تحدثتُ في المقالة السابقة على طبيعة الإنسان التي تميل إلى الراحة والسكينة, ومقاومتها فكرة الخروج من منطقة الأمان, فالأصل في الإنسان الراحة والروتين والخروج من هذه المنطقة يعتبر مجاهدة ومثابرة وتعب وهذا عكس رغبة النفس البشرية.
قلنا أيضاً بأن الشعور المفاجئ والحماس الزائد الذي يشعر به الإنسان عندما يبدأ بفكرة معينة يتلاشى مع الزمن والوقت, إن أفضل طريقة للتطوير والتحسين هو طريقة التطور البطيء الثابت بخطى صغيرة ( الكايزن ) أي التحسين المستمر, سأذكر هنا بعض الأمثلة الحقيقية لأشخاص استخدمت الكايزن في حياتها العملية واستفادت منها بشكل كبير.
قصة 1
أحد أصدقائي, كان ضعيف في اللغة الإنجليزية وكان يطمح بأن يدرس في الخارج وطبعاً احتاج إلى شهادة الأيلتس من ضمن الاوراق المطلوبة ولكن كانت عائق أمامه, حاول جاهداً أن يجتهد في اللغة لكن دون جدوى كلما شعر بالحماس لتعلم اللغة ما يلبث إلا يومين أو ثلاثة ثم يترك الدراسة وينشغل بأمور أخرى أصيب بالإحباط واليأس, بدأ يفكر بطرق غير شرعية لشراء الأليتس ولكن أيضاُ لم يستطع, بعد فترة ليست بكبيرة قرأ عن الكايزن وأنه بحاجة إلى أن لا يُخرج نفسه من منطقة الروتين والراحة بشكل مفاجئ حتى لا تقاوم النفس, وفعلاً قرر أن يدرس كل يوم Section فقط أي ما يعادل 20 دقيقة فقط ! في بداية الأمر كان يعتبر أنه مدة الدراسة قليلة وغير كافية ولكنه بفضل الله الآن مستمر على الطريقة منذ 5 شهور وأكثر وتحسن في اللغة الإنجليزية بمعدل 40% تقريباُ, حتى أنه أصبح يترجم مقالات علمية من مجلات رسمية ويتم نشرها.
قصة 2
أما القصة الثانية, لشخص كان يحاول جاهداً باستمرار أن يحسن من علاقته بربه, من خلال الإلتزام على وِرْد قرآني بشكل يومي, خلال فترة طويلة كلما بدأ بقراءة عدد من الصفحات يستمر يومين أو ثلاثة ثم ينسى أو يصيبه الكسل, فاستعمل طريقة الكايزن ( للعلم لم يكن يعرفها أصلا ), قرر أن يقرأ كل يوم 5 صفحات فقط بعد صلاة الفجر فقط! استمر على هذه الخطة قرابة السنتين وهو ملتزم فيها بفضل الله حتى أصبحت عادة, بعد ذلك أصبحت الخمس صفحات بعد الفجر هي منطقة الراحة والأمان بالنسبة لعقله, بعد فترة انتقل من خمس صفحات عشر صفحات, والتزم بها أيضا قرابة السنة أما الآن هذا الشب متلزم بقراءة 15 صفحة يومياً 10 صفحات بعد الفجر و 5 صفحات بعد العصر على الأغلب وأصبحت ال 15 صفحة الآن هي منطقة الراحة والأمان في عقله وندعو له الإستمرار والتوفيق.
إذا سمحت تفصيل أكثر !
الموضوع بدأ يوضح بشكل أفضل, الآن انت بحاجة لأن تخدع نفسك وهواك من خلال ادخال التغيير بشكل مرحلي وبسيط جداً لكي لا تحدث مقاومة كبيرة من نفسك على العادة الدخيلة, الخطوات البسيطة هي التي تثبت المعلومات وتجعلها راسخة في عقلك, وفي المقالة الماضية شبهت الأمر كأنك تبني سور منزل بأن طريقة الكايزن هي أن ترص طابوقة في اليوم وتتركها تجف وتتثبت أكثر في الهيكل العام للسور وهكذا الأمر بالنسبة للأفكار والمعلومات.
ما الأمور التي يمكنني تطويرها؟
1. تعلم لغة جديدة
2. ممارسة رياضة معينة
3. قراءة كتاب
4. تعلم مهارة جديدة
طبعاً هذا على سبيل المثال لا الحصر, فكل إنسان لديه طموحه الخاص وطريقة حياة معينة ولديه ظروفه المحيطة به, إذاً ما عليك سوى أن تحدد هدفك وتبدأ من الآن وحقق حلمك.
يتبع ,,,
-
Khaled Abd Albariحاصل على درجة الماجستير في هندسة مصادر المياه, أعمل في دولة الإمارات عضو في مبادرة الباحثون المسلمون ( كتابة مقالات في البيئة والطاقة النظيفة ) عضو في أكاديمية نيرونت ( كتابة مقالات في الإدارة والتنمية البشرية )