عنف غير مبرر
*هيام فؤاد ضمرة*
إن الظروف المُحكمة الإغلاق لمباني السجون، وأسوار تتحوطها ارتفاعها مُبالغ فيه، تفتح عين حراس مدججة بالسلاح العتيد، لضمان قطع الطرق على مجرمين تردى فيهم فعل الجنون، في التحدي الكؤود، من لجوء داوٍ إلى الهروب، وعتمة الزواريب المتداخله لكرودورات السجون، بالكاد يتسرب إليها ضوء هارب من شقوق تثنفذ حزمٌ ضئيلة ، تسمَحُ بحدوثِ ما لا يُسمحُ بحدوثِهِ عادة على العلن.
لهذا تبرز من بين تلك الإعتام متلازمة عنف رجل الأمن على المساجين المأسورين، ضمن وضع قانوني لتأدية محكومية بالسجن، باتت هذه الأيام تبدو كظاهرة من ظواهر العنف المجتمعي الانقلابي، إنقلاب رجل الأمن لمتعدي عنيف على مجرم ما، أو على أشخاص مدنيين لم يرتكبوا ما يشين، أو ما هو مُخِل بالأمن. لكن شقوة المزاج تتلبسه لتحيله إلى شخص حاقد فلا يجد من مناص سوى تلك الضحية التي جرها حظها العثر لتقع بين ضحية بين يديه.
فما الذي يجعل رجل الأمن يتجاوز حدود صلاحياته وينهال بالضرب المبرح بالطريقة الوحشية على مسجون ما، فقط لأن رجل الأمن هذا يعاني حالة نفسية حادة تقلب حالته المزاجية رأسا على عقب، تدفعه للانتقام ممن هو في الوضع الأضعف كونه المجرم المسلوب الإرادة والمسلوب الحرية.. فما الفرق بين مجرم الشوارع ومجرم موظف الأمن.
لا شيء في الدنيا يوقف وجود تصرفات سلبية غير مسؤولة من قبل رجال أمن يتعرضون لضغوط عمل، أو لأمراض نفسية تسيء للمواطنين، فهم كغيرهم من البشر فيهم صاحب الطبع العنيف المؤذي، وفيهم ذلك المتصف بالحنون الرحيم، وذلك المتزن طبعا وطبيعة، فيهم الشريف الملتزم، وفيهم من تتداخل في شرايينه قوى الشر واللا مسؤولية.. فكان لزاما والحالة هذه على وزارتي الداخلية والدفاع اعتماد معايير أخلاقية تحقق الحقوق الإنسانية في التعامل الإنساني بين رجل الأمن والمواطن مجرما أو مدنيا شريفا.
مثل ما أن هناك منظومة أخلاقية وقانونية تمنع المواطن من التعدي على رجل الأمن خلال تأدية عمله، واحترام الشارة الملكية التي تستقر على كتفه، فمن الطبيعي أن تكون هناك منظومة قانونية وأخلاقية بالاتجاه الآخر تمنع رجل الأمن مزاولة العنف الخطر على المساجين، وإن كانوا مجرمين خطرين.. فمن أمن العقاب تمادى عنفه في بسط الجواب.
لم تكن الحادثة الأولى التي يرتكب فيها رجل أمن جريمة قتل بحق سجين، بسبب ثقل عيار التعذيب الذي يتعرض له شباب وفتيان صغار لدرجة الموت، ولم تكن المرة الأولى التي يزيف فيها الطب الشرعي نتيجة تشريح قتيل من هذا الصنف بسبب قسوة ولا إنسانية التعذيب التي يمارسها جندي موتور النفس، لا يلقى رقابة كافية من مرؤوسيه، القصص تتلاحق وتتكرر وتتقارب أحداثها، فيفجع أولياء أمور في فلذات أكبادهم وإن كان ابن تائه أو عاق، فالضنا غالي على والديه وأهله.
أليس غريبا أن نحارب العنف الأسري والعنف المجتمعي والعنف بكافة أشكاله ومسمياته داخل المنازل والشوارع والأماكن العامة، ونقدم المجرمين الذين يمارسون العنف للقضاء لأخذ العقاب، فيما العنف الحقيقي إن أفضى للموت أو لم يفضي لا يعامل كشروع بقتل نفس إنسانية لها احتمال بسيط على تحمل وحشية رجال أمن موتورين نفسيا، ساديين توصيفا يتلذذون تعذيب المساجين كفشة خلق ترتبط بأمزجة القاتل وهو يتدارى خلف أسوار السجون والمعتقلات والمراكز الأمنية، ويحتمي بوظيفته،
تعددت الحالات التي يمارس فيها رجال الأمن طرقا عنيفة لا إنسانية مع المساجين ربما على خلفية مواقف تكمن في عقلية رجل الأمن نفسه من قبل سجانين مرضى نفسيين يحولون طبيعتهم العنيفة إلى عنف رسمي يصل درجة القتل بإصرار تعذيبا.. فعل يجوز استخدام العنف بالطرق الوحشية ضد سجناء مقيدين لا حول لهم ولا قوة؟؟.
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية