو رجاء..؟؟
ألم يدركوا بعد أنهم يستطيعون المغادرة بدون أن يطيحوا بإيمانهم في فجوة النار؟؟
و أصبحنا في دفتر العالم كأعداد لا تميزنا الأسماء ..
مالي أراهم مرتعشي الخطى..يتناوبون الأنفاس..يبعثرون النظرات هنا وهناك خشية أن تصيبهم عدوى لم يخطط لها مسبقا..
كنتُ قد ظننت أن صدوركم ستلقى الموت وهي عارية..و ستضربون بزنودكم كل مصيبة عرض الحائط..و الموت أهون من الحياة..!! فما الذي حدث ؟؟
هل الموت إذا ما حلّ على رؤوسهم دون طلبٍ منهم سيدق ناقوس الخطر..؟
أم أن الرحيل دون زاد هو من أحنى ظهر البعير..؟؟
أم أنّ فقدهم لأحبائهم و تذوقهم لفجاعة الرحيل لم تكن بالمذاق اللذيذ..لم تكن ضمن أهدافهم المؤجلة..
فكم من لمة بحضن العائلة لم تكن بها...وكم من عيد لم تحضر به إلا عابس الوجه...وكم من فرحة أتيتها و أنت ترسم على ملامحك تفاهة الوقت..كم من جرح دسسته بقلوب أحبتك دون تعمد منك...و كم من ساعة كان يجدر بك أن تختمها بالرضى لكنك لكمتها بالتأفف...!!
الموت ليس مخيفا و الوباء ليس مخيفا أيضا...بل الأعظم من هذا كله هو أنك قد عشت ناكرا للنعم..عشت و أنت تكدر ثقل الزمن..عشت و أنت لا تعلم أنّ الحروب أعمق ألما و أنّ الجوع وحش يلتهم البشر دون إحصائيات تكشف سيقان ذعره...و أنّ العالم لا يزال يشرق برحمة من الله ..لا يزال يحاول الانتصار على كل سقم...و ان دقت ساعة رحيلك لا ينفع مال ولا بنين ..ولا ينفع السؤال "أرجعني أعمل صالحا"..
الهزيمة و اعلان الموت بالحياة هو أضعف قرار تتسربل به الصدور..
ما دمت حيا تتنفس ازرع الأمل بغيرك..حارب ..انتصر و لو هزمت ألف مرة..ابتسم و تسلق ظهر الوجع و أنت معبئ بالرضى..نحن نولد مرة واحدة..ونموت بها أزيد من مئة مرة لكي نحيا مجددا..
تذكرت سلمان العودة بكتابه "شكرا أيها الأعداء"...
ألا "فشكرا لهذا الوباء" لأنه جعل العالم يستيقظ من غفوة الحياة ..و أنّ لكل بداية نهاية فلنجعل للنهاية أثرا يليق بقدومنا هنا...
...
-
نور وصالكاتبة وشاعرة ..أتخد من الحرف مسكنا على الورق
التعليقات
اللهم ارفع عنا الوباء و البلاء