شجاعة .. من قلب البراءة . بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شجاعة .. من قلب البراءة . بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد .

  نشر في 16 نونبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

حسبت أن هروبها من العالم هو المُنقذ لبرائتها , العالم الذي لم تجد فيه سوى التدمير لها ولما تحمله في قلبها من قصور للمحبة , وجدت أن القصور أخذت تُهدم , والمحبة دُفنت وتحللت بأرض الحياة ! .. فكيف لها أن تتحمل توابع هذه البداية القاسية الناهية لها ؟! ..

ولكنها لم تضع في الحُسبان أن فرارها هذا ليس الحل المثالي , فهل يقف فكرها البسيط عائقاً أمام تحقيق سعادتها ؟! , سعادتها في تلك اللحظة أن تنفرد بما تحمله من بساطة وعفوية بعيداً عن قبضة العالم , بينما هي ليست بسعادة , هو ضياع ! , ضياع أبدي لها , فحتى بعد أن أدارت وجه برائتها عن شبح الحياة المُخيف , وجدت شبحاً أكثر قسوة يتبعها , وجدت ظلها يأبى أن يتركها بمفردها وأقسم أن يقتنص أمنها ويجعلها تحيا بما تبقى لها من زمنها في عتمة وظلام لا ينجلي لحظة , وكله بسبب " فرار " خُيل لها أنه النجاة الوحيدة من إستعمار الحياة القاتلة لفطرتها .. فهل تحمل الشجاعة الكافية للإستمرار والمواجهة ؟ , أم أنها إتخذت البراءة مأوى لها ؟! , وبذلك لن تجني شيئاً وتتبدل إلى الضحية الأولى والأخيرة بعدما كانت بداية مُقاتلة مقدامة لا تهاب شئ ! ..

لقد أدارت وجة شجاعتها , وجة إرادتها , وكأنها أقسمت أن تهلك كل ذرة قوة داخلها وتُبدد ما تبقى فيها من أمل وحياة , لقد إتخذت القرار الخاطئ , حسبته صحيح ولكنه القرار الذي لن يتركها كما كانت , سيُبدلها إلى حُطام , حُطام بشرية تسير على أقدام على وشك التحلل , هي نفسها على وشك الإنهيار ولكنها تتفنن في العناد , تجد النهاية تقترب منها وهي لا تُعيرها أي إهتمام , النهاية التي سطرت صفحاتها بإرادتها ! , خُيل لها أن الغيمة ستُزال قريباً , ستشرق الشمس من جديد وتُنير عتمة دربها , هي على يقين أن البدايات أصعب ما في الأمر , وبعدها تبدأ الحياة بالإنفراج , وقرار فرارها هو مجرد بداية صعبة إلى حداً ما في بدايته , ولكن فيما لن تجد فيه سوى الراحة والهدوء والسكينة , مجرد خيالات لم تحسب أن الخيال يختلف عن الواقع ! , ظلت خطواتها تتأرجح في طرقات الحياة , ووجدت أن الإنسحاب هو الحل الأمثل , بينما هو مجرد حل مؤقت لن يدوم إلا للحظات , حتى في تلك اللحظات لن يمُن عليها ويمنحها بعضاً من الهدوء الذي لطالما طمحت أن تحصل عليه ذات يوم , بل سيقذف داخلها الوحشة والإضطراب أضعاف مُضاعفة عما كانت تحيا فيه من قبل أن تتخذ قرارها المتهور ! ..

لم تكن حياتها بهذه القسوة حتى ترتكب من الحماقة أقصى درجاتها !

لم تكن حياتها تعج بالإضطراب , ورغماً عن ذلك وجدت أنها بحاجة مُلحة للهرب من قبضة الحياة , حتى ولو لدقائق معدودة , ولكنها لم تضع في الحُسبان أن النتيجة لن تنال إعجابها , لقد تهورت حقاً , لم تنتظر حتى لتستشير من حولها في قرارها المصيري هذا , عادت طفلة تتخذ قرارات بلا ترتيب , كتلك الطفلة التي تستحسن لُعبة فتُصارع العالم المُتمثل بعائلتها البسيطة من أجل إقتناصها من بين باقي العاب الفاترينة , خوفاً منها أن تضيع من بين أيدي سعادتها , ولكن لم تضع في حُسبانها أن هذه اللعبة مُلقى منها مئات النسخ على كل شكل ولون داخل حُجرتها الصغيرة المُنتفضة بوسائل التسلية " الراحة " , لقد " زغلل " عين سعادتها وأخذت تتسارع من أجل تحقيق مقداراً جديداً من السعادة والبهجة .. المؤقتة ! ..

فبعد فترة ستندم الطفلة ! ..

ستجد غرفتها تكتظ بتلك النسخ التي تهالكت من فرط اللهو بها , ستضيق عليها حتى تحسرها بحيز لن تقوى حتى على إلتقاط أنفاسها خلاله , ستجد النسخ المتطابقة تنظر لها نظرة " شماتة " , نظرة إنتصار , لقد إنتصرت عليها حقاً , فقد فرضت عليها كل السيطرة بلا أي رحمة بتلك الطفلة التي تشع براءة وفطرة ونقاء , فقط إنتهزت فرصة تهورها وقرارتها الغير محسوبة وبدأت في إستغلالها لصالحها , ومن يدفع الثمن ؟ ,  أنها طفلتنا البريئة ..

أتريد أن تصبح مثلها ؟ ..

أتود أن ترى حياتك بهذا الشكل ؟ , الشكل الذي لا شكل له من الأساس ! , فبعد أن تُدير وجهك وتُلقي تلك الحياة جانباً بكل ما فيها كيف تتوقع أن تجد لحياتك شكلاً ؟! , ستجدك مجرد لوحة دون إطار توضع فيه , قصر بلا أبواب تحكمه , طائر مُغرد نعم ولكنه لا يعرف مقصده , حائراً لا يدري إين وجهته , تتقاذفه النسمات تارة , وتجرفه التيارات القوية تارة أخرى , وهو مسكين لا يقوى على مُجاراة أياً من هذا أو ذاك ! ..

فلك القرار الآن ..

اما أن تتخذ قرار يحولك من ناضج قادر على مُسايرة أصعب لحظات حياتك إلى طفلة , لا تعي أي قرار صائب وأي قرار يدفعها نحو القاع الذي لن تستطيع الخروج منه ! ..

فهل تملك من الشجاعة القدر الكافي لتواجة الحياة ؟ , أم أنك لم تجد مفراً من الفرار ؟!


  • 9

   نشر في 16 نونبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Dallash منذ 4 سنة
لا تعليق يا اخت نورا سوى مبهرة كما عودتنا
3
نورا محمد
أشكرك أخي المبدع صاحب القلم المميز والعقل المختلف بحكمته .. كل الشكر لك أستاذ الإبداع :)
Dallash
بعض ما عندكم اختي نورا ...حفظكم الله ورعاكم
سامية فريد منذ 5 سنة
اعجبت بما كتبتي يانورا .. تحياتي لكي
2
نورا محمد
أشكرك أستاذتي وإعجابك بكلماتي المتواضعة شرف كبير لي .. كل التقدير لكِ ولفكرك الراقي :)
جميل جدا اختي
2
نورا محمد
أشكرك أستاذة هبه .. كل التقدير لكِ ولكلماتك الجميلة وفكرك الراقي :)
سبحان الله مقالاتك تحاكي الارواح فعلا ....في بعض الاحيان يكون الابتعاد عن كل شيء في هذه الدنيا وتصغيرها مريحا جدا لحد ما . ربما يكون الابتعاد فترة نقاهة أو عبارة عن فترة تلقيح ستكون حتما كائن جديد أو ربما حالة بركان خامد ينتظر اللحظة المناسبة لكي يثور .... هي النفس في بعض الاحيان لا يفهمها سوى خالقها ...لكن دائما .على الشخص ان يعرف متى يبتعد ومتى يعود وكيف يبتعد ....لكن فعلا انت محقة اخت نورا بأن الابتعاد الذي عنوانه اليأس يكون صعب جدا ولا يثمر بنتيجة ويوصل لطريق مسدود وعالم مظلم ....وفقك الله اخت نورا ودام قلمك يخط لنا دررا
2
نورا محمد
أسعدتيني جداً أختي الغالية بكلماتك الجميلة .. دُمتِ راقية بفكرك غاليتي :)
الله يا نورا ، لا لوم للطفولة على قراراتها فهي لا تعي النظرة الشمولية لما ترتكبه من لحظة انية ، ولا لوم لأي قرار تم اتخاذه او السقوط فيه او الإيقاع في الطست ، ولكن هل المحيط يحمي او يساعد ام يزيد الطين بلة . مشكورة على ابداع المواقف والتنقل المتناسق .
5

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا