رائحة الموت قوية أرى أنها فواحة وتستحق أن تصنع في مصانع ,تملئ في قارورات ويحملها الكل في جيبه الأيسر بالقرب من قلبه حتى يتذكر ، أن كل ماعشناه وماسنعيشه هو مجرد لحظة، دقيقة واحدة بل ثانية كانت كفيلة بأن تمحي الفرح من وجوهنا أن تنتزعه من قلوبنا فنمضي فارغين، عاريين لايمكن لاي قطعة قماش أن تغطي مواجعنا وان  حدث وامتدت يد لنا سنقطعها بدون أي رحمة بدون شفقة.

صفية بنيتي تعالي لتساعديني والدك قال بأن لدينا ضيوف اليوم، اوووف يما كل يوم كل يوم كرهت،  قومي لا تتكاسلي ماذا علمتكم الضيوف يأتون ببركتهم وماوجب قوله هو يزورنا الخير، خرجت كعادتي لأجلب الماء من البئر التي تبعد كيلوميترات عن البيت وكعادتي دائما لم أعد في الوقت المحدد بل رحت مستلقية في الأرض التي  في كل مرة أزورها تبدو أنها تزداد بهاءا أتحسس العشب الأخضر تحتي تضللني شجرة معمرة ضربت بجذورها عرض الأرض وصممت أنها ستبقى شامخة الى الأبد مثل كل شيء هنا، حتى الحزن يضرب أعماقنا ويأبى أن يغادرنا بل ويصبح حليفنا فنتعود عليه ونتعايش به ومعه، رحت أتأمل السماء وأتطلع لرؤية الشمس صديقتي الصدوقة ،أشعتها تتسلل في كل مرة تخترق ظل شجرة السرو العملاقة فأشعر بدفئها وأنام.

بسم الله الرحمن الرحيم ، استيقظت وجسمي كله يرتعش فركت عيني مالذي يحدث أين أنا لا أزال في نفس المكان الشمس في مكانها  لكن لا أشعر بدفئها الشجرة في مكانها غير أن ظلها غادرني  قلبي دق ناقوس الخطر وصار يضرب بسرعة حتى فقدت توازني وانا اجري عائدة الى البيت أدعي أن لا يكون قد حضر الضيوف كي لا توبخني أمي . إستيقظي أمي فقد زارنا الخير، أبي أنظر للبركة التي زارتنا، أنظرا جاؤو وجلبو معهم اليتم, جراح طفولة لن تشفى خوف متجذر بداخل كل واحد منا الى يومنا هذا، كان والدا والدا والداي غارقين في بركة دمائهما الطاهرة زهقت روحيهما على يد جماعة إرهابية ظن والدي انهم بركة وظنت والدتي أنهم خير ، في تلك السنوات لم تسلم عائلة من بطشهم قتلو الجميع بدون استثناء لأسباب واهية نشرو الرعب كممو الافواه إغتصبوا طفولتنا وجعلونا نكبر قبل وقتنا ،فقدنا ثقتنا في الجميع بل حتى أنهم جعلونا مثلهم نعنف غيرنا متى سنحت لنا الفرصة فنقطع الأيادي التي تمد إلينا، صرنا هشين تبكينا كلمة ضحايا إرهاب وتدمينا الدنانير التي تصب في حساباتنا كل شهر دنانير لن ترد لنا من غيبوهم ولن تغنينا عن حاجتنا لدفئ عائلة ولم شمل، كبرنا بعقد نفسية وبشخصيات محطمة وإن عوضونا  بوعود  ردمها الزمن فمن يعيد لنا الأحباب.

ليت أمي تعلم أنني بحاجتها لتقول لي مرة أخرى بأننا نقول للضيف حين يقصدنا زارتنا بركة ليت أمي تعلم أن ماقضى عليها وغيبها عنا هم من قالو لهم زارنا الخير ليت أمي معي كي لا تتعسر أيامي وأشعر بنفسي ينقطع في كل يوم أعيشه بدونها ليت والدي هنا كي يعلمني أن إكرام الضيف حتى وإن كنا لا نعرفه ولا نعلم كيف وصل إلى منطقتنا النائية البعيدة عن كل الاخبار التي كانت تنقل إلينا وتعبر لنا عن الرعب التي تعيشه المدن الجزائرية وكنا نقابلها بسلام ودعاء لكي تتحسن الأحوال فلم نكن ندري أننا سنصير يوما فريسة لها. ليت أمي تعلم أنها الخير كله ومنذ رحيلها وأبي سادنا شر طويل.