لا اجد بداية لهذا النص كلما هنالك ان العنوان عصف بي فجأة ،فا قترفت جرمي المعهود وبادرتها بالسؤال : ماذا تريدين و ماذا تحبين ؟
فقالت : لا احب شيئا معينا ،احب الهدوء الصباحي ولست تقليدية لأقول اني اعشق القهوة لكني لا انكر ادمانها ،ربما لان طعمها المر فيه نوع من الواقعية لا اكثر لكني احب لحظة انتظار فنجان منها كرضيع متلهف لثدي امه او ربما كتائه في الصحراء لاهث وراء سقيا ماء ،احب تفاصيل اول الصباح لان الحديث بيننا يبدو اكثر عذرية لم يلامسه شيء من ضوضاء الواقع ،حين نكون كلانا وحدنا نخط ملامح الواقع الذي سنجده قريبا وراء الباب ،فاجمل لحظاتنا تلك التي نتناول فيها الافطار علي ايقاع الصمت كأننا متخاصمين لكنك فقط ترفض اي كلام في الصباح.
احب الالوان كلها ولست متطرفا في اختيار اي منها غير ان الاقرب فيها لقلبي هو الرمادي ،لا ادري لما لكن اكثر الصفات التي احبها اجده تمثلا لها الا وهي واقع الانسان و ذاته حينا ،ليس ناصعا كل النصع وليس قاتما ،هنالك نوع من الواقعية ،احب المشي طويلا فهي المساحة الوحيدة التي ترغمك على الكلام ،فكلما كان طريقك طويلا كلما كان جدالنا اطول ولا يهم اينا على حق ففي النهاية حديثنا له بقية ، احب العزلة ليس رفضا للمعطى الخارجي لكن التشبيه الوحيد الذي يعلل ذلك كما قال محمود درويش ان هنالك واقعا يحاصرني ولا اجيد قراءته، بالاضافة لتقديسي لملكة الهدوء وليس في الامر انتحال لصفة المثقف او المتفرد كلما هنالك ان للعزلة فضاء يتسع لحماقاتي وانسانيتي .
احب طريق عودتي مساء ا فهو لحظة انتصار على الاقل بالنسبة لي اعود فيها لوطني و عالمي الصغير ،هنالك فقط اعلم ان هنالك من ينتظرني فآلتي الموسيقية كلما دخلت كهفي الصغير وجدتها جاثمة مكفهرة الوجه تنتظر مني عزفا يمحو عنى شوائب يومي ،التفت فاجد مذكراتي وبقايا كتاب يأبى النضج فاقف متمنعة لا ليس الان ،لن احمل القلم كما افعل الان ،و في الجهة الاخرى حاسوبي او ربما الاجدر بي القول اوفى اصدقائي واكثرهم صحبة لي ،القي عليه التحية ولساني حالي يقول انا قادم اليك ،اما الثابت الوحيد في عالمي هذا فهو حقيبة سفري التي لا تغادر مكانها او معطفي المعلق كغيره من الاشياء التي زهدت فيها وعلقتها في خيالي او في هامش واقعي.فهل يكفيك جوابي هذا؟
قلت لها : اجل فقد كان كافيا لأسيل مداد هذا القلم الذي لايأبى بين الحين و الحين الا ان يكسر بياض الاوراق ، مستغلا سداجتي لاسألك نفسي حين يعجز عن استفزازك .فلا انت اجبتي جوابا نهائيا لتصمتي و لا هو قنوع ليرضى لاني اعلم يقينا اننا ساعود لأسألك حين ينادي داعي القلم فنحن ننتمي لحزب المتألمين ،ودافعنا للكتابة هو الالم الذي يفرضه واقع السؤال الذي سلكناه منذ امد ،الم الفكرة ومخاضها ،والم الواقع ونواقضه والم الانتقال من النقيض الى المرادف و من الإزهار نحو الإثمار ، من حقيقة النقصان نحو واقع العمل و التطور ، من الفطري الصادق نحو الواقعي المتغير!
التعليقات
جميل في مجمله و الاجمل شجاعتك الادبية.