قررت ، قررت ان اهرب من نفسي من سمعي من بصري من كل شيء ، قررت أن أهجر الكلمات و أغيب المعاني ، قررت أن أقتل أناي في صمت حتى يلتحق الجسد بروحه في أجل مسمى . لم أعد أحتمل ، لم أعد أحتمل أن أرى حقيقة عالمنا بأم عيني و أحسه بجوارحي وأدركه بعقلي . و أي عقل يستطيع حلَّ معادلات مجاهيلها تؤول إلى مالانهاية . لم أعد متأكدة من القوانين التي كنت قد ضبطتها و آمنت بها حين قلت مرحبا أيتها الحياة .تبا !! لقد جعلتني سذاجتي أثق فيها أكثر مما ينبغي !!
لذلك قررت أن أهرب من نفسي وأنسى كل الظلم الذي يجول حولنا في هذا العالم البئيس ، لقد كبرت و فهمت أن ما كان يقال لنا من شعارات ونحن صغار لا يوجد على أرض الواقع ، لقد كبرت و شاهدت بأم عيني وٱكتشفت أنهم كاذبون ، كلهم كاذبون عندما كانوا يقولون لنا أن حياة الانسان أغلى من كل شيء و أن الخير دائما ينتصر على الشر و أشهر أكاذيبهم حين كانوا يخبروننا أن الأطفال أبرياء كالملائكة لايتجرأ لشخص واع أن يلحق بهم السوء فبراءتهم تتعدى وحشية كل إنسان
لكن هيهات …
لقد شهدت كم من طفل قتل و ذبح و أحرق و شهدت كم من امرأة شريفة اُغتصبت و أبشع جرائمهم كانت بٱسم الأديان و رأيت كذلك كيف مجدوا وشرفوا من لاشرف له . و كيف اتبعوا أناسا لم يكن بينهم و بين الأخلاق و الثقافة إلا العدم .
كيف لنا ان نقيس بالمنطق بعد الان , لقد غاب المنطق ليس هناك منطق .
أقرأ ؟؟!! هل يجب أن أضيع وقتي و أبحث في التاريخ كي أكتشف حجم الانتكاسة في كل كتاب أقرأه ،كلا..
أم يجب أن أعتكف دراسة الفن كي أنس بشاعة الحياة وقساوة البشر ،ربما ...
أو أبحث في نواقض الساسة و روادها علَّني أفهم ألاعيبهم ، ما الجدوى ..
لذلك قررت ألا أقرأ، و أن أوقف عقلي وأكون المشاهد الصامت الذي يتفرج لمسرحيتهم بكل جدية و تفان ، و أكون الصدى الذي يتردد من حين لآخر تارة بهاشتاڭ و تارة أخرى بِلايك أوشير
و لكن هيهات …
لقد خسرت نفسي وأضعتها في متاهة لا مخرج لها ، فهل من عودة يا تُرى ؟؟ وإن عدت بأي وجه سأعود وهل سيكون هذا كافيا لأواجه مرارة الواقع بكل شجاعة ؟ حقا أجهل كل هاته التفاصيل و لكن ماأنا أكيدة منه عند عودتي حينها أنني سأقرأ وأقرأ وأقرأ ثم أكتب .
ولن أصدقهم .