رنّات متتالية على الجرس، ونبرة صوت عالية، أربكتني لوهلة..
- لولو..لولو.. افتحي بسرعة.
إنها ريمة،جارتي الغالية.. لكن.. ما الذي حصل.. ولم العجلة..
بخطوات سريعة، اتجهت نحو باب المنزل، وعشرات الأسئلة تراودني..
- هنئيني.. لقد اتصل محبوبي للتّو، وبشّرني أنه تمت الموافقة لاستقدام الزوجة. سأسافر إلى البلاد البعيدة، إلى حضن حبيبي..
= الحمد لله.. ألف مبارك.. خبر رائع.. أطيب الأمنيات لغدٍ قادم جميل..
تعانقنا وبكينا فرحاً.. فهي طالما انتظرت قبول الطلب لأشهر طويلة.. لقد عاشا الغرام لفصول عدة، وغادرها بعد وعدٍ قطعه على نفسه، أن يفعل المستحيل ليجتمعا من جديد في ظلّ أسرة واحدة.
لقد نالت ريمة فرصتها الذهبية، فمع موجة التدفق الكبير لأوروبا، لم تستطع معظم قصص الحب التي حملها العشاق في قلوبهم أن تستمر.. حتى الارتباطات الزوجية شهدت حالات الانفصال أحياناً.. شاهدت برنامجاً تلفزيونياً في أحد الأمسيات، يسلّط الضوء على علاقات الحب بين الرجل والمرأة، وما آلت إليه بعد الأزمة السورية واغتراب أحدهما، وجاءت الآراء متنوعة وكل حسب حالته..
قالت الأولى : أشعر باليأس، لأن العلاقة التي دامت ست سنوات فقدت تفاصيلها، بعد أن اختفى هو، ولم يعد بوسعي رؤيته أو التواصل معه متى أحببت.. وقررتُ أخيراً عدم الاحتفاظ بالعلاقة مع غياب اليوميات وتغيّر نوع المشاكل بيننا.. كما أكّدت أن للغيرة والمنظور العقلاني الدور الأكبر في تحول الحب إلى صداقة قوية مع شخص لن يكون لك..
الثانية.. وبعد أن ودّعتْ زوجها منذ أربعة أشهر، تحاول قدر الإمكان الإبقاء على رابط الود بينهما، وتراعي ظروفه والضغوط التي يتعرض لها داخل البلد، لكنها تجد صعوبة كبيرة في الإستمرار، وخاصة أن الشاشات لا يمكنها نقل المشاعر الملموسة..
أما الشاب العشريني، فقد اتخذ قراراً تحسبياً قبيل المغادرة، وأنهى علاقة لازالت في البدايات، معتقداً بوجود فرصاً أكثر في المستقر الجديد..
وفي النهاية أضافت الخبيرة الاجتماعية، أن كلّ من الرجل والمرأة، متّهم بالخيانة على حد سواء.. وإن استمرار قصة حب أو زواج، ترتبط بوعي الإنسان ومدى تمسكه بمبادئه ورغبته في إنجاح ومشاركة هذه العلاقة، مشيرةً إلى أن اختلاف المكان لا يمكنه فكّ عروة متينة، بل هو البعد بين الحبيبين من يكشف الستار عن أمور عميقة بداخلنا، وبالتالي تنكشف العلاقة.
الكثير من الخواطر راودتني بعد سماع تلك الروايات، لترسم دهشةً على حافة سؤال..
أيمكن لقصة حب، ومن مبدأ التعود، أن تتحول لصداقة..!!
كيف لعلاقة زوجية أن تستمر، مع بُعد المدى بين الشخصين.. ؟؟
الحكايات التي لم تكن موجودة سابقاً، وولدت مع تطور التكنولوجيا ووصول أحد الطرفين إلى البلاد الأوروبية، هل سيحكم عليها بالنجاح او الفشل ..؟؟
يقولون..هناك أناس بالحب ترتوي، وأخرى تبيع نفسها وتشتري، وبضع قليلة به ترتقي، وقد أصبح من الصعب أن تجد قلباً يمنحك السعادة كما ينبغي.. لكنني مازلت أؤمن، ورغم نغمة المسافات بيننا، أنكَ زهرة الصباح، وابتسامة عينيك هنائي وعطر تراتيلي..
الـــعَيْـنُ تُبـْـصِرُ مَن تَهْوَى وتَفقده
ونَاظِرُ القَلْبِ لا يَخْلُو مِـــن الـنَظَر
إن كَانَ لَيْسَ مَعْى فَالذِكرُ مِنهُ مَعْي
يَرَاهُ قَلْبِي وإنّ غَابَ عَنْ بَصَرِي ■
-
هالة سيراجيمهتمة بالمقالات الطبية و الأدبية
التعليقات
أظن أن كل علاقة إنسانية لها خصوصيتها ولا يمكن وضع نظام محدد تسير عليه جميع العلاقات .
بالتوفيق .