حتى لا تقع فريسة الملل !

بقلم أ.د. عادل رشاد

لا تخلو حياتنا من مواقف يتسلَّل الملل إلينا بين ساعات يومنا فيحيل كل ما فيها إلى ما يشبه الخمود ، وينتابنا شعور بالحصار وكأنما قد عزلنا في زنزانة انفرادية.

وقبضة السأم والملل، فيها الجميع، لكن المرء يحاول أن يفر منها بوسائل شتّى بقدر ما يستطيع.

والحقيقة ان الملل أزمة حقيقية تحتاج للعلاج الجاد، وإلّا فإنّها ستقود إلى الوقوع في أزمات أكثر خطورة وتعقيد، فيجعل الملل صاحبه أكثر عرضة لحالات الاكتئاب والتوتر المستمر، كما يفتح المجال إلى اكتساب العادات السلوكية السيئة وغير السوية؛ كالعدوانية الشديدة والإدمان على التدخين أو المخدرات، وغيرها، بالإضافة إلى لجوء الفرد إلى الانزواء والانطوائية في محيطه الذاتي، وتدني مستوى مهاراته الاجتماعية، ومن الممكن أن يقود الملل صاحبه للإصابة باضطرابات التغذية و؛ حيث يلجأ إلى تناول الطعام بكميات كبيرة محاولةً لتخفيف الشعور بالملل والضجر، كما أنّ الملل من مُسبّبات انخفاض معدل الإنتاجية في بيئة العمل، وتدني التحصيل الدراسي والأكاديمي في البيئة التعليمية.

ومع ذلك فالسأم لا يمكن أن نعدُّه طبيعة غالبة مهيمنة على الإنسان وقوة سلبية تشل من إرادته، بل يمكن النظر إلى الملل بوصفه دافعا محفزاً لتنشيط إرادة التحدي وضخ دماء التفاؤل في خلاياه .

وهناك طرق فاشلة يحاول بها البعض دفع الملل عن عالمه بالخروج مع أصحابه غير أسوياء ، ويباشرون تصرفات حمقاء حتى ساعات متأخرة من الليل .

والأخطر طريقة المقامرة والمخدرات بوصفها ملاذاً للحصول على الإثارة والمفاجآت وتبعد الملل بوتيرة سريعة، إلا أن هذه الطريقة على سرعتها في طرد الملل، إلّا أنها توقيف وقتي للشقاء، بل أن التخدير صورة من صور الانتحار المؤقت، فالمرء بعد أن يستفيق يجد نفسه مرة ثانية في قبضة الملل.

1. الإنس بالله من خلال المناجاة والدعاء وتلاوة كتابه وما أجمل أن ندعو :( اللهم ﺍﻗض ﺣﺎﺟﺘﻲ، وآﻧس ﻭﺣﺪﺗﻲ، و ﻓﺮّﺝ ﻛﺮﺑﺘﻲ يا كريم)

٢. عدم ترك أوقات الفراغ خالية من أي أنشطة واستغلال، وشغل هذه الأوقات بالأعمال والنشاطات الجديدة، والبحث عن كلّ ما يمكن فعله لكسر الروتين، وبالتالي خفض إمكانية تسلُّل الملل والضجر إلى أوقات الفراغ.

3.السعي الدائم لتعلُّم المهارات والهوايات الجديدة وتعلم لغة جديدة.

4.الخروج قدر الامكان إلى الدائرة الاجتماعية والمحيط الاجتماعي، والتواصل مع الأصدقاء الأسوياء ، والتحدث مع الناس.

5. الترويح عن النفس والاستمتاع الهادف الذي يشمل جميع الجوانب الحياتية؛ كالجانب العلمي والعقلي والإيماني والنفسي والجسمي.

6. ممارسة القراءة؛ حيث تعتبر من أكثر مزيلات الملل فعالية إذا ما عَرِف الفرد الطرق المناسبة والمحفّزة لممارستها، ومن الممكن اختيار الكتيبات الصغيرة ، فالكتاب عندما تقع في قبضة السأم، تعد عزاءً حقيقيا ليس للعزلة فحسب ، بل للخلاص من الرفاق الشاردين.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم على إبعاد الناس من مسببات الملل ؛ في الصحيحين عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم :( خُذُوا من العَمَلِ ما تُطِيقونَ، فإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا.) أخرجه البخاري (١٩٧٠)

بل كان لا يطيل في أحاديثه للناس كما ورد حديث ابن مسعود حيث قال له بعض أصحابه: لولا حدثتنا كل يوم، وكان يحدثهم مرةً في الأسبوع، فقال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَخوَّلنا ( من فترة لأخرى ) بالموعظة ،كراهة في السآمة علينا» صحيح البخاري ٦٨.

باختصار إذا هاجمك الملل فدافع بقوة بتحفيز نفسك بالشكل الصحيح قدر استطاعك ، وحذار من الاستسلام .