هل تعرف ما الكلمة الأكثر رعبا و وجعا، و ايلاما، ضمن ملايين الكلمات القاسية التي تؤذيك،
لا ليست الفراق، و لا الموت و لا الظلم
لان الفراق قدر لا يمكنك الهرب منه و نتيجة متوقعة في اي وقت و يمكنها أن تحدث لكل الناس و مع ذلك يبقى احتمال اللقاء من جديد واردا جدا،
في الحياة و بعد الموت حتى،
و الظلم شعور مؤقت مهما طال الزمان لن يطول، و الا لانتهى العالم و الجنس البشري بأكمله منذ زمن بعيد، و لكن العدالة لها وقتها المحدد و نظامها و طريقها الذي ربما قد لا يدركه وقت المظلوم، لكنها آتية لا محالة ،
اما الموت فهو كالميلاد تماما ، و ان اختلفت المسميات، فاذا اعتبرت لحظة الميلاد بداية فالموت هو نهاية طبيعية مؤكده لكل الأشياء و الكائنات ، و نقطة محددة يصل الجميع اليها عاجلا أم آجلا دون استثناء ،
اما الأكثر إيلاما و وجعا على الإطلاق فهو "الماضي"
الماضي الذي لا يموت و لا يفارقك و لا ينتهي منك و لا تنتهي منه مهما طال الزمان،
كيان حي بكل ما فيه يعيش فيك، و ينبض في قلبك و احلامك و كوابيسك و وجودك،
يتحكم رغما عنك في زمانك و عمرك و ذكرياتك و غدك،
هو الذي تقف عاجزا دائما امام احزانه،
مهما بلغت قوتك،
و هو الذي يفطر قلبك على كل حال،
مهما بلغت سعادتك،
فاما ان تتذكر افراحه بحسرة و تشتاق إليه و الى نفسك فيه،
أو توجعك احزانه و تشفق على نفسك و على قلبك منه،
فلا هو ظلم تنتظره ان يزول، و لا موت تنتظره ان يحين،
إنه جمرة تتقد في فؤادك،
لا تخبو و لا تشتعل و لا تموت،
يؤججها المستقبل و الغد و الحزن و الفرح ،
و تزيدها ولوعا أعياد الميلاد و المناسبات و الطرق و الوجوه و الصور،
الصغار الذي كبروا،
و الكبار الذين هرموا،
و الأجداد الذين رحلوا،
انه الحنين الذي يثيره لون السماء و رائحة البحر و رمل الطرقات،
و الدهشة التي تملأك حين تمر بالاماكن الفارغة، و الشوارع القديمة و الجديدة، و اعمدة النور، و اشارات المرور،
و الذكريات التي تحفظها الارصفة و الجدران و الحدائق و السلالم و المقاعد عن ظهر قلب،
و الصور التي تحمل الوجوه و القلوب و الاحاديث،
تلك التي كان فيها من كان و كنت فيها من كنت،
ذات يوم،
انه لعنة ابدية،
لا ينقذك منها الا النسيان،
و النسيان كذبة كبيرة ترددها على مسامع قلبك كل يوم،
لكنك لا تنسى!
-
كاتبةJournalist, feminist and writer