الامير محمد بن سلمان (أطال الله في عمرك) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الامير محمد بن سلمان (أطال الله في عمرك)

  نشر في 02 شتنبر 2020 .

سأل الكاتب الأميركي توماس فريدمان الأمير محمد بن سلمان لماذا يعمل دوما كأن "الوقت يُداهمه" .

جاء رد ولي العهد السعودي: "لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جداً، وقد تحدث الكثير من الأمور، كما أنني حريص جداً على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري ".

واريد ان اوضح شيئاً مهماً جدا في البداية ، هذا المقال ليس تملقاً ولا نفاقاً للامير وفي الواقع انه أول مقال لى اخص به احد الاشخاص على رأس سلطة ما لاني أؤمن ان مهمتى ككاتبة أن انتقد من هم على رأس السلطة لا أمتدحهم ولكن الامر هنا مختلف تماما فلم استطع ان امنع نفسي من الثناء على الامير الشاب وعلى شجاعته التى عجز عنها الكثيرين ، اعلم ان هناك من سينسب هذه الشجاعة الى منصب والده ولكن حتى لو كان هذا السبب فكثيرا من رؤساء وأمراء وملوك لم يكن لديهم شجاعة هذا الامير في تناول المحظورات والموروثات البشرية المنتسبة للدين كذباً وبهتاناً ..

لقد تابعت لقاء الامير مع الكاتب الامريكي توماس فريدمان واعتقدت في لحظة انى احلم ، هل ما أقرأه صحيح فعلا !!

اقتباس

وقال الأمير محمد بن سلمان: "لا نقول إننا نعمل على "إعادة تفسير" الإسلام – بل نحن نعمل على "إعادة" الإسلام لأصوله، وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي أهم أدواتنا، فضلا عن (الحياة اليومية) في السعودية قبل عام 1979

وطبعا ما يقوله الامير صحيح تماماً فلم تعرف السعودية التطرف قبل عام 1979 وتحديداً قبل حادثة حصار مكة والاستيلاء على الحرم المكي بقيادة جهيمان العتيبي و محمد عبد الله القحطاني و 200 مسلح آخريين ، ليعلنا أمام المصلين خروج المهدي، وطلب منهم مبايعة محمد القحطاني باعتباره المهدي الواجب اتباعه ، ورغم الفشل الذريع الذي تسبب بمقتل العتيبي والقحطانى ومن معهم إلا ان طبيعة الحياة في المملكة تغيرت منذ ذلك اليوم فبعد ان كان ظهور المرأة شئ عادي في التلفزيون السعودي اصبح محرماً في ليلة وضحاها وبدأت المملكة في الدخول الي نفق مظلم من التطرف الديني والانعزال ، وجدير بالذكر ان هذا الاتجاه المتطرف كان يعم المنطقة آن ذاك ففي نفس العام (1979) قامت الثورة الاسلامية الايرانية واطاحت بالملك وأسست حكم ولاية الفقيه ، وحتى مصر لم تسلم وبدأت تتجه بخطى جامحة نحو الفكر الوهابي واصبح الخطاب الديني المتطرف هو السائد في الاعلام ...

كما أوضح الامير قائلاً: "لقد كان قاضي التجارة في سوق المدينة المنورة امرأة !!. وتساءل الأمير قائلًا: إذا كان خليفة النبي (عمر) قد رحب بكل ذلك، "فهل يقصدون أنه لم يكن مسلمًا !!

وهذا صحيح لم يكن المجتمع الاسلامى في عهد الرسول (ص) متزمتاً كما هو الحال في مجتمعاتنا اليوم كانت المرأة طبيبة ، ومعلمة ، وقاضية ، وحتى محاربة بجانب الرجال كانت السيدة حفصة بنت الرسول (ص) تعرف القراءة والكتابة وتعلمها للاطفال ..

ومما أثار اعجابي الشديد جملة قالها الامير :

"لا نقول إننا نعمل على "إعادة تفسير" الإسلام – بل نحن نعمل على "إعادة" الإسلام لأصوله"

هذه الجملة في منتهى الذكاء وتدل على امتلاك الامير الحكمة رغم صغر سنه ، جملة بسيطة لا تحتاج الى شرح كثير ويفهمها البسطاء قبل النخب والمثقفين وانا أضم صوتى لصوته ارجعونا الى زمن الرسول (ص) ارجعونا الي الاسلام السمح المتسامح مع الآخريين ومع الديانات الأخرى .... ونجد ذلك موجود في آيات (القرآن الكريم) كتاب الله ..

مثالاً:-

يقول سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) .

ويقول: (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا) .

(وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

(خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ) .

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) (فصلت).

وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) (الشورى).

وكما قال في كتابه الحكيم في سورة البقرة

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)

وهذه الآية بالتحديد اعتبرها قانون اسلامي صريح وأمر من الله عز وجل بألا نعتدي على أحد مهما كان ... وسوف اتطرق في مفهوم كلمة الجهاد في القرآن في وقت لاحق حتى لا أطيل عليكم ولكن في الحقيقة ان معناها ليس القتل نهائي ...

إن قراءة غير منحازة للقرآن الكريم تظهر أنه كتاب لا يدعو إلى إقامة دولة دينية أساساً ، أيضا بمزيد من القراءة و التمعن نلاحظ أن القرآن يفصل في الخطاب ما بين الناس المستمعين له ، فهو في تشريعاته يخاطب صراحة المؤمنين به (مستخدما لفظ "ياأيها الذين آمنوا" ـ أو بشكل غير مباشر كقوله "قل للمؤمنين" ..الخ) فهو في ذلك كأنه يقرّ ضمنيا بوجود جماعات و ناس لا يؤمنون به ككتاب مقدس من عند الله و بناء عليه فلا تنالهم تلك التشريعات التي ينادي بها القرءان خصيصاً للذين آمنوا به. و هذا واضح أيضا صراحة من خلال بعض الايات من مثل قوله تعالى عن بعض اليهود في المدينة :

(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) [5:43-44]

فهذه الايات تطلب صراحة بان يعود اليهود الى الحكم بما عندهم من التوراة ، و نحن نعلم أن هؤلاء اليهود هم قوم كان يعيشون في المدينة تحت حكم النبي محمد عليه السلام ، و لكن يبدو (كما يدعم ذلك التاريخ) أن اليهود في المدينة زمن الرسول كانوا يتمتعون بحكم شبه ذاتي يمارسون فيه عقيدتهم و أحكامهم و تشريعاتهم. و أيضا الآيات التالية تبين هذا المبدأ بكل وضوح حيث تقول :

(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ، وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) [5:47:49]

فهذه الايات تطالب بأن يكون لأهل الانجيل الحق بان يحكموا أنفسهم بما عندهم في الانجيل. و من ثم تتابع فتطالب النبي محمد عليه السلام بأن يحكم متبعاً هذا الكتاب (القرآن) ، فيحكم بينهم بما فيه من مباديء عادلة عامة للجميع ، و تؤكد الاية على شرعية و أحقية الناس بالاختلاف دينيا و منهجيا بقوله

(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) .

و المطالبة بان يحكم محمدٌ عليه السلام بأحكام القرآن يجب أن تتقاطع مع طريقة عرض التشريعات في القرآن ، فما فيه من تشريعات تخص الذين آمنوا فقط فهي للذين آمنوا به! فلا يجوز مثلا تطبيق حد الزنا أو السرقة أو غيره على أناس لا يؤمنون أساساً بهذا الكتاب بالاضافة الى أن هذا سيعتبر إكراهاً بالدين فإن السبب المباشر هو أن الله قد وجه خطابه في تلك التشريعات مثلا في الكتاب الى من آمن به فيه ، أما من لم يؤمن فيرجع عندها الى الاحكام الخاصة بفئته إن كان له فئة أو عليه أن ينضوي تحت لواء الحكم المدني الذي يقرره الشعب عبر الاقتراع .

إن هذا التفريق الواضح في القرآن ما بين المؤمنين به و غير المؤمنين به هو حلّ شبيه جدا لما تنادي به العلمانية من أن يبقى التأثير الديني أقل ما يمكن على القوانين الحاكمة . ففي دولة يحكمها القرآن (كدولة الرسول عليه السلام) فإن تشريعاته المقررة على الذين آمنوا تسري عليهم فقط لا غير ، و على أهل الكتاب تسري عليهم قوانينهم المختارة بينهم حسب ما لديهم من مرجعياتهم،و على الناس الاخرين تسرى قوانين الناس المدنية التي يختارونها بالاقتراع ، و هذاعلى عكس الدولة الدينية الحالية التي تفرض قوانينها على كل من يعيش في أرضها بغض النظر عن دينه ، فيسود التفريق و الظلم و التضييق .

ان ما يفعله الامير الشاب عمل عظيم سوف يكون له كبير الأثر على منطقة الشرق الاوسط في المستقبل القريب ، انه يتقدم بخطوات سريعة جدا نحو التقدم والتحضر الذي سينقذ المنطقة من مستنقع التخلف والفكر الجاهلى الارهابي الذي ظلت قرون تعانى منه ومن توغله ...

هذا الفكر الذي نشأ من موروثات بشرية وكتب تراثية لا تمت للدين الاسلامي بصله ولكنها للاسف أساءت له كثيرا واساءت لنبينا محمد (ص) أكثر ...

ماتشهده المملكة السعودية اليوم من تغييرات سوف يعم بالخير على كل دول المنطقة ، ويجب ان تصحو الشعوب العربية من غفوتها وتنبذ العنف والتطرف الذي كان السبب الرئيسي في تخلفها وتقهقرها الي الوراء قرونا عديدة ، ارجعوا الي الدين الصحيح دين سيدنا محمد (ص) وما أمرنا به واتركوا كتب الطاغوت والكهنوت وارجعوا الى كتاب الله (القرآن الكريم ) وكفى.

واخيرا اتمنى ان يوفق الله سمو الأمير محمد بن سلمان فيما يصبو إليه .. واتمنى ان تكون هذه هي بداية تصحيح المفاهيم والاكاذيب الخاطئة عن الدين الاسلامي .. وان نثبت للعالم ان الاسلام دين سلام ومحبة لا دين عنف وكراهية وارهاب ...

الاسلام في التعامل الظاهري فهو السلم والسلام بين البشر مهما اختلفت عقائدهم يقول تعالي (يا ايها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة )البقرة 208 .أي يأمرهم الله تعالي بايثار السلم . ونتذكر هنا تحية الاسلام الا وهي السلام وان السلام من اسماء الله تعالي، كل ذلك مما يعبر عن تأكيد الاسلام علي وجهه السلمى ، فالانسان الذي يحقق الاسلام السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مسالما لا يعتدي علي احد هو مسلم بغض النظر عن عقيدته ، فذلك هو معيار المسلم فى القرآن ، وكونه مسلما نتعرف عليه بحسب سلوكه السلمى ونتعامل معه كمسلم سواء كان فى عقيدته وعبادته مسيحيا يذهب للكنيسة، أو كان يهوديا يؤم الالكنيس اليهودى أو كان بوذيا او حتى ملحدا. المهم أن يكون مسالما ليكون اخا لنا فى الاسلام بمعناه السلوكى الظاهرى وهو السلام. أما عقيدته وعقائدنا فمرجعها لله تعالى وحده يوم القيامة ليحكم علينا جميعا بعدله وعلمه جل وعلا. وحتى يأتى يوم القيامة علينا أن نعيش فى هذه الدنيا فى سلام وفق معنى الاسلام بمعناه السلمى الظاهرى .



   نشر في 02 شتنبر 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا