عندما تنوي الرحيلَ
تحزم ذكرياتك في حقيبة النسيان
و تتركها عند قارعةٍ دربٍ لا يمر به قلبك
كي لا تصطدم نبضاته بأوجاعٍ مرت بكَ قبل ذاك الوقت
يُخيلُ لكَ أنكَ قد تموتَ بلا محبِ تركك عند مفترق الفراق
تمرُ بكَ الأيام و السنون لتعرف أن بقاء الحال من المحال
فلا يدوم وجعك و لا يبقى جدار الماضي أمام دربك
فتضحك على بكاء روحك على من استهان بها و لم يعطها حق اللجوء العاطفي داخل أنفاسه
تترك أسرتك لأنها أساءت فهم قدراتك، و تترك رفيقَ مصلحة ظننته مرةً صديق دربٍ
تسير في طريقٍ معاكس لبيتك، تحاول اقتناء الفرح من وجه الطفولة لعلك تعود بريئاً
تقف عند عتبة جارتك العجوز التي طالما روت لكَ حكايات الماضي في حيفا و عكا
من قالت لكَ أن الضحكة كانت في شبابها طاهرةً لا يُدنسها النفاق، و أن حب الجار كان في طبقٍ تتناقله الحارة بأكملها بما يجود به كل بيتٍ
تتناول كسرةَ خبزٍ في المنتهى الترابي في حارتك
تتأمل استسلامها لكَ، فتشعر لوهلةٍ أنك مثلها لا تملكَ سوى الانصياع لأوامر الأيام دون مقاومة الحزن
ينخزك التفاؤلُ ليُوقظكَ من ثكنة الحزن التي بيتت الوهم في شريانك لتكونَ أسير تكشيرةٍ لا محلَ لها في قاموس الإصرار على الرحيل و ترك أحزمة ذكرياتك في مكان لا تعود له.
التعليقات
جميل هو الرحيل و التغيير ..
رائعة كلماتك . أبدعت حقا