عزيرتي مليكا..
أقبل الشتاء..أخيراً؛ أقبل ليزوج الأجواء بروائحه العذراء.. روائح الأرض من بعد المطر. أقبل بغموض نهاره، وسكون ليله. أقبل ليسغل عنا تراب النسيان. وأقبل لينبت فينا صحاري الذكري. أقبل وفيه ملاذ لأقوام. وأقبل وفيه ابتلاء لآخرين.. ملاذ لكائنات الليل والغموض، وابتلاء لكائنات النهار والوضوح.
أكتب إليك وأنا أسير ؛ أسير في طريق لم أخطه من قبل.
أكتب إليك وعن اليمن وعن الشمال مبان تحاكي في علوها الطود.
أكتب إليك والبرد يتلذذ بجسدي.
أكتب إليك والريح تعوي، والأمطار تجلدني علي ظهري.
أكتب إليك وعلي الوجه بسمه لا أعرف مصدرها.
أكتب إليك وفي القلب فرحة لم أكتشف بعد منبعها.
أكتب إليك والطموح يملأني عيناً.
أكتب إليك وليس في جيبي سوي خمسة عشر جنيهاً.
ثروة أبيك من الدنيا في سن العشرين خمسة عشر جنيهاً..نعم صغيرتي ! لا أقول لك أني فقير.. كلا. فما الفقر والغني إلا بالنفس ، وأبوك أكثر أقرانه طموحاً، وأعزهم نفساً.فلا يكن تعريفك للرجل بما تحويه محفظته،ولكن بما يحتويه قلبه.
علك تتسائلين..
لأي شئ رددت تعاويذي فاستدعيتك.
لأي شئ كسرت حواجز الزمان والمكان فراسلتك.
لأي شئ أستللت من غمده قلمي.
لأي شئ أرمي.
لأي شئ زوجت حروفي ببعضها.
لأي شئ أطلقت لكلماتي عنانها.
لا أدري تحديداً لم استدعيتك من خدرك صغيرتي،ربما أردت أن أستأنس بك في سيري ، وربما أردتك أن تقاسمي أباك بسمته وفرحته الغير معتادتين، أو ربما أردتك أن تتباهي بين أقرانك بأن أباك الذي يرونه الآن، لم يكن يملك في يوم سوي خمسة عشر جنيهاً.. غريباً في مدينة كم تشبهك!
-في الواحد والعشرين من تشرين الثاني
..أبوك 💌
-
Ahmed Zaitoon"ويسر لي أمري "
التعليقات
أسلوبك و لغتك و فكرتك ، لقد تم لي الاستمتاع بأكمله و أنا أقرأ كما تناغم مع روحي و تخللها
لا أدري تحديداً لم استدعيتك من خدرك صغيرتي
كلمات راقية لغويا..رائع جدا راقني ما كتبت..استمري بالتوفيق