دخيل على خيالات طفل !
**(( لكل من يأتي بعدي ، هذه الأحداث والوقائع حقيقية وليست من وحي الخيال !! ))*
نشر في 17 أبريل 2020 .
**(( لكل من يأتي بعدي ، هذه الأحداث والوقائع حقيقية وليست من وحي الخيال !! ))*
لا أزال أذكر في سحر من أسحار رمضان قبل خمسة عشر عاماً ويزيد ، يوم أن كنا ننام قبل وجبة السحور ، أما الآن فتكون الوجبات متتاليةً متتابعة لا تستطيع تمييز ما هو السحور بينها !
صحوت وكنت حينها طفل لم يدرك الحلم ، رأيت عَرَضيّاً حلقة من طاش ما طاش وقت إعادتها بعد أن فات عرضها الأساسي …
كانت الحلقة غريبة على عقل طفل و دخيلة على خيالاته أيضاً …
كانت الرياض الكبيرة المليئة بكل شيء خاليةً تماماً ، تباعدت أقطارها ، واستوحشت شوارعها ، حتى إشاراتها المرورية اهتز نظامها وانعكست ألوانها ، صار الأحمر مكان الأخضر ، و الأصفر يترك مكانه بعيداً هناك ، لم يعد يعلم أين يقف وكيف يُشير …
لا أزال أذكر ( مشهد من الحلقة ) وهو في البيت ، أطباق الطعام تنصع بنظافتها ، كل شيء مرتب و موزون ، الآثار التي من الممكن أن تتحدث بلسانهم وتتميز برائحتهم لا تنطق بشيء إلا رحيلهم ، وكم هو مؤلم أن يزول أثرك ويمسح الريح وقع قدميك على رمل الحياة !
لا أستطيع أن أنكر وقع أحداث هذه الحلقة عليّ وقتها وحتى بعدها ، كنت ولا زلت وسأظل أسترجع شعورها من فترة لأخرى ...
لم أكن قد زرت الرياض حينها ، وأذكر أن أول زيارة لها وأنا في الرابع عشر من عمري وتحديداً على طريق الملك فهد ، تَصَوَّرت لي الطرقات فارغة ، والزوايا مهجورة ، والأنوار تتقطع إضاءتها وتصدر صوتاً كأنه سيمفونية رعب ، لم أستطع أن أخبر أحد بشعوري هذا ، فهو غريبٌ و ساذج ؛ ولكنه عميق الأثر أيضاً …
هذا المشهد أجبرني أن أتخيل الخلق وما قبله والنهاية وما بعدها …
أين الإنسان وحركته ؟ أين هو وسعيه ؟ أين ماله وأعطياته ؟ أين أولئك الذين يفرض عليهم سطوته وسلطته ، أين و أين و أين ؟؟
كنت وقتها أتساءل وأدافع هذا التساؤل ، هل قد يحدث مثل هذا ؟!
يتكفل الزمن بالإجابة و يهجم علينا عدو لا نعرفه وهو يخفى عنا وعلينا ، اجتاح الأرض بأسرها !
أعاد المشهد ظهوره في الحقيقة كما ظهر في خيالاتي كثيراً ، هرب الناس إلى بيوتهم أو أجبروا على ذلك …
طَبَّقت الرياض صورتها الخيالية على أرض الواقع ، لم تكن هي وحدها ، التايم سكوير بنيويورك هو أيضاً موحش مطبق بصمته ، عشبة ويمبيلدون اختبأت في تربتها ولم تعد تر النور ، قلب باريس لم يعد ينبض بالحب ، صار طبلاً رجوجاً يعبر عن الخوف والذعر ، ها هو يتخلى عن كونه دليلاً على الحياة ، حتى الكعبة المشرفة ، المكان الذي يُأمّنُ عنده الخائف ، ويُربَّتُ فيه على كتف المخذول ، تعذّرت هي أيضاً عن كل ضيف !
في هذه الحادثة درس درّسه لنا الأيامُ ، أي شيء يرميه خيالك خارج حدود الممكن والوقوع ، ترجعه لك الأيام بإرادة الله ، الأيام حبلى بما لا نستطيع التنبأ به ولا التوقع له ، يجعلنا ذلك بين نار الحذر وبين برد اليقين ،وأياً كان حالك فالله قادر لك ، قادر عليك !
اللهم أزل عنا هذه الغمة وأخرجنا منها سالمين …
حجر كورونا الصحي
وائـــل أبـوسـراح
15 ابريل 2020
♥️
-
WaelAbusrrahيكتب .. لغير من نفسه أولاً