إن قدرات النحل في بناء مساكنه وفي تحصيل أرزاقه يتجلى فيها حجم الكرم الإلهي الكبير لهذه الأمة من خلقه، التي اختصها الله بالرعاية والتكريم. وإن تكريم الله لأمة النحل لهو مظهر من مظاهر عطائه وكرمه للناس، لأن ثمرة جهد النحل في النهاية رزق لهم.
تُجمع أراء المتخصصين وتؤكد تقارير العلماء ، على أن بيوت النحل هي أكمل وأجمل وأدق وأرق وأنسب بناء يقيمه كائن حي لـ لنفسه في كل أنحاء الدنيا. وأن الإنسان مهما أوتي من علم في الهندسة لو شاء أن يقيم للنحل بيتاً أو يُعد له تصميماً لما استطاع أن يصمم أو يؤسس أفضل مما يقيم النحل لنفسه من بيوت.
فالنحل من أقدر المخلوقات على بناء بيت يبنيه مما يصنع من شمع، مصدره ومصدر كل ما يقدمه النحل هو رحيق الزهر.
ومجتمع النحل عدده كبير؛ إذ قد يزيد سكان الخلية عن ٨٠ ألف نحلة, يتعاون أفراده في بناء البيت الذي يسعهم جميعاً، أو هي بيوت صغيرة داخل الخلية قد يبلغ عددها عشرات الألوف. كل بيت صغير له أركان ستة وأضلاع ستة.
فالشغالات تبني البيت مسدس الشكل وفي أوسط هذه البيوت بيت الملك أو البيت الذي تقيم فيه الملكة، كما يعيش من حولها من يقوم على خدمتها من الأعوان والأتباع. ولقد اختار النحل أن تتوسطهم الملكة حتى تكون في القلب مشمولة بالرعاية والحراسة والأمان.
وتمتلك النحلة الشغالة تحت معدتها جيوباً أربعة صغيرة كل جيب له فتحة تفرز الشمع، ويتم ذلك في يوم التأسيس، وهو يوم يرفع النحل فيه درجة حرارة الخلية، إلى أقصى حد فيبدو جوف الخلية وكأن فيه ناراً موقدة إلى أن تظهر طبقات الشمع بيضاء شفافة.
تبدأ نحلة بوضع حجر الأساس بإحدى طبقات الشمع المنزلية من بطنها، ثم تواصل جموع النحل عملية البناء الذي تتجلى فيه روعة الفن وجمال الذوق وإبداع الهندسة، وذلك كله حسب خطة مرسومة إذ يقيم عيون اليرقات مثلاً في مكانها الطبيعي فلا تكون عالية أو منخفضة، قريبة أو بعيدة عن باب الخلية وإنما في المكان المناسب تماماً.
والنحل يبني ويراعي قوانين التهوية والمتانة وخصائص الشمع وطبيعة الطعام الذي سيقوم بتخزينه، وتتميز مخازن الشتاء على أن تكون قريبة من مناطق الحرارة المنبعثة من النحل ، كما يختار مواقع كهوف التفريغ كما يتم إنشاء الممرات والطرق التي تشمل كل الاتجاهات فتحول دون الزحام وتكفل التهوية لجميع بيوت الخلية.
ويُلاحظ أن سقوف البيوت مختلفة، فإذا كان النحل يعده كمخازن فإن السقف يكون كثيفاً ، وإذا كان يعده مكاناً لليرقات يكون خفيفاً, وإذا كان للتخزين و اليرقات, يكون متوسط الكثافة لأن الكثيف يقتل اليرقات، والخفيف لن يتسع للتخزين.
ويُنشئ النحل أربعة أنواع من الغرف:
فيقيم الغرفة الملكية
ثم الغرف الصغيرة وهي مهود للعمال
ويقيم المخازن العادية التي تشمل أربعة أخماس سطح الخلية
ثم يقيم غرف الانتقال للوصل بين الغرف الكبير والصغيرة.
وكل غرفة من هذه الغرف هي أنبوبة مسدسة الأضلاع على قاعدة هرمية، أي كل بيت صغير له أضلاع ستة وأركان ستة، إذ إن الشكل المسدس أصلح من حيث المتانة والراحة، ويجعل أرض الغرفة مؤلفة من ثلاثة أسطح تلتقي في نقطة قد تيسِّر للبنائين أن يُقصدوا في المادة أو خامات البناء كما يُقصدوا في الجهد المبذول.
والشيء الغريب أن النحل في كل أماكن الدنيا يبني بيوته بمواصفات ومقاييس واحدة. ولم يتوصل فكر الإنسان إلى تصميم بيت أنسب منها لتربية النحل.
https://www.nabdaqlam.website/2023/05/bees.html
-
نبض أقلاممدون من الاردن يهتم بالثقافة العامة بشتى أشكالها