منذ اعلان ترشيحات الاحزاب او بالأحرى انطلاق موسم النباح السياسي تعددت التفسيرات والتآويلات حول من سيفوز رغم الحكم المسبق على نتائج الانتخابات الى ان المتتبع للشآن السياسي ودهاليز الاحزاب يعرف مخاض ولادة هذه التجربة الحديثة ، فمنذ مرور عاصفة الربيع العربي وحركة 20 فبراير والدستور الجديد والانتخابات البرلمانية , شهد المجتمع المغربي تطورا ووعيا فكريا وثقافيا غير ملموس على ارض الواقع او بالأحرى غير مؤطر بشكل سليم او غير فعال (جهات الصحراء الثلاث نموذجا) ،تغيرت معه أساليب ووسائل العمل الحزبي وتلونت بشعار المغرب الجديد مغرب الديمقراطية والحداثة والحكامة الجيدة في قطيعة مع 60 سنة من الفساد السياسي والاقتصادي والاداري ليطغى على السطح نفس الوجوه لكن بتعبيرات مشرقة وامال مضحكة بغدأفضل .لكن ما يهمناهنا هو وعي الشارع بماهية هذه الاستحقاقات رغم البؤس والمعاناة والفقر والبطالة وغياب البنية التحتية والمرافق الترفيهية والمنشات الاقتصادي،ودوره الفعال في إسناد تسيير شؤون البلاد الى ولاة امر صالحين يسهرون على خدمته وراحته.
لكن المشهد السياسي بالمغرب عامة والصحراء خاصة يعرف تجاذبات وتحالفات وتنقلات بين مختلف الاحزاب السياسية ويبقى العامل المؤتر لهده الاستقطابات هي السلطة الابوية للقبيلة والمال السياسي والزعمات السياسية التاريخية للصحراء التى تحدد مصير شريحة مهمة من المجتمع ضمن مفهوم "انا واخي ضد ابن عمي وانا وابن عمي ضد الاخر". لكن الملاحظ منذ بداية الحملة الانتخابية هي الدعاية الإعلامية التي واكبت هده الاستحقاقات من صحافة مكتوبة والكترونية(بيع ضمير الواجب) بتسليط الضوء على اهم الاحزاب والمترشحين ,وتهميش شريحة كبيرة منهم وفق الانتماءات السياسية المتنوعة والمستقلة, ولعبت دور كبير في توجيه الناخب من خلال خلق صورة مصطنعة وبريئة وتصور أفلاطوني اثر بشكل كبير على العملية الانتخابية رغم بعد الاستتناءات التي لاتسمن ولا تغني عن جوع. والملاحظ كذللك هو غياب شبه تام لفاعليات المجتمع المدني(الاستفادة من التنمية البشرية), والأطر المثقفة(الوعود الكاذبة), رغم ترشح بعضها او انتماء بعض الأفراد لاحزاب معينة, لكن تبقي الاغلبية مختفية (غير مهتمة )تماما عن المشهد السياسي ودورها في تأهيل وتأطيروتوعية المجتمع من خلال دورات وندوات وحملات تحسيسية ،وتوضيح الصورة للناخب حول حقوقه وواجباته في تدبير الشأن المحلي والجهوي والوطني. وبرغم هده الإشكاليات والتعقيدات فقد شهدت الاستحقاقات الانتخابية الاخيرة طفرة جديدة وتغيير طفيف هدد عروش بعض المنتخبين وافرز معادلة سياسية جديدة اضهرت نشوء وعي وفكر , وبوادر ضهور تيار مدني قوي يعمل دور الرقابة على الشأن المحلي والجهوي بعيدا عن السلطة الأبوية للقبيلة, او الزعمات التاريخية التي سيطرت على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتاريخي لعقود طويلة.