سُئِلَ " الخوارزمي" -عالم الرياضيات الشهير- عن الإنسان فأجاب: إذا كان الإنسان ذو (أخلاق) فهو =١، وإذا كان الإنسان ذو (جمال) فأضف إلى الواحد صفراً =١٠, وإذا كان ذو (مال) أيضا فأضف صفراً آخر =١٠٠, وإذا كان ذو ( حسب ونسب) فأضف صفراً آخر =١٠٠٠, فإذا ذهب العدد واحد وهو (الأخلاق) ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار التي لا قيمة لها. وكما أن الأخلاق عماد الإنسان وجوهره و بها يسمو ويرتفع على أقرانه، بالمثل فان التحليل الوظيفي حجر الأساس في مجال إدارة الموارد البشرية، فان تم تنفيذ التحليل الوظيفي بفاعلية و كفاءة كان ضمانة لفاعلية و كفاءة ما بعده.

و التحليل الوظيفي عملية مركبة تشمل ـمراحل متعددة و تهدف إلى تحقيق نتائج متنوعة, تبدأ بجمع المعلومات عن طبيعة وظائف المنظمة و تحليلها ثم تقديمها في شكل قوائم مكتوبة, بحيث تشمل القوائم على مهام و مسئوليات و صلاحيات شاغل الوظيفة و تبين المناخ الملائم لتنفيذ هذه الوظيفة. إضافة إلى توضيح المهارات و القدرات البشرية المطلوبة لأدائها, مع عدم إغفال المخاطر و الأمراض المحتملة المصاحبة لأداء الوظيفة. و بإلقاء نظرة فاحصة على مفهوم التحليل الوظيفي يتبين أنه يشكل حجر الأساس و العمود الفقري لمجال إدارة و تنمية الموارد البشرية, كما و يمثل القاعدة و المرجعية العملية لجميع المراحل اللاحقة, فبناء ً على مخرجاته يتم تخطيط الموارد البشرية, و استنادا إلى نتائجه يجري إعداد الهياكل التنظيمية, و يعتبر الأساس لتحديد قواعد استقطاب و اختيار و تعيين الموظفين, إضافة إلى كونه القاعدة لتحديد معايير تقييم الأداء و تحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين و تخطيط المسار الوظيفي لهم.

و تستخدم إدارة المنظمة مخرجات التحليل الوظيفي لتوضيح خطوط السلطة والمسئولية,و لتحسين العلاقات بين العاملين إضافة إلى تطوير دليل إجراءات للعاملين في المنظمة. و بناء على التحليل الوظيفي يتم وضع هياكل الحوافز و الرواتب و الأجور و اتخاذ قرارات النقل و الترقية, و تحديد معايير الأمن و السلامة و من ثم اتخاذ الخطوات العلاجية و الوقائية في حال تعرض الموظفين للأخطار.

إجمالا يمكن القول أن جميع القرارات المرتبطة بإدارة و تنمية الموارد البشرية ترتكز بشكل أساسي على مخرجات التحليل الوظيفي, فان صَلُحَت تلك المخرجات صلح ما انبنى عليها من خطوات, فهو الآحاد و ما تلاه من خطواتٍ أصفار لا تكتسب قيمة إلا بصلاحه. و لأن لكلٍ ثمنه, فان التحليل الوظيفي على أهميته يعتبر خطوة حرجة للمنظمة إذ يتطلب الكثير من التركيز و الدقة في إجراءه من حيث اختيار التوقيت الملائم و تحديد أهداف و مبررات و خطوات الإجراء و اختيار وسائل التنفيذ, إضافة إلى رصد التمويل الملائم.

وفي كلٍ منّا آحادٌ و أصفار فابحث عن آحادِك و تعهّدها بالرعاية خاصة تلك التي تسمو بك في عين الله عز و جل, وابذل من أجلها, لأنها ما سيمنح أصفارك قيمة فتضاعف بها انجازاتك و تكبر أعمالك الصغيرة و تعظم الاستفادة منها.